بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران.. ما هو مصير نتنياهو؟

بقلم – سلمى سمير:
في أعقاب أعنف اشتباك عسكري بين إسرائيل وإيران، اتفق الجانبان على وقف إطلاق نار هشّ بعد أيام من القصف المتبادل في عمق الأراضي الإسرائيلية والإيرانية. ورغم توقف إطلاق الصواريخ، لا تزال هناك تساؤلات في المجتمع الإسرائيلي حول “ثمن الحرب”، وهل حققت أهدافها حقًا أم أنها كانت مجرد مغامرة سياسية دفع ثمنها المدنيون. ويبقى السؤال الأهم: ماذا ينتظر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؟
قاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العملية العسكرية على أمل أن تكون ضربة استباقية تُوقف البرنامج النووي الإيراني وتُعزز مكانته محليًا. مع ذلك، تشير التقديرات الأولية إلى أن نشوة النصر لن تدوم طويلًا على الأرجح. فالخسائر الفادحة قد تُثير تساؤلات حول المساءلة، وقد تُعرّض حظوظه السياسية للخطر.
مصير نتنياهو
أكد الدكتور أحمد فؤاد نور، الباحث المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، في تصريحات خاصة لايجي برس، أن نتنياهو قاد عملية 13 يونيو/حزيران، معتقدًا أنه قادر على تحقيق نصر سريع وغير مكلف، وأن إيران سترفع الراية البيضاء بعد الضربة الأولى. كما اعتقد أن الدعم الأمريكي المتوقع سيضمن استسلامًا إيرانيًا كاملًا، وهو ما لم يحدث.
صرّح نور بأن هذه الحسابات كانت “وهمًا” من جانب نتنياهو، وأنه لم يجنِ من هذه المغامرة سوى تعميق الجراح الداخلية الإسرائيلية. وأضاف أن رئيس الوزراء سعى إلى استخدام الحرب كورقة ضغط لصرف الانتباه عن محاولاته للسيطرة على القضاء بعد ترسيخ نفوذه على السلطتين التنفيذية والتشريعية من خلال السيطرة على الكنيست وتشكيل الحكومة.
وأضاف: “يريد نتنياهو تقييد السلطة القضائية، وهي الضامن الوحيد لنفوذه. وهذا يُشكل تهديدًا خطيرًا لمبدأ فصل السلطات في النظام الديمقراطي الإسرائيلي، وقد أثار قلقًا عامًا كبيرًا”.
أشار نور إلى أن مقارنة الوضع الحالي بالحروب السابقة تُظهر بوضوح حجم الاختلاف. ففي عام ١٩٨٢، كان شمال إسرائيل فقط هو المُهدد، وكانت العملية تُسمى “سلام الجليل”. أما اليوم، فإن جميع المناطق الداخلية، من تل أبيب إلى بئر السبع، تتعرض لقصف صاروخي، بينما يُبلغ الإسرائيليون عن خسائر بشرية ومادية مجهولة.
وأكد أن الرأي العام الإسرائيلي لا يزال يفكر في الأسرى الذين تم تجاهل قضيتهم تمامًا خلال التصعيد، مما يزيد من حدة الغضب الشعبي. وأكد أن الأحداث، بمجرد أن يتضح حجم الخسائر، ستمثل نقطة تحول في المشهد السياسي.
قال نور إنه في المرحلة المقبلة، قد تتصاعد الاحتجاجات الشعبية، وقد تُبذل محاولات لسحب الثقة من الحكومة في الكنيست، خاصةً إذا تخلت بعض أحزاب الائتلاف عن نتنياهو مقابل ضمانات سياسية من المعارضة. وأشار إلى أن المعارضة استعدت لحل الكنيست قبل اندلاع الحرب، ويمكنها استغلال الفرصة مجددًا.
وأشار أيضًا إلى أن المحكمة العليا تحث الحكومة على تجنيد جميع المواطنين، بمن فيهم الحريديم، في الجيش. وقد تؤدي هذه الخطوة إلى مزيد من الصراع الداخلي.
“نشوة مؤقتة بالنصر… لكن الحساب قادم.”
في المقابل، يرى الدكتور حسن مهراج، المحلل المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، أن نتنياهو يعيش حاليًا حالةً تُشبه “نشوة النصر” في إسرائيل. إذ تعتبره شرائح واسعة من الجمهور شخصًا تجرأ على مهاجمة إيران، مما أكسبه دعمًا كبيرًا، مما قد يدفعه إلى الدعوة إلى انتخابات جديدة قريبًا.
قال مهراج لايجي برس: “كان التقييم العام بعد ساعات قليلة من وقف إطلاق النار إيجابيًا لصالح نتنياهو. تحتفي به وسائل الإعلام العبرية كقائد حمى الأمن القومي وقاد الحرب بنجاح. البعض يُطلق عليه الآن لقب ملك، والبعض الآخر يراه ضامنًا لمستقبل إسرائيل”.
لكن الخبير أكد أن هذه الصورة “لن تدوم طويلًا”، خاصة بعد أن انكشفت حقيقة الخسائر التي أخفتها الرقابة العسكرية حتى الآن. وقال: “الحقيقة أن ما حدث كشف هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية وقدرتها على الصمود في وجه هجوم واسع النطاق من طهران وحلفائها. حتى الملاجئ لم تكن آمنة كما كان يُعتقد”.
وأوضح محاريج أن تدمير البنية التحتية في تل أبيب، المركز الاقتصادي لإسرائيل، أحدث صدمة نفسية عميقة، حيث اعتاد الإسرائيليون على رؤية مثل هذا الدمار في قطاع غزة فقط، وليس في مدنهم.
وفيما يتعلق بالجدوى العسكرية للعملية، قال: “لقد ألحقت الهجمات الإسرائيلية أضرارًا جزئية بالبنية التحتية النووية الإيرانية، لكنها لم تدمرها بالكامل. ولم تُغير من طبيعة النظام الإيراني، ولم تُحدث فوضى داخلية، كما كان يأمل نتنياهو. وهذا فشل سياسي وعسكري على حد سواء”.
وحذر من أن استمرار خطاب النصر قد يرتد على نتنياهو لاحقا، خاصة إذا تبين أن الأهداف لم تتحقق، فيما تكبدت إسرائيل خسائر بالمليارات إضافة إلى الخسائر البشرية والمعنوية.
وأكد محيرج أنه من المحتمل جداً أن تنشأ لاحقاً حركة معارضة واسعة تطالب بإقالة نتنياهو أو محاكمته إذا كشفت التحقيقات الداخلية أن العملية لم يتم التخطيط لها بشكل كافٍ أو أن نتائجها لا تستحق الثمن الباهظ.
وأشار أيضًا إلى أن أحد أهداف الحرب كان إحداث انقسام داخلي في إيران، وهو ما لم يحدث. بل على العكس، صمد الجبهة الإيرانية في وجه الهجوم، وحافظت طهران على قوتها الرادعة ومكانتها كقوة إقليمية.
وأكد أن الأهم هو أن يقف الموقف العربي والإسلامي سياسيا وأخلاقيا خلف إيران في هذا الوضع غير المسبوق، والذي وصفه بـ”الضربة الرمزية” لصورة إسرائيل كقوة لا تقهر.