“العين بالعين”.. كيف تتطور ضربات إيران وإسرائيل؟

بقلم: سلمى سمير
قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس يوم الاثنين: “سنشن هجومًا غير مسبوق على إيران”، مهددًا النظام الإيراني بدفع ثمن باهظ. جاء ذلك بعد الهجمات الشرسة على الجبهة الداخلية الإسرائيلية في وقت سابق من هذا الشهر، والتي أعقبها هجوم تل أبيب على البنية التحتية للكهرباء في إيران.
شنت إيران هجومًا صاروخيًا واسع النطاق على إسرائيل فجر اليوم. وهو الأطول والأشد منذ بدء التصعيد العسكري في المنطقة. وجاء الهجوم ردًا على الهجمات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية.
في غضون عشرين دقيقة فقط، أعلنت قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية رصدها أربع موجات متتالية من الهجمات الصاروخية الإيرانية التي أُطلقت من اتجاهات مختلفة على أهداف في شمال وجنوب إسرائيل. وقد تسبب ذلك في تعطيل واسع النطاق للبنية التحتية، وأثار حالة من الذعر والاضطراب في المنشآت المدنية والعسكرية.
الحرائق وانقطاعات الكهرباء
وفقًا لوكالة الدفاع المدني الإسرائيلية، كان من بين أكبر الأضرار الناجمة عن الهجوم الحرائق التي اندلعت في مدينة صفد شمال إسرائيل إثر سقوط صاروخ أو شظايا صاروخية. كما أكدت وزارة الطاقة انقطاع الكهرباء عن أكثر من 8000 منزل في مدينة أشدود جنوب إسرائيل إثر الهجوم على محطة توليد كهرباء “استراتيجية”. وأكدت شركة كهرباء إسرائيل هذا البيان أيضًا.
وخلال القصف دوت صفارات الإنذار في أنحاء إسرائيل، بما في ذلك العاصمة تل أبيب والقدس المحتلة ومرتفعات الجولان والساحل وعسقلان في الجنوب.
اضطر الكنيست الإسرائيلي إلى تعليق جلساته بعد انطلاق صفارات الإنذار. ولجأ أعضاء البرلمان إلى الملاجئ، وهو مشهد يعكس حجم التهديد الذي تشكله القصف الإيراني. وأفادت القناة 13 التلفزيونية الإسرائيلية بسقوط أربعة صواريخ على أهداف مباشرة: ثلاثة في الجنوب وواحد في الشمال. وأشارت تقارير أخرى إلى سقوط صاروخ قرب جنوب القدس المحتلة.
أصدرت سلطة الموانئ والملاحة البحرية الإسرائيلية تعليمات عاجلة لمستوردي السيارات للاستعداد لإخلاء جميع المركبات الكهربائية من الموانئ الإسرائيلية.
أشارت الوكالة إلى أن المركبات الكهربائية والهجينة معرضة بشدة لخطر الحرائق الخطيرة، ولذلك اتخذت إجراءات احترازية للحد من المخاطر في حال وقوع هجمات على الموانئ. وتشمل الأوامر إخلاء هذه المركبات من ميناءي حيفا وأشدود، وهما من أكبر موانئ إسرائيل.
ردّت إسرائيل بإعلان هجوم كبير على العاصمة طهران، مشيرةً إلى هجمات على محطات طاقة إيرانية. وأكدت وكالة أنباء مهر الإيرانية ذلك، حيث أفادت بأنه في إطار التصعيد العسكري المستمر بين الجانبين، تضرر خط كهرباء في منطقة إيفين شمال طهران جراء هجوم إسرائيلي على منشآت إيرانية.
رغم الأضرار التي لحقت بشبكة الكهرباء، أكدت الوكالة أن الحادث لم يؤدِّ إلى انقطاع واسع النطاق للتيار الكهربائي في شمال طهران. ولا تزال إمدادات الكهرباء تعمل بشكل شبه طبيعي في معظم المناطق.
المطارات في المطارات
من إمدادات الطاقة إلى المطارات: في أعقاب الهجوم الأمريكي على محطات الطاقة النووية الإيرانية، شنّت طهران هجمات على مطار بن غوريون الإسرائيلي. وأعلنت القوات الإيرانية أنها شنّت هجومًا صاروخيًا واسع النطاق على عدة مواقع في إسرائيل، بما في ذلك مطار بن غوريون، مدّعيةً أن ذلك كان جزءًا من الرد على الهجوم الأمريكي.
ونقلت وكالة أنباء فارس الإيرانية عن بيان رسمي للقوات المسلحة قوله إن الهجوم كان جزءا من “الموجة العشرين من عملية الوعد الحقيقي 3″، والتي استخدمت فيها إيران مزيجا من الصواريخ طويلة المدى التي تعمل بالوقود السائل والصلب ذات الرؤوس الحربية شديدة التدمير.
وبحسب البيان فإن الأهداف الإسرائيلية شملت مطار بن غوريون ومركز أبحاث بيولوجي وقواعد لوجستية وعدد من مراكز القيادة والسيطرة العسكرية الإسرائيلية.
وأعلنت إسرائيل حينها أنها نفذت موجة واسعة من الغارات الجوية على ستة مطارات عسكرية في إيران، في إطار تصعيد الموقف بين الجانبين منذ بدء المواجهة قبل أحد عشر يوما.
وبحسب تقرير مفصل نشرته صحيفة جيروزالم بوست، فإن الهجمات الإسرائيلية استهدفت منشآت عسكرية استراتيجية في غرب وشرق ووسط إيران، مما ألحق أضرارا كبيرة بالمدرجات والمخابئ تحت الأرض وطائرات مقاتلة من طراز F-14 وF-5 وطائرة هجومية من طراز AH-1 وطائرة ناقلة – وكلها تابعة للجيش الإيراني.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن هدف الغارات الجوية كان “تعزيز السيطرة على المجال الجوي الإيراني”، مشيرا إلى أن الطائرات التي تعرضت للهجوم “كانت مخصصة للاستخدام ضد إسرائيل”.
لم تقتصر الهجمات على المطارات. فقد أكدت الصحيفة أن أكثر من 15 طائرة مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي شنت هجمات على مواقع إطلاق وتخزين صواريخ أرض-أرض في مدينة كرمانشاه غرب إيران. وتمثل هذه المواقع، وفقًا لإسرائيل، “تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الإسرائيلي”.
الاقتصاد من أجل الاقتصاد
مع تصاعد التوترات بين الجانبين، شنّت إسرائيل هجمات مباشرة على مواقع استراتيجية في قطاع الطاقة الإيراني، مستهدفةً منشآت نفط وغاز تُعتبر حيوية لاقتصاد طهران. هاجمت تل أبيب عدة منشآت طاقة في إيران، بما في ذلك مستودع وقود وغاز في منطقة شهر الري يضم ما لا يقل عن أحد عشر خزانًا للتخزين، بالإضافة إلى مصفاة شهر الري، إحدى أكبر مصافي النفط في البلاد.
استهدفت الهجمات أيضًا حقل غاز جنوب فارس، أحد أكبر حقول الغاز في العالم، وركيزة أساسية في إنتاج الطاقة الإيراني. يقع الحقل في الخليج، وتستخدمه إيران وقطر بشكل مشترك.
ورغم حجم الأضرار، فإن الهجمات الإسرائيلية لم تؤثر حتى الآن على المنشأة الأكثر حساسية في قطاع الطاقة الإيراني، جزيرة خرج، التي تعتبر أهم نقطة تصدير للنفط الإيراني.
من جانبها، وفي إطار “سياسة المساواة” التي تنتهجها، شنت إيران هجمات مباشرة على المولدات الرئيسية لمصفاة حيفا، مما أدى إلى اندلاع حرائق واسعة النطاق في المجمع الصناعي. وزعمت إسرائيل أن طهران أطلقت أكثر من 100 صاروخ في الهجوم الذي وقع ذلك اليوم، واستهدف بعضها البنية التحتية المدنية، وخاصة مصفاة حيفا.
أكدت شركة بازان، مشغلة مصافي النفط في حيفا، تضرر أحد خطوط إنتاجها جراء الهجوم، لكنها أكدت أن منشآت التكرير لا تزال تعمل. ومع ذلك، انخفضت أسهم الشركة بنسبة 2.8% في بورصة تل أبيب، مما يشير إلى مخاوف بشأن تأثير الضربة.
تتمتع حيفا بأهمية استراتيجية بالغة. فهي ثالث أكبر مدينة في إسرائيل، وتضم أكبر ميناء في البلاد، ومجمعات صناعية مهمة، بما في ذلك مصافي النفط ومصانع البتروكيماويات التي تعالج حوالي 200 ألف برميل من النفط الخام يوميًا.