“اللعبة لم تنتهِ”.. ماذا حدث بعد الضربة الأمريكية لمنشآت إيران النووية؟

بقلم: سحر عبد الرحيم
شاركت الولايات المتحدة بشكل مباشر في القتال الدائر بقصفها ثلاث منشآت نووية إيرانية. أدى ذلك إلى اندلاع مواجهة بين إسرائيل وإيران، وألحق أضرارًا بالغة ببرنامج طهران النووي، الذي لطالما سعت واشنطن إلى إنهائه. وهذا قد يُدخل المنطقة في تصعيد غير مسبوق.
بحسب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإن جميع المنشآت النووية الإيرانية تضررت بشدة و”دمرت” فعليًا. وأوضح أن الضرر الأكبر الذي لحق بالمنشآت النووية وقع في أعماق الأرض، وأن صور الأقمار الصناعية أظهرت حجم الدمار.
كان للهجوم الأمريكي تداعياتٌ وخيمة: شنّت إيران موجةً من الغارات الجوية، واستخدمت، لأول مرة، صواريخ خيبر شيخان الباليستية متعددة الرؤوس ضد إسرائيل. كما صوّت البرلمان الإيراني يوم الأحد على إغلاق مضيق هرمز ذي الأهمية الاستراتيجية.
رد إيراني غير مسبوق بالصواريخ الباليستية
بعد ساعات قليلة من الهجوم الأمريكي، أطلقت إيران صاروخين على إسرائيل صباح الأحد. تسببا بدمار واسع النطاق عندما سقطا مباشرة على عدة مناطق إسرائيلية، بما في ذلك تل أبيب وحيفا. وأسفرت الصواريخ عن إصابة أكثر من 27 شخصًا، ودوّت صفارات الإنذار في عدة مناطق إسرائيلية.
وكان الهجوم الإيراني، الذي تضمن إطلاق 40 صاروخا باليستيا تعمل بالوقود الصلب والسائل، وتحمل رؤوسا حربية شديدة الانفجار وقابلة للمناورة، بمثابة إجراء انتقامي للضربات الجوية الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية.
وفقًا لوكالة تسنيم للأنباء، هدد الجيش الإيراني الولايات المتحدة يوم الاثنين بعمليات واسعة النطاق وعواقب وخيمة ردًا على “جريمتها”. كما أدان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الهجوم العسكري الأمريكي، واصفًا إياه بـ”العدوان الخبيث وغير القانوني”. وحمّل الحكومة الأمريكية مسؤولية العواقب الوخيمة.
خلال مؤتمر صحفي عُقد في إسطنبول، تركيا، يوم الأحد، أكد عراقجي أن إيران سترد على الهجمات دفاعًا عن النفس، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل تجاوزتا الخط الأحمر بهجماتهما على المنشآت النووية.
وفي هذا السياق، حذر علي شمخاني مستشار المرشد الأعلى الإيراني من أن “اللعبة لم تنته” حتى لو نجحت الولايات المتحدة وإسرائيل في تدمير المنشآت النووية الإيرانية من خلال الهجمات، حسبما ذكرت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية يوم الأحد.
وفي سياق منفصل، قال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف، بحسب صحيفة إسرائيل اليوم الأحد، إن “عددا من الدول مستعدة لتزويد إيران بالأسلحة النووية”.
إغلاق مضيق هرمز
رغم أن إيران هددت مراراً وتكراراً بإغلاق مضيق هرمز في السنوات الأخيرة وامتنعت عن القيام بذلك بسبب الأضرار الكبيرة التي سيسببها ذلك للاقتصاد العالمي، إلا أنها هذه المرة نفذت تهديدها ووافق البرلمان الإيراني على إغلاق المضيق يوم الأحد.
مع ذلك، لا يزال قرار إغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي يتطلب موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي، وفقًا لقناة برس تي في الإيرانية الرسمية. وصرح قائد الحرس الثوري، إسماعيل كوثري، لنادي الصحفيين الشباب بأن إغلاق المضيق لا يزال مطروحًا، مؤكدًا: “سيتم اتخاذ قرار إذا لزم الأمر… جميع الخيارات متاحة”.
دعا وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الصين إلى دعم الضغط على إيران لمنع إغلاق مضيق هرمز. وصرح لشبكة فوكس نيوز يوم الاثنين: “أحث الحكومة الصينية في بكين على التواصل معهم في هذا الشأن، إذ تعتمد الصين اعتمادًا كبيرًا على مضيق هرمز في إمداداتها النفطية”.
يُعد مضيق هرمز أحد أهم الممرات البحرية في العالم، إذ يمر عبره حوالي 20% من صادرات النفط والغاز العالمية. لذا، يُثير إغلاقه الوشيك قلق الأسواق العالمية. يقع مضيق هرمز بين سلطنة عُمان وإيران، ويربط خليج عُمان ببحر العرب. وتعتمد العديد من الدول على هذا المضيق في معظم صادراتها النفطية.
الهجمات الإسرائيلية على إيران
في الساعات الأولى من صباح الأحد، أعلنت إسرائيل حالة التأهب وشدّدت القيود في جميع أنحاء البلاد. وواصل سلاح الجو الإسرائيلي هجماته على إيران، مستهدفًا قاعدتين عسكريتين في مدينة بوشهر الساحلية جنوب غرب البلاد. ووفقًا لوسائل إعلام إيرانية، سُمع دوي انفجارات عنيفة في المحافظة، التي تضم محطة الطاقة النووية الوحيدة العاملة في البلاد.
كما شنّت قوات الاحتلال هجمات على محافظة يزد وسط إيران، وقصفت مقرين عسكريين. في غضون ذلك، أفادت وكالة مهر الإيرانية للأنباء باعتراض الدفاعات الجوية أهدافًا معادية في أجواء محافظة أصفهان وسط إيران. كما صدت الدفاعات الجوية هجومًا إسرائيليًا آخر على مدينة دزفول بمحافظة خوزستان جنوب غرب إيران.
من جانبه، أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية، لكنه أكد: “لن نسمح لأنفسنا بالانجرار إلى حرب استنزاف، لكننا لن ننهي هذه العملية التاريخية قبل أن نحقق كل أهدافنا”.
وذكرت القناة السابعة الإسرائيلية، الأحد، أن نتنياهو اقتحم باحات المسجد الأقصى وتوجه إلى الحائط الغربي “ليشكر الله على مساعدته في تحقيق النصر الكامل على إيران ووكلائها في أعقاب الهجوم الأمريكي على إيران”.
المخاوف بشأن الأمن الداخلي في الولايات المتحدة
عززت السلطات الفيدرالية في عدة مدن وولايات أميركية إجراءاتها الأمنية، الأحد، وتراقب التهديدات المحتملة بالرد الإيراني على الضربات الجوية الأميركية على المنشآت النووية في طهران، وفق ما ذكرت شبكة “سي إن إن”.
وتم وضع قوات إنفاذ القانون والقادة الأميركيين في حالة تأهب قصوى، وصرحت وزيرة الأمن الداخلي الأميركية كريستي نويم: “سنعمل بلا كلل لحماية الوطن الأميركي”.
وفي هذا السياق، أعلنت شرطة نيويورك أنها تراقب التطورات في إيران و”تقرر، من باب الحيطة والحذر، تخصيص موارد إضافية للمواقع الدينية والثقافية والدبلوماسية في جميع أنحاء مدينة نيويورك، وتنسق مع شركائنا الفيدراليين”.
وقالت عمدة لوس أنجلوس كارين باس إن شرطة المدينة عززت دورياتها بالقرب من أماكن العبادة وغيرها من المناطق الحساسة، مضيفة “سنواصل اليقظة لحماية مجتمعاتنا”.
أعلنت شرطة العاصمة واشنطن أنها ستحافظ على تواجد مكثف خارج المؤسسات الدينية. وقالت عمدة المدينة موريل باوزر: “نراقب المعلومات معًا، وكما هو الحال دائمًا، نطلب من الجميع توخي الحذر”.