كارمن.. مغامرة مسرحية جديدة على مسرح الطليعة

ناصر عبد المنعم: استخدام التقنيات السينمائية في العرض يشكل تحديًا كبيرًا. • ريم أحمد: تمثيل دور كارمن هو حلم حياتي… ووقعت في حبها بسبب سيمون • ميدو عبد القادر: مثل جوزيه، جميعنا نعاني داخل أنفسنا من الاختيار بين العاطفة والواجب.
تستمر مسرحية «كارمن» في قاعة زكي طليمات بمسرح الطليعة، حيث يعود المخرج ناصر عبد المنعم بعد أربع سنوات من آخر عرض له لمسرحية «أحدب نوتردام».
يقدم العرض قراءة جديدة لرواية “كارمن” للكاتب بروسبر مريميه، مقتبسة من مسرحية محمد علي إبراهيم. العمل من إنتاج فرقة الطليعة ببيت الفنون المسرحية. ويضم فريق العمل: ريم أحمد، ميدو عبد القادر، نهال فهمي، محمد حسيب، آية خميس، عبد الرحمن جميل، أحمد علاء، محمد العرجاوي، وأحمد البدالي. تصميم الديكور: أحمد شربي، الموسيقى: حازم الكفراوي، وتصميم الرقصات: سالي أحمد. تدور أحداث قصة “كارمن” الرومانسية حول “خوسيه”، الجندي الذي يقع في حب امرأة غجرية متقلبة المزاج، فتحوّله من جندي مثالي إلى مجرم مطلوب. هذا الحب الجارف يقوده في النهاية إلى المشنقة بعد طعنها بسكين.
وعن فكرة اختيار المخرج ناصر عبد المنعم لهذه الرواية المُقتبسة، قال: “كارمن من أعظم الروايات الكلاسيكية في العالم. كتبها الفرنسي بروسبير مريميه عام ١٨٤٥، وتوفي قبل أن يشهد نجاحها. وحققت الرواية نجاحًا باهرًا، ولم تكتسب شهرتها إلا بعد ثلاثين عامًا، عام ١٨٧٥، عندما قدّم جورج بيزيه أوبرا كارمن بموسيقاها الشهيرة. وبدأ العالم يُولي الرواية اهتمامًا، فتم تقديمها في العديد من الأعمال المُقتبسة”.
وأضاف: “جاءت فكرة البدء بهذا البناء الدائري في نهاية القصة، ثم تقديمها في لقطات استرجاعية، بحيث يكون المشهد الأول هو الأخير، لأننا أردنا البدء من اللحظة الشهيرة التي قُتلت فيها كارمن على يد خوسيه، ثم استخدام أسلوب السرد للعودة والتنقل بحرية بين الأزمنة والأماكن. هذا تحدٍّ كبير على المسرح. على مدار العرض الذي استمر ساعة ونصف، أخذنا الجمهور إلى ثمانية مواقع دون انقطاع للتيار الكهربائي على المسرح”. وأوضح: “اعتمدت على تقنيات سينمائية، والتي أعتقد أنها تتناسب تمامًا مع فكرة تحويل الرواية إلى مسرحية. فالرواية تنبض بالحياة من السرد، والمسرح ينبض بالحياة من الحبكة. وكان الجمع بين الاثنين والانتقال عبر الزمان والمكان التحدي الأكبر”.
ويرى أن هذه المعالجة هي الأقرب إلى جوهر الرواية الأصلية بين كارمن وخوسيه، وهو يعتمد على السرد لأن ثقافتنا العربية تقوم على السرد.
وعلق قائلاً: «كان هدفي هو تحقيق تكامل ثقافتنا العربية من خلال السرد الروائي العالمي».
أكد ناصر عبد المنعم على ضرورة تقديم روائع الأدب المصري والعربي والعالمي بين الحين والآخر. وقال: “نحن أمام عمل من روائع الأدب العالمي. كارمن تناقش فكرة إنسانية لا تحدها حدود الزمان والمكان، فكرة تتجاوز بين الحين والآخر كل الآفاق الزمانية والمكانية. لا بد من تقديم هذا الأدب العالمي لأن هناك أجيالًا جديدة يجب أن تتعرف عليه. تحمل الرواية الصراع الكلاسيكي الذي نشأ مع بدايات الدراما في اليونان في القرن الخامس قبل الميلاد، وهو الصراع بين العاطفة والواجب. الصراع الأعظم في هذه الرواية هو الصراع بين ثقافة الغجر وثقافة كارمن، وهو صراع لا سبيل إلى بلوغه، ألا وهو فكرة الحرية المطلقة”.
وعن اختياره للممثلة ريم أحمد لدور “كارمن”، قال المخرج: “مثّلت ريم معي في طفولتي في “كوكب ميكي” و”لص بغداد” على مسرح البالون. إنها موهوبة جدًا، وحلّت لي مشكلة كبيرة بالجمع بين الرقص الاستعراضي والتمثيل، حيث درست الباليه والمسرح”.
قالت بطلة المسلسل، ريم أحمد: “كان أداء دور كارمن حلم حياتي. وقعت في غرام الشخصية منذ أن رأيت سيمون تغنيها مع محمد صبحي لأول مرة. كنت مفتونة بالرقص الإسباني. عندما التحقت بالسنة الأخيرة في معهد الباليه، التحقت بدور “رقصات شعبية” ولعبت فيه دور كارمن. كنت أرغب في تجسيد هذه الشخصية على المسرح. قبل ثماني سنوات، أرسل لي الكاتب محمد علي إبراهيم عرضه المسرحي. كان مخرجًا آنذاك وطلب مني تجسيد دور كارمن، لكنني كنت مسافرة. عندما أخبرني المخرج ناصر عبد المنعم برغبته في تجسيد كارمن، وافقت دون تردد. لم أكن أعلم أنها نفس المعالجة التي قرأتها وأعجبت بها من قبل، وأنني أرغب في تمثيلها لأنها تناولت الأحداث بطرق مختلفة، وقدمتها كمونتاج، وكأنها اقتباس سينمائي على خشبة المسرح. ورؤية إخراجية من المخرج الكبير ناصر عبد المنعم. هذا جعل الحلم يتحقق أكثر مما كنت أتمناه”.
عن استعدادها للدور، قالت ريم أحمد: “كانت فكرة استقبال الجمهور لأدائي مرعبة بالنسبة لي، خاصةً أنهم يربطونني دائمًا بالطفلة هدى في “مذكرات واني”. علاوة على ذلك، تتمتع الشخصية بكاريزما مميزة، حفظتها عن ظهر قلب، وعقدتُ جلسات تحضيرية عديدة مع مخرج وكاتب السيناريو ليصل “كارمن” إلى الجمهور بطريقة أصيلة وصادقة، تتجاوز الصورة التقليدية للعاهرة. شاهدتُ نسخًا مختلفة من أوبرا “كارمن” قبل العرض، وكانت لديّ فكرة واضحة عن الملابس التي صممها أحمد شربي. كان متعاونًا، ويعلم تمامًا أن ملابس الراقصة تختلف عن ملابس الممثل العادي. بالطبع، كل هذا كان خاضعًا لرؤية المخرج”.
وأكدت ريم أن أفضل جملة سمعتها من الجمهور كانت “لا نعرف هل نحبك أم نكرهك”.
وأعربت عن سعادتها بوصول مشاعرها الصادقة إلى الجمهور، حيث لم تكن تتوقع ردود الفعل هذه بسبب شخصية كارمن المعقدة.
يقول نجم المسلسل، ميدو عبد القادر، إن أكثر ما أبهره في النص هو أن المسرحية لا تسير وفق التسلسل الطبيعي للأحداث، بل وفق لقطات استرجاعية. شكّل هذا تحديًا للممثل، إذ تسير الأحداث وفق تسلسلها الطبيعي.
وقال: إن شخصية “خوسيه” في هذا النص تعتبر راوية القصة، وفي نفس الوقت تجسد الشخصية الرئيسية للعرض والقصة نفسها.
وتابع: “أكثر ما جذبني هو التغيرات التي تطرأ على الشخصية. فكرة ضابط يتخلى عن مبادئه وأحلامه من أجل امرأة يقع في حبها من النظرة الأولى، ويخسر كل شيء من أجل هذا الحب. خوسيه شخصية معقدة هنا”.
وأضاف: “الانتقال بين فترات زمنية على خشبة المسرح في وقت قياسي أمرٌ مُرهق ولكنه ممتع، وقد كنتُ سعيدًا بأداء خوسيه في هذا الأداء تحديدًا. كل هذا يُمثل تحديًا ومثيرًا في آنٍ واحد للممثل”. وعن استعداده للدور، قال عبد القادر: “بدأتُ تحضيري باللياقة البدنية والتدريب البدني لاكتساب المرونة اللازمة. قرأتُ الرواية الأصلية وشاهدتُ أوبرا كارمن. وخلال بروفات الطاولة، عقدتُ جلسات مكثفة مع المخرج ناصر عبد المنعم، مع التركيز على اللغة العربية الفصحى وإتقانها. انعكس ذلك على رد فعل الجمهور، الذي وجد العرض بسيطًا وسهلًا ومفهومًا. حاولتُ أن أضع نفسي مكان شخصية “خوسيه”. جميعنا نحمل هذا الصراع في داخلنا، صراع العاطفة والواجب. وتابع: “هذا أول تعاون عملي بيني وبين ريم أحمد. كنا زميلين في معهد الفنون المسرحية، لكننا لم نتبادل الخبرات خلال دراستنا. كان من المفترض أن نتعاون في مشاريع فنية، لكن هذا لم يحدث. العمل معها ممتع لأنها مجتهدة للغاية. لقد ناقشنا علاقة كارمن بخوسيه بعمق”.