بعد تصريحات ترامب.. هل تتدخل الولايات المتحدة في الحرب الإسرائيلية على إيران؟

منذ 6 ساعات
بعد تصريحات ترامب.. هل تتدخل الولايات المتحدة في الحرب الإسرائيلية على إيران؟

بقلم : أسماء البطكوشي

نريد استسلامًا غير مشروط، ونعرف تمامًا مكان اختباء المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، لكن هذا ليس هدفنا حاليًا. بهذا التصريح، صعّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوترات مع طهران، مع تصاعد الحرب بين إسرائيل وإيران لليوم الخامس على التوالي. وتثير هذه التصريحات الأمريكية تساؤلات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستشارك مباشرةً في العمليات، أم ستكتفي بالدعم الاستخباراتي والعسكري السري.

في بيانٍ له على منصته “تروث سوشيال” يوم الثلاثاء، وصف ترامب خامنئي بأنه “هدف سهل”، وقال: “صبر أمريكا ينفد”. وأضاف: “نعرف تمامًا أين يختبئ ما يُسمى بـ”المرشد الأعلى”. إنه هدف سهل، لكنه آمن هناك. لن نقضي عليه، على الأقل ليس الآن، لكننا لا نريد إطلاق صواريخ على مدنيين أو جنود أمريكيين. صبرنا ينفد. شكرًا لاهتمامكم”.

وفي منشور لاحق من سطر واحد، كتب ترامب بأحرف كبيرة: “الاستسلام غير المشروط”.

جاءت هذه التصريحات في أعقاب سلسلة من الضربات الانتقامية بين إسرائيل وإيران خلال الأيام الخمسة الماضية. ويرى مهدي العفيفي، عضو الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، أن الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب مستعدة تمامًا للتدخل عسكريًا في إسرائيل، لكنها لا تزال تبحث عن ذريعة مناسبة. وهي تستغل الوقت لجمع المعلومات الاستخبارية، واستكمال الاستعدادات العسكرية، وتحديد السيناريو الأقل خسائر.

وفي حديثه لايجي برس، قال العفيفي: “يجب ألا ننسى أن الرئيس الأمريكي أصدر أوامر أو إشارات للأمريكيين المقيمين في مناطق بها قواعد عسكرية في الخليج العربي، كالبحرين وغيرها، بمغادرة هذه المناطق. وفي الوقت نفسه، أمرت وزارة الخارجية الأمريكية عائلات موظفي السفارة العراقية والموظفين غير الأساسيين بمغادرة العراق”.

1

يُحذّر الديمقراطي من أن أي تدخل أمريكي مباشر سيُقابل برد فعل عنيف من وكلاء إيران الإقليميين، سواءً قوات الحشد الشعبي في العراق أو الجماعات المسلحة في سوريا ولبنان. ويوضح أن الولايات المتحدة تُجري حاليًا استعدادات مكثفة لهذا الاحتمال، لكنها في الوقت نفسه تواجه ضغوطًا متزايدة للتدخل، وخاصةً من اللوبي الإسرائيلي.

يُحكم على الحرب الإقليمية الآن بناءً على تأثيرها على المصالح الأمريكية في المنطقة. في الوقت نفسه، تجري الاستعدادات منذ فترة لتوجيه ضربات موجعة للقيادة الإيرانية، وفي الوقت نفسه قطع يد إيران، كما حدث مع تدمير حزب الله تقريبًا في لبنان، وتحييد سوريا والعراق إلى حد كبير، وفقًا لمهدي العفيفي، عضو الحزب الديمقراطي.

صورة2

وأكد أيضاً أن اللوبي الإسرائيلي داخل الولايات المتحدة يمارس ضغوطاً قوية، قائلاً: “أي مشروع قانون لصالح إسرائيل يمر في الكونغرس بنسبة 99.9%، وهناك تمويل ضخم من المؤيدين الصهاينة الذين دعموا حملة ترامب مقابل ضمانات باستمرار الدعم غير المشروط لتل أبيب، بما في ذلك في الضفة الغربية وقطاع غزة”.

يعتقد مهدي العفيفي، عضو الحزب الديمقراطي، أن هناك داعمين معروفين دفعوا ملايين الدولارات ليسمحوا للرئيس الأمريكي والحكومة الأمريكية بتمكين إسرائيل من احتلال الضفة الغربية، ومواصلة حربها على غزة، والقيام بكل ما تحتاجه في تلك الحرب. وينطبق الأمر نفسه على إيران، ولكن الحذر واجب لتجنب خسائر فادحة لأمريكا أو المصالح الأمريكية.

استراتيجية الردع الحاسمة

في المقابل، تعتقد إيرينا توسكيرمان، المحللة الأميركية وعضو الحزب الجمهوري، أن إمكانية التدخل الأميركي المباشر ــ والذي يُفهم على أنه تدخل عسكري فعلي وليس مجرد دعم دبلوماسي أو استخباراتي أو لوجستي ــ تعتمد على مجموعة من العوامل، بما في ذلك حجم وطبيعة التصعيد الإيراني، ومدى التهديد الذي تواجهه الأصول الأميركية في المنطقة، وأمن الحلفاء الرئيسيين، واتجاه البيت الأبيض خلال الولاية الثانية لإدارة ترامب.

في السياق الحالي، لم يعد دخول الولايات المتحدة في الصراع احتمالًا بعيدًا، بل خيارًا واقعيًا، وإن كان مدروسًا بعناية، كما صرحت توسكيرمان لموقع ايجي برس. وأوضحت أن إدارة ترامب تنتهج استراتيجية قائمة على الردع الحاسم والتدخل الانتقائي، على عكس إدارة بايدن التي تركز على التهدئة الإقليمية والدبلوماسية.

3

قالت محامية أمنية أمريكية: “لا تؤيد إدارة ترامب الحروب الطويلة أو إعادة بناء الدول، لكنها لا تتردد في استخدام القوة الساحقة عندما يكون موقع الولايات المتحدة أو أصولها الاستراتيجية مهددًا بشكل مباشر”. وأوضحت أن الولايات المتحدة متورطة بالفعل بشكل غير مباشر في الصراع من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية، والتنسيق اللوجستي، والعمليات السيبرانية، والدعم السري للهجمات الإسرائيلية. ومع ذلك، أكدت أن التدخل العسكري الشامل سيتطلب تصعيدًا كبيرًا من إيران يتجاوز الحرب بالوكالة ويستهدف المصالح الأمريكية بشكل مباشر.

وقد درس توسكيرمان خمسة سيناريوهات من شأنها أن تؤدي إلى تدخل عسكري أميركي مباشر: هجوم إيراني على القواعد أو القوات الأميركية؛ أو استخدام حزب الله أو وكلاء آخرين للتنديد بالمصالح الأميركية؛ أو إغلاق إيران لمضيق هرمز أو شن هجمات على البنية التحتية للطاقة؛ أو طلب إسرائيلي للدعم الاستراتيجي في حالة وجود تهديد وجودي؛ أو عبور إيران للعتبة النووية.

صورة4

القيود السياسية والاستراتيجية

رغم هذه السيناريوهات، أكد توسكيرمان وجود “حوافز قوية لعدم مشاركة الولايات المتحدة في الحرب”. وأوضح أن “إدارة ترامب، حتى في أكثر أشكالها حزمًا، تشكك في التدخل الأجنبي الذي يفتقر إلى فوائد واضحة”. لذا، سيكون التدخل الأمريكي مشروطًا للغاية، ومحدودًا زمنيًا على الأرجح، ومُصممًا كرد فعل على استفزازات محددة أكثر منه التزامًا طويل الأمد.

كما أكدت أن “طبيعة الحرب الحديثة تسمح للولايات المتحدة باستعراض قوتها دون الحاجة إلى نشر كامل” من خلال العمليات السيبرانية، وضربات الطائرات المسيرة، والحصار البحري، والقوة الجوية الموجهة عن بُعد. وهذا يسمح لواشنطن بالتصرف بحسم مع تقليل التكاليف السياسية إلى أدنى حد. وحذرت قائلةً: “لا يزال خطر التدخل الأوسع قائمًا، لا سيما إذا ردت إيران بشكل غير متكافئ أو فتحت جبهات جديدة من خلال وكلائها. وقد يتطلب هذا مشاركة أمريكية أوسع نطاقًا لتحقيق الاستقرار”.

صورة5

وخلص توسكيرمان إلى أن “الولايات المتحدة متورطة بالفعل بشكل غير مباشر في الصراع الإيراني الإسرائيلي، وقد يتصاعد الأمر إلى تدخل عسكري مباشر. إن السياسة الخارجية لإدارة ترامب – المؤيدة صراحةً لإسرائيل، والمعادية لإيران بشكل قاطع، والمبنية على خطوط حمراء صارمة – تجعل هذا التدخل محتملًا، وإن لم يكن حتميًا”.


شارك