معدلات تخصيب اليورانيوم في إيران: من 3.67% لـ60%.. ماذا تعني الأرقام؟

منذ 5 ساعات
معدلات تخصيب اليورانيوم في إيران: من 3.67% لـ60%.. ماذا تعني الأرقام؟

أعلنت إسرائيل يوم الجمعة 13 يونيو/حزيران أنها هاجمت منشآت نووية وعسكرية في إيران في محاولة لتقويض برامجها العسكرية والنووية، مما أدى إلى اندلاع مواجهة بين البلدين.

وتأتي هذه الهجمات بعد أن أصدر مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارا ضد إيران لفشلها في الامتثال لالتزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز حد 3.67 في المائة.

وأصبحت قضية تخصيب اليورانيوم موضع خلاف بين إيران والولايات المتحدة خلال المحادثات النووية، وهو النزاع الذي لا يزال مستمرا على الرغم من خمس جولات من المحادثات غير المباشرة.

لقد كانت القيود المفروضة على تخصيب اليورانيوم نقطة خلاف رئيسية في المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني على مدى العقدين الماضيين.

إذن، ما الذي نعرفه عن تخصيب اليورانيوم؟ ولماذا أصبح نقطة خلاف محورية؟ ولماذا يُثير تخصيب إيران لليورانيوم بنسبة 60% قلق الولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية؟

ما هو اليورانيوم ومن أين يأتي؟

اليورانيوم عنصر ثقيل طبيعي، يوجد في الصخور والتربة، وحتى في مياه البحر. ورغم انتشاره على نطاق واسع في قشرة الأرض، إلا أنه لا يُستخرج بتركيزات عالية إلا في مناطق قليلة.

من أهم الدول المنتجة كازاخستان وكندا وأستراليا وعدد من الدول الأفريقية. كما تمتلك إيران احتياطيات من اليورانيوم وتستخرجه محليًا.

مع ذلك، لا يُستخدم اليورانيوم في حالته الطبيعية بفعالية في إنتاج الطاقة أو الأسلحة، لأنه يتكون من أكثر من 99% من اليورانيوم-238 غير الانشطاري. أما نظير اليورانيوم-235 النادر والقيّم، والذي لا يشكل سوى 0.7% من اليورانيوم الطبيعي، فيمكنه توليد الطاقة من خلال الانشطار النووي.

يُطلق انشطار ذرات اليورانيوم-235 طاقة هائلة. تُستخدم هذه الطاقة في المفاعلات النووية لتوليد الكهرباء. أما في القنبلة الذرية، فيحدث التفاعل بسرعة ودون سيطرة، مما يؤدي إلى انفجار هائل.

ما هو الإثراء وما هي مراحله النموذجية؟

سواءً للأغراض المدنية أو العسكرية، يجب معالجة اليورانيوم لزيادة محتواه من اليورانيوم-235. تُسمى هذه العملية التخصيب.

وتتم عملية التخصيب باستخدام أجهزة الطرد المركزي الغازية التي تدور بسرعة عالية وتفصل النظير الأخف (اليورانيوم-235) عن النظير الأثقل (اليورانيوم-238).

يتم تصنيف مستوى تخصيب اليورانيوم على النحو التالي:

اليورانيوم الطبيعي: يحتوي على 0.7% من اليورانيوم-235 ولا يمكن استخدامه مباشرة لإنتاج الطاقة أو كسلاح.

اليورانيوم منخفض التخصيب (حتى 5%): يستخدم في معظم محطات الطاقة النووية. وكانت نسبة نقاء اليورانيوم الأقصى لإيران بموجب الاتفاق النووي لعام 2015 هي 3.67%.

اليورانيوم متوسط التخصيب (حوالي 20%): يستخدم في مفاعلات الأبحاث لإنتاج النظائر الطبية وبعض التطبيقات الصناعية، وهو يمثل خطوة تقنية نحو تخصيب أعلى.

اليورانيوم عالي التخصيب (أكثر من 60%): يقترب هذا المستوى من مستوى التخصيب المطلوب لليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة. تمتلك إيران حاليًا مخزونًا من هذه المادة، مما يثير مخاوف الغرب والوكالة الدولية للطاقة الذرية، نظرًا لاعتبارها مقدمة تقنية لتطوير سلاح نووي.

اليورانيوم المخصب بنسبة 90% أو أكثر: يُستخدم في صنع الأسلحة النووية. تُقدّر الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن 25 كيلوغرامًا من هذا اليورانيوم تكفي لصنع قنبلة نووية بسيطة.

كلما زادت نسبة تخصيب اليورانيوم، كلما أصبح الطريق إلى الحصول على الأسلحة أقصر وأكثر خطورة.

صورة-1_2

من أين يأتي مستوى تخصيب اليورانيوم 3.67% وما هي استخدامه؟

حُدد مستوى تخصيب اليورانيوم عند 3.67% في اتفاق عام 2015 بين إيران والقوى العالمية. وجاء هذا المستوى نتيجةً لاتفاق سياسي وتقني صُمم لتحقيق التوازن بين حق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية والتزام المجتمع الدولي بعدم امتلاك أسلحة نووية.

من الناحية الفنية، يعتبر اليورانيوم المخصب بنسبة 3.67% مناسبًا للاستخدام في المفاعلات النووية المدنية، حيث يتم استخدامه لإنشاء تفاعل نووي متسلسل متحكم به لتوليد الكهرباء.

تم تحديد هذه النسبة بهدف تمديد “وقت الاختراق” لإيران (الوقت اللازم لإيران لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم لبناء قنبلة نووية) إلى حوالي عام واحد وإعطاء المجتمع الدولي الفرصة للتدخل دبلوماسيا أو فنيا في حالة حدوث خرق للاتفاق.

صورة 2_3

ما هو اليورانيوم المخصب للاستخدام في الأسلحة ولماذا يشكل مخزون إيران البالغ 60% منه مصدر قلق؟

اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة هو اليورانيوم الذي يحتوي على نظير مخصب بنسبة 90% من اليورانيوم 235.

تُستخدم هذه المادة في تصنيع الأسلحة النووية لأن هذا المستوى من التخصيب يسمح بتفاعل متسلسل سريع وغير منضبط يؤدي إلى انفجار نووي.

مع ذلك، لا يمكن تحقيق هذا المستوى دفعةً واحدة، بل تدريجيًا. من الناحية الفنية، كلما ارتفع مستوى التخصيب، كانت الخطوة التالية أسهل وأسرع. لذلك، فإن امتلاك إيران ليورانيوم مخصب بنسبة 60% أمرٌ مقلق للغاية، ليس فقط لأنه قريب تقنيًا من مستوى التخصيب المستخدم في صنع الأسلحة، ولكن أيضًا لأنه غير صالح للاستخدام للأغراض السلمية والمدنية.

ولا توجد مفاعلات طاقة مدنية معروفة أو مشاريع علمية تتطلب تخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى.

لذا، يثير وجود مثل هذا المخزون تساؤلات حول الهدف الحقيقي من إنتاجه. ومن أبرز المخاوف أن إيران، بامتلاكها ما يكفي من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، قد تختصر مدة تجاوز العتبة النووية (المدة اللازمة لإنتاج سلاح نووي) إلى بضعة أسابيع، إذا اختارت ذلك لأسباب سياسية.

وأكدت طهران دائما أن برنامجها النووي يخدم الأغراض السلمية.

ما هو “زمن الاختراق” وما هي التقديرات بشأن إيران؟

يشير مصطلح “زمن الاختراق” إلى الوقت الذي تستغرقه دولة ما لتخصيب اليورانيوم إلى مستوى كافٍ لصنع قنبلة نووية. ولا يشمل هذا الوقت تصنيع القنبلة أو تسليمها، بل إنتاج المواد الانشطارية اللازمة.

عندما دخل الاتفاق النووي حيز التنفيذ عام ٢٠١٥، قُدِّر الإطار الزمني لتجاوز إيران للحدود النووية بحوالي عام. ومع ذلك، مع توافر اليورانيوم المخصب بنسبة ٦٠٪، قُصِّر هذا الإطار الزمني بشكل ملحوظ.

وفقًا لتقدير حديث صادر عن معهد العلوم والأمن الدولي بتاريخ 9 يونيو/حزيران 2025، يُمكن لإيران إنتاج أول 25 كيلوغرامًا من اليورانيوم المخصب الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة في منشأة فوردو خلال يومين إلى ثلاثة أيام فقط. وتشير التقديرات إلى أن بإمكان إيران إنتاج 233 كيلوغرامًا من اليورانيوم عالي التخصيب خلال ثلاثة أسابيع، وهو ما يكفي لصنع تسع قنابل نووية.

إذا قامت إيران بتخصيب اليورانيوم في كل من فوردو ونطنز، فسوف تتمكن من إنتاج ما يكفي لصنع 11 سلاحاً في الشهر الأول، و15 سلاحاً بحلول نهاية الشهر الثاني، وأكثر من 20 قنبلة خلال خمسة أشهر.

لا يأخذ هذا التحليل في الاعتبار الوقت اللازم لتحويل المادة إلى سلاح نووي حقيقي. ويقدر الخبراء أن هذا الوقت، حالما تتوفر المواد الانشطارية، يتراوح بين عدة أشهر وسنة.

صورة 3_4

بحسب تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما هي آخر التطورات بشأن مخزون اليورانيوم المخصب في إيران؟

ويشير تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر في مايو/أيار 2025 إلى أن مخزونات إيران من اليورانيوم المخصب وصلت إلى مستويات غير مسبوقة.

وبحسب التقرير، بلغ إجمالي مخزونات اليورانيوم لدى إيران حتى 17 مايو/أيار 9247.6 كيلوغرام (مقاسة بكتلة اليورانيوم) من جميع مستويات التخصيب والأشكال الكيميائية، بزيادة قدرها 953.2 كيلوغرام مقارنة بالتقرير السابق.

ومع ذلك، فإن الغرب والوكالة الدولية للطاقة الذرية هما أكثر ما يقلقهما بشأن اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهو مستوى أقل بقليل من المستوى المطلوب لصنع أسلحة نووية. وتمتلك إيران حاليًا 408.6 كيلوغرام من هذا النوع من اليورانيوم.

يُظهر التقرير أن إيران تواصل انتقالها السريع من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% إلى اليورانيوم المخصب بنسبة 60%. هذه الخطوة لا تُقلل مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% فحسب، بل تُظهر أيضًا أن البلاد جاهزة تقنيًا لتخصيب اليورانيوم إلى مستويات صالحة لصنع الأسلحة في غضون فترة زمنية أقصر.


شارك