الجارديان:إسرائيل دمرت سمعتها في غزة.. وهجومها على إيران محاولة متأخرة لاستردادها

استقطب الصراع المتصاعد بين إيران وإسرائيل اهتمامًا دوليًا. وتناول مقال في صحيفة الغارديان جهود إسرائيل لاستعادة دعم حلفائها من خلال فتح جبهات جديدة، بينما تناول مقال في صحيفة وول ستريت جورنال الانقسامات المتنامية داخل النظام الإيراني. وحذرت صحيفة صينية من تصاعد موجة “الانتقام” واحتمال نشوب حرب إقليمية.
نبدأ جولتنا الصحفية بمقال في صحيفة الغارديان البريطانية بقلم نسرين مالك. تُجادل الكاتبة بوجود وجهتي نظر مختلفتين بشأن أحداث الشرق الأوسط خلال العام والنصف الماضيين.
الأول يعتبر رد إسرائيل على هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 “إجراء انتقاميا يتجاوز الحدود القانونية والجغرافية، بما في ذلك الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وغزو جنوب لبنان، واحتلال الأراضي في سوريا، والهجمات على إيران”.
أما الرأي الآخر، بحسب الكاتب، فهو أن هذه الأحداث جزء من استمرارية تاريخية كان السلام الإقليمي فيها قائماً على وضع “هش” قابل للانهيار بسهولة.
ويشير مالك إلى أن هذا التوازن الدقيق يعود إلى “حكومة إسرائيلية تركز على تنفيذ أجندتها الخاصة وإعادة تشكيل مستقبل المنطقة بمفردها بطرق لا تستطيع تفسيرها ولا ترغب في السيطرة عليها”.
يشير المقال إلى أن أحد العوامل المساهمة في “هشاشة” السلام هو دور قوى الخليج كوسيط. ويوضح مالك أن تقارب الخليج مع إيران لم يكن مدفوعًا بالعلاقات التجارية أو التعاطف، بل بدافع الحاجة العملية إلى الاستقرار.
وتضيف أن بعض دول الخليج اعترفت بإسرائيل من خلال التوقيع على اتفاقيات إبراهيم، لكنها تجد نفسها الآن بين طرفين متحاربين وتخاطر بالعزلة عن الحليف الرئيسي لإسرائيل، الولايات المتحدة، التي تحافظ معها على علاقات عسكرية واقتصادية وثيقة.
في إشارة إلى حرب غزة، تُجادل الكاتبة بأن الأحداث “كشفت نوايا إسرائيل للعالم” ودفعت “إيران ووكلائها، مثل حزب الله والحوثيين في اليمن، إلى لعب دور المدافعين عن الحقوق الفلسطينية”. وتزعم أنه بمجرد تدخل إيران في هذا السياق، لم يعد هناك مجال للتراجع، وشعرت إسرائيل بأنها قادرة على التصرف دون تردد أو مسؤولية.
في تحليله، يجادل الكاتب بأن مبررات إسرائيل لأفعالها “تجاوزت كل الحدود المعقولة”. ونظرًا لأمن الشعب اليهودي كسببٍ للدعم المطلق، وأهمية إسرائيل كشريك استراتيجي وثيق، فقد منحت الولايات المتحدة وحلفاؤها إسرائيل حريةً مطلقةً للدفاع عن نفسها، كما جاء في المقال.
في المقابل، يشير مالك إلى أن الرد الإسرائيلي “لم يقتصر على تضخيم التهديدات، بل حول هذه ردود الفعل إلى سلاح أصبح عاملاً رئيسياً في زعزعة أمنها وأمن الدول الأخرى في المنطقة”.
وفي مقالها، تشير الكاتبة إلى أن غزة تختبر علاقات إسرائيل مع حلفائها، خاصة في ظل الضغوط الشعبية المتزايدة في الدول الغربية “بسبب صور الأطفال الجائعين، والمستشفيات المحترقة، وأكوام الجثث”.
إن فتح جبهة جديدة مع عدو مختلف يمنح الحكومة الإسرائيلية الفرصة لاستعادة دعم رعاتها وتأكيد دورها كـ”ضحية بريئة تحتاج إلى المساعدة بسبب الهجمات المدنية التي تشنها دولة مجاورة معادية”، كما جاء في المقال.
يشير مالك إلى أن قصص المجاعة في قطاع غزة، والهجمات على الضفة الغربية، وتوسع المستوطنات غير الشرعية قد اختفت من عناوين الأخبار. واستُبدل الضغط على إسرائيل للسماح بدخول المساعدات واحترام وقف إطلاق النار بإجراءات دفاعية “غامضة” والدعوات المعتادة إلى “ضبط النفس”، كما لو أن عقارب الساعة قد عادت إلى الوراء.
ويرى المؤلف أن إسرائيل تعلمت الدروس من حرب العراق، ويزعم أنها تصرفت دفاعياً، معتمدة على معلومات استخباراتية يتعين على العالم أن يقبلها بثقة.
تختتم الكاتبة مقالها بالإشارة إلى أن دعاية إسرائيل وحملاتها الميدانية تنظر إلى الشرق الأوسط كساحة سياسية داخلية. ومع ذلك، تؤكد الكاتبة أن المنطقة ليست ملكًا لإسرائيل وحدها، بل هي أيضًا موطن لشعوب أخرى لها سياساتها وتاريخها واحتياجاتها الأمنية الخاصة، والتي، كما ترى، تخضع بشكل متزايد للأجندة الإسرائيلية وحدها.
“إن نظام آية الله في إيران أصبح أضعف من أي وقت مضى.”
في مقال رأي بصحيفة وول ستريت جورنال، كتب جون بولتون أن رد إيران على عملية الأسد الصاعد، التي استهدفت برنامجها النووي ودفاعاتها الجوية وقيادتها العسكرية، كان “غير متكافئ وغير فعال”. وأضاف أن الحرب العالمية الثالثة لم تندلع ولن تندلع، كما يدّعي البعض.
ويعتقد المؤلف أن الإطاحة بنظام آية الله هي السبيل الوحيد لضمان السلام والأمن الدائمين في الشرق الأوسط، وأن هذا ينبغي أن يكون الهدف الأساسي لأميركا.
يشير المقال إلى أن النظام في طهران يواجه استياءً شعبيًا متزايدًا، وأن هذه المقاومة تنتشر في جميع أنحاء إيران. كما يشير إلى أن الاقتصاد الإيراني يعاني من أزمات منذ عقود. ويعتقد الكاتب أن الهجمات الإسرائيلية على مصافي النفط تزيد من تفاقم الوضع الاقتصادي.
وأضاف بولتون أن النظام الإيراني لم يجلب لشعبه سوى “الدمار” وأنه أنفق مليارات الدولارات في دعم وكلائه “الإرهابيين” وفي مشاريع نووية وصاروخية كبرى لم تعد قابلة للتطبيق.
يشير المقال إلى أن أكثر من 60% من الإيرانيين دون سن الثلاثين يتطلعون إلى حياة مختلفة عن تلك التي يفرضها النظام، المُحاكي لدول الخليج مثل الإمارات العربية المتحدة. كما تسعى جميع الأقليات العرقية في إيران إلى مزيد من الاستقلال.
يجادل الكاتب بأن الهجمات الإسرائيلية لم تُفضِ إلى “موجة قومية في إيران”. فالشعب الإيراني يُدرك حجم المخاطر. ويشير إلى أنه بعد سقوط الأسد في سوريا، تأثر النظام بصراعات داخلية واسعة النطاق امتدت آثارها إلى الشعب. ومن المرجح أن تتفاقم هذه الانقسامات، وفقًا للمقال.
ويؤكد الكاتب أن القوات الأميركية والإسرائيلية لن تشن “غزواً برياً على إيران” وينتقد أولئك الذين يدافعون عن فكرة أن توحيد الصفوف في إيران ودعم المعارضين الإيرانيين للملالي يعني “حرباً لا نهاية لها”، لأن هذا مجرد دعاية تعسفية.
يشير المقال إلى أن إيران يقودها المرشد الأعلى علي خامنئي، البالغ من العمر 80 عامًا، والمريض، دون وجود خليفة واضح له. ورغم أن ابنه يبدو مهتمًا بتولي القيادة، إلا أنه يفتقر إلى دعم شعبي واسع، وفقًا للكاتب.
ويشير بولتون إلى أنه “لا يوجد مسار واضح أو ثابت للخلافة، والفوضى الداخلية ستجعل هذا الأمر أكثر صعوبة”، مضيفًا أن الهجمات الإسرائيلية المستهدفة لقادة عسكريين إيرانيين بارزين، على حد تعبيره، أضافت إلى “الارتباك”.
يدعو الكاتب إلى استغلال الأزمة الراهنة لتعميق الانقسامات داخل قيادة النظام الإيراني. ويشير إلى أنه إذا أعلنت شخصيات بارزة في الجيش النظامي والحرس الثوري معارضتها لقمع الشعب، فقد يؤدي ذلك إلى إسقاط سريع للنظام.
ويعتقد الكاتب أيضاً أن العفو عن مسؤولي النظام الذين يتمردون على القيادة قد يكون وسيلة فعالة لتعزيز وحدة المعارضة وموقفها.
الشرق الأوسط يعيش “مرحلة حرجة”
وتؤكد افتتاحية صحيفة “تشاينا ديلي” الصينية على أن جميع الأطراف يجب أن تتحرك لنزع فتيل الأزمة، مشيرة إلى أن الشرق الأوسط يمر بمرحلة “حرجة” في أعقاب الهجمات الإسرائيلية على إيران.
تعتقد الصحيفة أن هذه الهجمات “أطلقت شرارة دوامة خطيرة من الانتقام، وزادت من احتمال اندلاع حرب إقليمية”. كما أكدت على سرعة ووضوح موقف الصين، وأكدت عزم بكين على تهدئة الوضع وتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.
وذكرت الافتتاحية أن الصين تدين بشدة الهجمات العسكرية الإسرائيلية وتعتبرها “انتهاكا صارخا للسيادة الإيرانية والقانون الدولي”.
تُشير الصحيفة إلى أن التصعيد الناتج عن أعمال عدائية طويلة الأمد يُنذر بحرب إقليمية شاملة ذات عواقب وخيمة. علاوة على ذلك، أدى تنسيق إسرائيل مع الولايات المتحدة وتهديداتها لإيران إلى تفاقم التوترات.
تؤكد الافتتاحية دعم الصين لجميع الجهود المبذولة لتهدئة التوترات والعودة إلى طاولة المفاوضات. وتدعو إسرائيل وإيران إلى الامتثال لمطالب المجتمع الدولي وإعطاء الأولوية للدبلوماسية على القوة. وتشير إلى أن التجربة التاريخية تُظهر أن السلام الدائم لا يمكن تحقيقه إلا من خلال عمليات سياسية شاملة.
وذكرت الصحيفة أن الصين دعت خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي جميع الأطراف إلى تجنب الأعمال الاستفزازية، وأكدت دعمها لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.
في تحليلها، ترى الصحيفة أن على الولايات المتحدة تكثيف جهودها للضغط على تل أبيب لوقف تصرفاتها “المتهورة”. وتشير إلى أن استمرار الصراع قد يجرّ الولايات المتحدة، عاجلاً أم آجلاً، إلى حرب مع إيران، وهو ما يُعتبر الهدف الرئيسي لإسرائيل.
وخلصت الصحيفة إلى أنه في ضوء الوضع الخطير في الشرق الأوسط، فإن الجهود الدبلوماسية المنسقة مثل تلك التي تقوم بها الصين ضرورية لنزع فتيل هذه الأزمة المتوترة والقابلة للانفجار.