الوعد الصادق.. إيران تضرب العمق الإسرائيلي وتقترب من تكرار التجربة الباكستانية

القاهرة – ايجي برس:
وقال المحلل السياسي إدريس آيات إن إيران، بعد سنوات من ضبط النفس الاستراتيجي، ردت بشكل مباشر على إسرائيل من خلال عملية غير مسبوقة للحرس الثوري تعرف باسم “الوعد الصادق 3″، وهي واحدة من أكبر الهجمات الصاروخية المباشرة في تاريخ الصراع بين الجانبين.
وبحسب منشور آيات على فيسبوك، فإن الصواريخ الإيرانية ضربت عمق إسرائيل، بما في ذلك منشآت حساسة للغاية مثل مقر وزارة الدفاع في حي كريات بتل أبيب والمنشأة النووية في ديمونا، على الرغم من وجود تقارير متضاربة حول دقة الأخيرة.
ويضيف آيات أن اللقطات من تل أبيب وثّقت لحظة اختراق الدفاعات الجوية، وسط حالة من الذعر وارتباك واضح في مراكز القيادة الإسرائيلية. ووفقًا لتقارير إعلامية إسرائيلية، أُطلق أكثر من 500 صاروخ، مما تسبب في دمار واسع النطاق في منطقة تل أبيب الكبرى، وتضرر عشرات المباني والمركبات، وإصابة 21 شخصًا، بعضهم في حالة حرجة.
أشار إدريس آيات إلى أن طهران أعلنت أيضًا إسقاط طائرتين مقاتلتين إسرائيليتين وأسر أحد طياريهما. ويشير هذا التطور إلى إمكانية استخدام أساليب تشويش متطورة أو كمين إلكتروني في ساحة المعركة، ويُظهر التطور المتزايد لقدرات الحرب السيبرانية الإيرانية.
جادل آيات بأن إيران تجاوزت بهذه الخطوة الخطوط الحمراء التقليدية لقواعد الاشتباك. وأضاف أن الرد الإيراني جاء عقب تصعيد إسرائيلي غير مسبوق استهدف مراكز القيادة والقواعد العسكرية والمنشآت النووية في إيران. ووصفت طهران هذا بأنه إعلان حرب صريح.
وأشار آيات أيضًا إلى أن وزير الخارجية الإيراني صرّح بأن بلاده ترفض أي دعوات لضبط النفس. وهذا يعكس توجه طهران نحو مبدأ “التصعيد العسكري الشامل”. في غضون ذلك، أفاد موقع أكسيوس أن إسرائيل تلقت الضوء الأخضر من الولايات المتحدة للرد العسكري، رغم جهود واشنطن والرياض لتهدئة الوضع عبر قنوات غير رسمية.
وأضاف إدريس آيات أن الشرق الأوسط دخل مرحلة من الانخراط العلني مع تراخي في التعامل النووي، حيث لم تعد قواعد الصراع القديمة سارية. بل هناك تحول نوعي في ميزان الردع، من حيث الكم والجرأ. وأوضح أن إيران لم تعد تكتفي بالرد الرمزي، بل أصبحت تدير المواجهة بردود ذات تداعيات مباشرة على الممارسة والسياسة.
صرح آيات أن تطورات الساعات الأولى من الهجوم كشفت عن ضعف مؤقت في دفاعات إيران، نتيجة التشويش الإلكتروني المكثف الذي رافق الهجوم الإسرائيلي، مما أدى إلى شلل نسبي في الرادارات ومنصات الإطلاق. وأشار إلى أنه مع تراجع حدة الهجوم، عادت الأنظمة الإيرانية تدريجيًا إلى العمل، مما يدل على قدرة إيران على إعادة تموضعها الدفاعي واستعادة مستويات سيطرتها الجوية.
في المقابل، جادل آيات بأن إسرائيل استنفدت قدراتها الهجومية إلى حد كبير في الموجة الأولى من الهجمات، التي استمرت قرابة خمس ساعات، معتمدةً على عنصر المفاجأة والقوة النارية الهائلة. ومع استعادة إيران توازنها العملياتي، تضاءلت فعالية التفوق الجوي الإسرائيلي، خاصة بعد أن تحولت المواجهة إلى حرب مفتوحة ومعلنة، لا تقوم على المفاجآت، بل على إدارة المعركة الجارية.
وأضاف آيات أن إسرائيل ستواجه تحديات لوجستية وعملياتية كبيرة إذا قررت شن هجوم آخر بهذا الحجم، حيث ستتمكن طهران الآن من زيادة تكلفة أي هجوم آخر وتفعيل دفاعاتها بشكل استباقي.
وفقًا لتحليله، انتقلت إيران من موقف امتصاص الصدمات إلى موقف بناء التزام طويل الأمد يعزز صمودها الاستراتيجي ويحد من هامش المناورة لإسرائيل. وهذا يشير إلى أن الحرب دخلت مرحلة جديدة، تُعرف بـ”الردع بالنيران المفتوحة”.
بالنظر إلى السيناريوهات المستقبلية، صرّح إدريس آيات بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هدّد إيران: “النظام الإيراني يجهل ما ينتظره”. ويُعرب آيات عن قناعته بأن هذه التصريحات تُمهّد الطريق لتصعيد مفتوح قد يتجاوز مجرد ردود فعل تكتيكية.
كما أشار إلى تقارير غير مؤكدة تفيد بأن إيران قد تُجري تجربة نووية لإعادة التوازن مع إسرائيل، على غرار ما فعلته باكستان عام ١٩٩٨ في مواجهة التهديد الهندي. وإذا صحّت هذه النية، فهذا يعني أن القضية النووية الإيرانية تجاوزت الردع النظري إلى إعلان عملي.
وزعم آيات أن إيران قادرة أيضا على استهداف البنية التحتية الاقتصادية لإسرائيل، بما في ذلك منشآت الطاقة والموانئ والمصانع، من أجل تحويل المعركة من الساحة العسكرية إلى الاقتصاد الإسرائيلي وبالتالي الضغط على ركائزه الأساسية.
في الوقت نفسه، أشار آيات إلى أن مواقف الغرب – من واشنطن إلى باريس إلى برلين – توحي باستعداد سياسي وعسكري لدعم إسرائيل دون قيد أو شرط. وهذا يوحي بأن الصراع قد يتصاعد إلى حرب إقليمية شاملة، خاصة إذا اتسع نطاق الأهداف ليشمل البنية التحتية والمدن الكبرى في المنطقة.
اختتم إدريس آيات تحليله قائلاً: “الشرق الأوسط على وشك انفجار هائل. إما أن تُكبح إسرائيل من قبل حلفائها الغربيين، أو تُعلن إيران رسميًا امتلاكها رادعًا نوويًا. في كلتا الحالتين، نحن أمام مرحلة حاسمة ستُغير موازين القوى الإقليمية بشكل لا رجعة فيه”.