لماذا قد يتحول هجوم إسرائيل على إيران إلى حرب إقليمية؟

أثارت الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على منشآت نووية وعسكرية إيرانية، فجر الجمعة، موجة جديدة من التوترات الإقليمية والدولية. ويُحذر المحللون من احتمال اندلاع مواجهة مفتوحة بين طهران وتل أبيب. ولن تقتصر هذه المواجهة على حدود البلدين، بل قد تجرّ قوى كبرى، بقيادة الولايات المتحدة، إلى صراع أوسع نطاقًا قد يُزعزع استقرار الشرق الأوسط بأكمله.

لسنوات، حذّر محللون وخبراء استراتيجيون من أن أي ضربة عسكرية إسرائيلية ضد البرنامج النووي الإيراني قد تُشعل صراعًا أوسع نطاقًا، ليس فقط مع إيران، بل مع جميع وكلائها في المنطقة. هذا السيناريو، الذي لطالما وُصف بـ”أسوأ الاحتمالات”، أصبح أكثر واقعية من أي وقت مضى: فهجوم إسرائيل على قلب البنية التحتية النووية في منشأة نطنز، ومقتل مسؤولين عسكريين إيرانيين رفيعي المستوى، بمن فيهم اللواء حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري، واللواء محمد باقري، رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، من بين الأحداث، وفقًا لشبكة CNN نقلًا عن مصادر.

تجد الولايات المتحدة، أكبر حليف لإسرائيل وأهم مورد للأسلحة لها، نفسها أمام مفترق طرق خطير. فبينما تزعم واشنطن أنها لم تكن متورطة بشكل مباشر في العملية، إلا أنها اتخذت بالفعل احتياطات عسكرية. فقبل أيام قليلة من الهجوم، أمرت وزارة الخارجية الأمريكية بإجلاء الموظفين غير الأساسيين من البعثات الدبلوماسية والقواعد العسكرية في عدة دول بالشرق الأوسط بعد ورود معلومات استخباراتية موثوقة تفيد بهجوم إسرائيلي وشيك على إيران.

ودفعت هذه التوترات وزير الدفاع الأميركي إلى رفع مستوى التأهب في القواعد في مختلف أنحاء الخليج العربي، مع تزايد التحذيرات من أن أي رد فعل إيراني قد يتصاعد إلى صراع على جبهات متعددة.

في تل أبيب، أعلنت الحكومة الإسرائيلية حالة الطوارئ ورفعت جاهزية الدفاع الجوي تحسبًا لرد إيراني من أحد “جيوش المقاومة” المتمركزة في المنطقة. ووفقًا لقناة “كان” الإسرائيلية، فإن المخاوف الإسرائيلية لا تقتصر على رد عسكري مباشر، بل تشمل أيضًا هجمات غير تقليدية قد تؤثر على الأراضي الإسرائيلية أو مصالحها الخارجية.

وفقًا لموقع ميدل إيست آي، لا يختلف الوضع في الدول المجاورة كثيرًا. تتزايد المخاوف في عواصم المنطقة من احتمال تصاعد الهجمات إلى دوامة مفتوحة، لا سيما بعد إعلان “محور المقاومة” استعداده للرد. وتتزايد المخاوف أيضًا في إيران. وتشير تقارير استخباراتية إلى استعدادات لرد شامل، قد يبدأ عند الحدود الشمالية لإسرائيل بدلًا من باب المندب.

يُمثل “محور المقاومة” الذي تسيطر عليه إيران، والذي يمتد من حزب الله في لبنان إلى الحوثيين في اليمن إلى قوات الحشد الشعبي في العراق والفصائل الموالية لطهران في سوريا، الذراع الاستراتيجي لإيران في أي رد محتمل. ويعتقد الخبراء أن أي هجوم شامل على المنشآت النووية الإيرانية سيعني نهاية المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، وحشدًا شاملًا لهذا المحور.

وصفت بيث سانر، الباحثة الأمنية في شبكة CNN، مقتل اللواء حسين سلامي بأنه بمثابة إقالة رئيس هيئة الأركان المشتركة، مضيفةً: “يمكن للمرء أن يتخيل رد فعل الأمريكيين لو حدث لهم ذلك”. وأشارت إلى أن إيران تواجه الآن “تهديدًا وجوديًا” بعد هذا الهجوم، وأن الرد المتوقع لن يكون تقليديًا أو محدودًا كما في الهجمات السابقة.

من الحرب بالوكالة إلى المواجهة المباشرة

تشير تقارير بحثية سابقة صادرة عن ستراتفور والمركز السويسري للدراسات الأمنية إلى أن المواجهة بين إيران وإسرائيل لم تبدأ اليوم، بل هي مشتعلة منذ سنوات في ما يُسمى “حرب بالوكالة”. تشمل هذه الحرب سلسلة من الاغتيالات والهجمات الإلكترونية وضربات الطائرات المسيرة والصواريخ بعيدة المدى، غالبًا ما تُنفذها جهات غير مباشرة في دول ثالثة مثل سوريا والعراق.

لكن في العام الماضي، تحوّل الصراع: تبادلت طهران وتل أبيب ضربات عسكرية مباشرة. تدخلت واشنطن لتهدئة الوضع وحذرت إسرائيل من شنّ هجمات على البنية التحتية للطاقة أو المنشآت النووية الإيرانية. مع ذلك، شنّت إسرائيل هجمات وصفتها بـ”المدروسة”، وردّت إيران بضربات انتقامية وُصفت بأنها “استعراضية لكن محدودة التأثير”.

غيّر الهجوم الإسرائيلي على إيران قواعد اللعبة. استهدف الاحتلال أحد ركائز البرنامج النووي الإيراني، منشأة نطنز، وأوقع ضحايا في أعلى هرم القيادة العسكرية في طهران.

تشير تقديرات مجلة الشؤون الخارجية الأمريكية إلى أن طهران التزمت صمتًا استراتيجيًا نوعًا ما رغم حجم الهجوم الإسرائيلي. واكتفى المسؤولون الإيرانيون بالإعلان عن “ردٍّ مؤلم” دون تحديد زمان أو مكان تنفيذه. إلا أن العديد من الخبراء يشيرون إلى أن حجم الهجوم وما رافقه من مقتل قادة رفيعي المستوى يجعل التصعيد أمرًا حتميًا، لا خيارًا.

لمتابعة كل ما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على إيران (اضغط هنا)