لماذا زودت إسرائيل جماعة أبو شباب بالسلاح في غزة؟

في تصريحات أثارت جدلا واسعا ونقاشا حادا في إسرائيل، اتهم أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب إسرائيل بيتنا، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالسماح بتسليح المجموعات القبلية في قطاع غزة لدعم معارضي حماس وسرقة المساعدات الإنسانية.
في منشور على منصة “إكس”، قال ليبرمان إن نتنياهو “لم يتعلم من أخطائه السابقة، ويكرر النهج نفسه الذي أدى إلى الكارثة الأمنية”. وأضاف أن رئيس الوزراء “دعم حماس لسنوات طويلة رغم التحذيرات الأمنية”، وهو الآن “يُسلح فصائل في قطاع غزة يصفها بالتابعة لداعش”.
أعلنت هيئة الإذاعة الإسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، ورئيس جهاز المخابرات الداخلي الشاباك، ورئيس الأركان “متورطون في تسليح العصابات في قطاع غزة”.
ما مدى الحقيقة وراء تسليح المجموعات الإسرائيلية في قطاع غزة؟
لم تنف الحكومة الإسرائيلية التقارير التي تفيد بتزويدها جماعات وعصابات مسلحة في قطاع غزة ببنادق كلاشينكوف. وعلق مكتب نتنياهو في بيان مقتضب قائلاً: “تعمل إسرائيل بطرق عديدة لهزيمة حماس بناءً على توصيات جميع قادة الأجهزة الأمنية”، حسبما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية.
ويقول الباحث المتخصص في الشأن الإسرائيلي الدكتور صلاح العواودة إن حكومة الاحتلال تحاول منذ بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023، البحث عن حلفاء في قطاع غزة، وقد تواصلت مع كافة العشائر، إلا أن أحداً لم يستجب.
وأضاف العواودة في حديثه لايجي برس أنه لاحقًا، ظهرت عصابات متمرّدة من قطاع الطرق واللصوص، تعمل في مناطق تمركز جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأبرزها مجموعة ياسر أبو شباب.
يشير الباحث الفلسطيني إلى أن تصريحات ليبرمان سلّطت الضوء على المسألة رغم محاولات الجيش الإسرائيلي نفي دعمه لجماعة أبو شباب. وبسبب هجومه على الحكومة، اضطر مكتب نتنياهو إلى الاعتراف بأن الحكومة تبذل قصارى جهدها لإنهاء الصراع مع حماس.
يوضح الدكتور صلاح العواودة أن ياسر أبو شباب ظهر في مقطع فيديو مع مجموعة مسلحة مرتديًا زيًا عسكريًا أمريكيًا، وادعى فيه تمثيل الشرعية وتوفير المأوى والغذاء والدواء للنازحين شرق رفح، وهي منطقة خاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية.
تدّعي جماعة أبو الشباب مسؤوليتها عن حماية قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة إلى غزة. ومع ذلك، ثمة مزاعم عديدة بأنها سرقت ونهبت بعض المساعدات، مما يثير تساؤلات حول شرعية وجودها وأهدافها الحقيقية.
طبيعة العلاقات بين جماعة أبو الشباب وإسرائيل
يقول الباحث السياسي والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط الدكتور حسن مرهج إن التقارير المتداولة عن تلقي مجموعة ياسر أبو شباب دعماً عسكرياً مباشراً من إسرائيل تشير إلى تعاون “غير معلن” بين المجموعة وجيش الاحتلال الإسرائيلي، دون أي تأكيد رسمي من الجانب الإسرائيلي.
وأضاف مرهج في تصريح لايجي برس، أن عدة مصادر، بينها إسرائيلية، أبرزها تصريح عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان، أشارت إلى أن مجموعة ياسر أبو شباب، التي يبلغ عدد أعضائها نحو 100 عنصر، تنشط في جنوب قطاع غزة، وتشارك في عمليات نهب منظمة لقوافل المساعدات، خاصة في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية شرق رفح.
وتشير التقارير إلى أن جماعة أبو الشباب تعمل دون عائق في هذه المناطق، وهو ما يثير، بحسب الدكتور حسن مرهج، التساؤل حول ما إذا كان هناك أي شكل من أشكال الحماية أو التسامح من قبل جيش الاحتلال.
وأضاف مرهج أن هناك تقارير تفيد بأن جماعة أبو الشباب أجرت محادثات هاتفية مع مسؤولين في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الشاباك) لتوجيه أنشطتها الإجرامية المتعلقة بنهب قوافل المساعدات، وأنها تلقت أيضا دعما ماليا وعسكريا.
الأهداف المحتملة لإسرائيل من هذا التنسيق
إذا كانت التقارير المتداولة عن تسليح حكومة بنيامين نتنياهو لعصابات في قطاع غزة صحيحة، فإن المحلل السياسي الدكتور حسن مرهج يعتقد أن إسرائيل تريد تحقيق عدة أهداف من خلال دعم جماعات مثل أبو شباب:
1. إضعاف حماس: من خلال إنشاء قوى محلية متنافسة تعمل على تقويض سيطرة حماس على قطاع غزة.
2. إثارة الفوضى الداخلية التي تبرر المزيد من التدخلات الإسرائيلية وتضعف الجبهة الداخلية الفلسطينية.
3. إعادة هيكلة المنظومة الأمنية: من خلال البحث عن بدائل محلية لحماس، مثل تسليح العشائر أو الجماعات المسلحة لتولي مسؤولية الأمن في قطاع غزة.
يختتم الدكتور حسن مرهج تصريحاته قائلاً: “على الرغم من عدم وجود تأكيد رسمي من إسرائيل بشأن الدعم العسكري المباشر لمجموعة ياسر أبو شباب، إلا أن التقارير تشير إلى تعاون غير معلن بين الطرفين. هذا التعاون، إن صحّ، قد يكون جزءًا من استراتيجية إسرائيلية لإعادة تشكيل المشهد الأمني والسياسي في قطاع غزة بعد الحرب”.
ويقول الباحث في الشؤون الإسرائيلية الدكتور صلاح العواودة إن حكومة نتنياهو تريد إبعاد السلطة الفلسطينية عن أي دور مستقبلي في قطاع غزة، وتبحث بدلا من ذلك عن بدائل محلية مثل العصابات المسلحة أو المنظمات غير الرسمية.
ويشير إلى أن إسرائيل تعتبر هذه العصابات خيارًا عمليًا، إذ تدعم جهودها الحربية على الأرض وتُقلل من الاحتكاك المباشر بالسكان. وهذا يُمكّن جيش الاحتلال من التدخل بشكل أقل في إدارة الحياة المدنية اليومية. كما يُعفي هذا النهج تل أبيب من أي التزام سياسي بتطبيق حل الدولتين، بما في ذلك إقامة دولة فلسطينية.