ماذا نعرف عن كتائب محمد الضيف التي تبنت إطلاق صواريخ على إسرائيل؟

منذ 1 يوم
ماذا نعرف عن كتائب محمد الضيف التي تبنت إطلاق صواريخ على إسرائيل؟

أعلنت إسرائيل، مساء الثلاثاء، 3 يونيو/حزيران، سقوط صاروخين في منطقة مفتوحة داخل هضبة الجولان المحتلة. وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية على الفور أن الصاروخين أُطلقا من منطقة درعا جنوب سوريا.

تبع ذلك بيانٌ للجيش الإسرائيلي، شنّ فيه غاراتٍ جويةً على “أسلحةٍ للنظام السوري في جنوب سوريا”. وأضاف الجيش أن النظام السوري “سيتحمل العواقب طالما استمرت الأنشطة العدائية انطلاقًا من أراضيه”.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن إسرائيل شنت الغارات الجوية، وقال إنها تزامنت مع تحليق مكثف للطائرات الحربية الإسرائيلية في الأجواء السورية.

لكن التغيير الأكثر لفتاً للانتباه كان تقرير وسائل الإعلام العربية عن جماعة غير معروفة سابقاً تطلق على نفسها اسم “كتائب الشهيد محمد الضيف” والتي أعلنت مسؤوليتها عن إطلاق الصاروخين على مرتفعات الجولان.

ما هي كتائب الشهيد محمد الضيف؟

برز اسم هذه المجموعة المسلحة فجأةً عقب الهجمات الصاروخية على مرتفعات الجولان. ولا تتوفر معلومات كافية عن طبيعة هذه المجموعة، وقيادتها، ومجالات نشاطها، وما إذا كانت فرعًا لجماعات فلسطينية معروفة، أو تأسست بدعم من أطراف أخرى في الصراع الدائر في الشرق الأوسط، أو بمبادرة من مجموعة أفراد.

لكن بعد الهجمات الصاروخية على الجولان، تداولت وسائل إعلام عربية حساباً على تطبيق تيليجرام منسوباً إلى “كتائب الشهيد محمد الضيف”.

وقد تم نشر “إعلان تأسيسي” مزعوم للفصيل عبر هذا الحساب، بتاريخ 31 مايو/أيار 2025، أي قبل عدة أيام من إطلاق الصاروخ على مرتفعات الجولان.

وينص البيان التأسيسي على أن “كتائب الشهيد محمد الضيف” ليست حزباً أو تنظيماً.

ولم يذكر البيان صراحة أسماء المؤسسين أو توجهاتهم، لكنه أشار بلاغيا إلى أن الفصيل عبارة عن مجموعة من الشباب الذين وصفوا بأنهم “جيل نشأ تحت القصف وكبر على ضجيج القنابل”.

1

ما هي أهداف هذه المجموعة؟ ولماذا أُسِّسَت؟

ينص بيان تأسيس المجموعة على أن دافع إنشائها كان “ألم الشعب، وصمت العالم، وخيانة جيراننا”. وكثيرًا ما تُربط هذه التصريحات بالحرب الدائرة في غزة والأزمة الإنسانية التي سببتها. ولعل هذا يُشير إلى أن المجموعة تأسست في سياق هذه الحرب وتداعياتها، كما أفاد ناشطون ومهتمون على منصات التواصل الاجتماعي.

لا ينص الإعلان التأسيسي على الأهداف المحددة للجماعة، ولكن إحدى الفقرات تحتوي صراحة على تهديدات ضد إسرائيل: فهي تصف إسرائيل بـ “العدو” وتتعهد “بزرع الرعب في القلوب” و”القتال بكل ما لدينا”، من بين تهديدات أخرى.

لا تنتمي الجماعة إلى أي فصائل فلسطينية معروفة، وتؤكد أنها ليست حزبًا ولا تنظيمًا. إلا أن بيانها ينص على أنها استمرار لما تسميه “النهج المتواصل للمقاومة وقادتها”. وفي هذا السياق، تذكر أسماءً مثل أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، ومحمد الضيف، وجميعهم منتمون إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

2_11zon

لماذا أطلقت المجموعة على نفسها هذا الإسم؟

ويبدو أن المجموعة أطلقت على نفسها اسم القائد السابق لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، محمد ضيف، الذي اغتيل، بحسب مصادر إسرائيلية، في غارة جوية على قطاع غزة في يوليو/تموز 2024.

ينعكس هذا أيضًا في شعار الجماعة، الذي يظهر في عنوان إعلان تأسيسها. يتوسط الشعار ظلٌّ يُشبه ظل محمد ضيف، والذي يُمكن رؤيته في صورةٍ مُرفقةٍ بصورةٍ له نشرتها حماس بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

محمد الضيف هو محمد دياب المصري، ولد في غزة عام 1965، والمعروف مجازيًا باسم “الضيف”، في إشارة إلى نمط حياته البدوي، الذي تضمن تجنب الغارات الجوية الإسرائيلية.

وكان الضيف عضوا في حركة حماس منذ تأسيسها في أواخر ثمانينيات القرن الماضي.

شارك في تأسيس الجناح العسكري للحركة “كتائب عز الدين القسام”، وأصبح قائداً للجناح العسكري في الضفة الغربية المحتلة عام 1993.

وفي عام 2002، أصبح الضيف القائد العام لكتائب عز الدين القسام بعد اغتيال سلفه صلاح شحادة في غارة جوية إسرائيلية.

ويتمتع الضيف بخبرة عسكرية واسعة تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي.

وعلى مدى ما يقرب من ثلاثة عقود، شارك في عمليات عديدة ضد إسرائيل، بما في ذلك اختطاف جنود، وإطلاق الصواريخ، وغيرها من العمليات العسكرية.

ويعتبر أيضًا، إلى جانب يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس، أحد المخططين الرئيسيين لهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية وفلسطينية أن الضيف نجا من سبع محاولات اغتيال في أعوام 2001 و2002 و2003 و2006 و2014 و2021، حيث حاولت إسرائيل اغتياله مرتين في العام نفسه.

أين تنشط “كتائب الشهيد محمد الضيف”؟

ورغم أن العمليات العسكرية الأولى للجماعة ضد إسرائيل كانت انطلاقا من الأراضي السورية في سبعينيات القرن العشرين، فإن إعلان تأسيسها تضمن عبارة “فلسطين المحتلة”، وهو ما يمكن تفسيره على أنه تأكيد على ارتباطها الجغرافي والسياسي بالقضية الفلسطينية، وليس مجرد تأكيد على قاعدة عملياتها الفعلية.

هذا المصطلح، الشائع استخدامه في أيديولوجية بعض الجماعات الفلسطينية، يعكس وجهة نظر تعتبر إسرائيل، إلى جانب الضفة الغربية وقطاع غزة، جزءًا مما يُعرف بـ “فلسطين التاريخية” أو “فلسطين المحتلة”. وهذا يوحي بأن الجماعة اعتمدت خطابًا منسجمًا مع هذا المفهوم الشامل، وإن كانت أنشطتها العملية قد بدأت خارج الأراضي الفلسطينية.

ويؤكد ذلك الفقرة الأولى من البيان، حيث جاء فيها أن “كتائب الشهيد محمد الضيف” تعلن تأسيسها “من قلب فلسطين المحتلة”.

ليس واضحًا مدى ارتباط الجماعة بالأراضي السورية. مع ذلك، فإن العملية الوحيدة التي أعلنت مسؤوليتها عنها حتى الآن انطلقت من الأراضي السورية. كما نشر حساب تابع للجماعة على تيليغرام مقطع فيديو يُزعم أنه يُظهر لحظة سقوط الصواريخ المُطلقة من سوريا على مرتفعات الجولان.

3_11zon

هل هناك فعلاً جماعة بهذا الاسم؟ وهل هي من أطلقت الصواريخ من سوريا؟

من الصعب التأكد من صحة المعلومات حول المجموعة التي تسمى “كتائب الشهيد محمد الضيف” أو إعلانها مسؤوليتها عن الهجوم على الجولان.

وتستند المعلومات المتوفرة إلى منشورات على حساب تيليجرام المرتبط بالمجموعة، بالإضافة إلى معلومات من وسائل إعلام عربية ومصادر محلية.

كما أعلنت جهة مجهولة أخرى مسؤوليتها عن إطلاق الصاروخين.

أفاد موقع “صوت العاصمة” الإخباري السوري المحلي أن ما يُسمى “جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا” أعلنت مسؤوليتها عن الهجمات الصاروخية. حتى أن الموقع نشر فيديو يُظهر لحظة إطلاق صاروخي غراد على مرتفعات الجولان. هذا زاد من الالتباس حول هوية مطلقي الصواريخ، وما إذا كانوا ينتمون بالفعل إلى هذه الجماعات المجهولة.

ما هو موقف الحكومة السورية المؤقتة من الجماعة؟

في أعقاب الهجمات الصاروخية على مرتفعات الجولان والقصف الإسرائيلي لأهداف في جنوب سوريا، صرحت وزارة الخارجية السورية في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن هناك “جهات عديدة” تسعى لزعزعة استقرار المنطقة لتحقيق مصالحها. ولم تذكر صراحةً “كتائب الشهيد محمد الضيف”، لكنها ذكرت أنها “لم تتأكد بعد من صحة التقارير المتداولة عن القصف الإسرائيلي”.

وأكدت وزارة الخارجية أن سوريا “لا تشكل ولن تشكل تهديدا لأي طرف في المنطقة”، لكنها في الوقت نفسه أدانت الهجمات الإسرائيلية على منطقة درعا في جنوب البلاد، ووصفتها بأنها “تصعيد يشكل انتهاكا صارخا للسيادة السورية”.

4_11zon

ما هو موقف إسرائيل من الأحداث؟

كان الموقف الإسرائيلي واضحًا على عدة أصعدة. فعلى الأرض، هاجمت طائرات إسرائيلية أهدافًا في جنوب سوريا بعد إطلاق صواريخ على مرتفعات الجولان. وحمّل الجيش الإسرائيلي الحكومة الانتقالية في سوريا مسؤولية ما يُسمى “الوضع الراهن”.

وقد عبر عن هذا الموقف وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الذي ألقى باللوم على الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع بقوله صراحة: “نحن نحمل الرئيس السوري المسؤولية المباشرة عن أي تهديد أو قصف موجه ضد دولة إسرائيل، وسيكون هناك رد شامل قريبا”.


شارك