إقالة موالين لإسرائيل في إدارة ترامب.. لماذا تثير مخاوف نتنياهو؟

بقلم: محمود الطوخي
أثارت إقالة مسؤولين حكوميين أمريكيين مخاوف في إسرائيل، التي تعتبرها مؤشرًا على تصاعد الانعزالية الأمريكية مدفوعةً بأجندة “أمريكا أولاً”. وهذا يعزز مخاوف تل أبيب من أن يؤدي ذلك إلى تراجع نفوذ واشنطن في السياسة الخارجية.
قالت مصادر إسرائيلية لصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية عبر موقعها الإلكتروني Ynet إن هناك قلقا متزايدا في إسرائيل بشأن التغييرات في الإدارة الأميركية في أعقاب إقالة مسؤولين “مؤيدين لإسرائيل”.
وتتزامن إقالات البيت الأبيض مع التوترات بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن هجوم محتمل على المنشآت النووية الإيرانية والحرب المستمرة في قطاع غزة.
وبحسب التقرير الإسرائيلي، فإن المسؤولين المفصولين هما إريك ترايجر، مدير مكتب الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، وميراف سيرين، وهي مواطنة أمريكية إسرائيلية كانت ستتولى رئاسة مكتب إيران وإسرائيل في مجلس الأمن القومي الأمريكي. وقد عُيّن كلاهما من قبل مستشار الأمن القومي مايك والتز، الذي أُقيل مؤخرًا من منصبه.
وذكر موقع “يديعوت أحرونوت” العبري أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو هو المسؤول عن إقالة سيرين وتراغر اللذين حلا محل مستشار الأمن القومي المقال والتز.
علاوة على ذلك، يشير الموقع العبري إلى أنه من المتوقع أن تستقيل مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ولبنان، من منصبها قريبًا. وتُعتبر أورتاغوس، التي اعتنقت اليهودية وترتدي نجمة داوود حول عنقها بفخر، من أبرز مؤيدي إسرائيل في الحكومة الأمريكية، وفقًا لموقع Ynet.
وأوضح أن أورتاغوس لعبت دورا مهما في مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، وأقنعت الحكومة اللبنانية باتخاذ موقف صارم ضد الجماعة الموالية لإيران ونزع سلاح مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن إقالة أورتاغوس الوشيكة أثارت قلق المسؤولين الإسرائيليين المعنيين بالشؤون الأميركية بسبب علاقاتها الوثيقة بالحكومة الإسرائيلية وتعاطفها مع سياساتها.
أثارت إقالة المسؤولين الأمريكيين جدلاً في إسرائيل. ولم تستبعد مصادر مطلعة إمكانية إقالة شخصيات أخرى موالية لإسرائيل في الحكومة الأمريكية، قائلةً: “كل شيء في إدارة ترامب يحدث لحظة بلحظة… لذا لا يمكننا استبعاد ذلك”.
وأكدت المصادر أن هؤلاء المسؤولين لم يأتوا من العدم، بل هم جزء من الخلاف المتزايد في العلاقات بين واشنطن وتل أبيب، إذ من الواضح أن الأميركيين اختاروا هذه السياسة بناء على اعتبارات خاصة بهم.
في المقابل، أفادت مصادر إسرائيلية أخرى أن “إقالة” المسؤولين الثلاثة من مناصبهم تأتي في سياق أجندة الرئيس دونالد ترامب “أميركا أولا”، مؤكدة أنها لم تكن موجهة بالضرورة ضد إسرائيل على وجه التحديد، بل ضد نفوذ أي دولة.
وتصر هذه المصادر على أن تريجر وسيرين أُزيلا من منصبيهما ليس بسبب موقفهما المؤيد لإسرائيل، بل كجزء من جهود الرئيس ترامب لإضعاف مجلس الأمن القومي ومركزية إدارة السياسة الخارجية تحت مسؤوليته الشخصية.
وأضافت المصادر: “لهذا السبب لم يعين ترامب خليفة (لمستشار الأمن القومي الأميركي المقال مايك والتز، الذي تم تعيينه سفيرا لواشنطن لدى الأمم المتحدة) وبدلا من ذلك أسند المنصب إلى وزير الخارجية روبيو”.
وبحسب الصحيفة العبرية، يعتقد مسؤولون إسرائيليون أن الشخصين المسؤولين عن التحركات الجارية داخل الحكومة الأميركية هما نجل الرئيس الأميركي دونالد جونيور، ونائبه جيه دي فانس.
مع ذلك، لم ينبع القلق الإسرائيلي من تغيير في موقف الحكومة الأمريكية من هذه الإقالات. فقد نشر تقرير سابق لموقع Ynet تصريحات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال محادثات مغلقة مع صديقه المقرب ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، انتقد فيها نتنياهو لعدم استباق توجيهات الحكومة الأمريكية بشأن تل أبيب والشرق الأوسط.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن نتنياهو لم يخف استياءه من ديرمر: “لم يفهم ديرمر ما كان يحدث. لقد خدعه الأمريكيون بعد أن اعتمد على واشنطن لعدم معارضتنا”.
أكد مسؤولون إسرائيليون أن وزير الشؤون الاستراتيجية ديرمر لم يتوقع أي تغيير في موقف واشنطن تجاه إسرائيل. وظلّ يعتقد أن الولايات المتحدة ستواصل دعم إسرائيل، وتمتنع عن الرد، وتستمر في التنسيق معنا. والحقيقة هي أن ديرمر قد أخطأ الهدف.
بحسب مسؤولين إسرائيليين كبار، يشعر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بقلق بالغ إزاء التغييرات في واشنطن، وكذلك إزاء نفوذ “الانعزاليين” الذين يُثيرون عدم الثقة بإسرائيل. ويزعمون أن “هؤلاء الانعزاليين يُخبرون ترامب أن إسرائيل تُحاول جرّ الولايات المتحدة إلى الحرب”.
وأضاف المسؤولون الإسرائيليون: “هذه هي الولايات المتحدة الجديدة، ولهذا السبب فهي تشكل مصدر قلق كبير بالنسبة لنتنياهو”.