في حال فشل المسار الدبلوماسي.. هل تقترب إيران من “ضربة استباقية”؟

وبحسب تقرير نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، بدأت إيران مؤخرا جهودا شاملة للدفاع الجوي استعدادا لهجمات عسكرية إسرائيلية أو أميركية محتملة في حال فشل المفاوضات النووية الجارية مع الولايات المتحدة.
وفقًا للتقرير، تضررت عدة منظومات دفاع جوي إيرانية حديثة، بما في ذلك صواريخ أرض-جو وأنظمة رادار متطورة، جزئيًا أو كليًا في غارات جوية إسرائيلية في أكتوبر/تشرين الأول وأبريل/نيسان من العام الماضي. وتشمل هذه المنظومات، على وجه الخصوص، نظام الدفاع الجوي بعيد المدى إس-300 روسي الصنع.
بالإضافة إلى الهجمات الإسرائيلية المباشرة على حلفاء إيران في المنطقة، يعتقد مراقبون أن دفاعات طهران، وخاصةً دفاعاتها الجوية، أصبحت حاليًا أكثر ضعفًا مما كانت عليه منذ عقود. ومع ذلك، أفاد خبراء للصحيفة أن جزءًا كبيرًا من أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية سليم أو أُعيد ترميمه وتشغيله في الأشهر الأخيرة.
وقد أظهرت تقييمات الاستخبارات الغربية، فضلاً عن صور الأقمار الصناعية وتأكيدات من محللين عسكريين مستقلين، أن إيران أعادت مؤخراً نشر العديد من منصات إطلاق الصواريخ أرض-جو، بما في ذلك أنظمة إس-300، بالقرب من المنشآت النووية الاستراتيجية في البلاد مثل نطنز وفوردو.
تُعزز هذه الإجراءات افتراض سعي إيران لحماية منشآتها النووية من هجوم مفاجئ. ويعزز هذا التوجه عرض السلطات الإيرانية علنًا لهذه المعدات الدفاعية خلال عروض عسكرية في العاصمة طهران الشهر الماضي، في إشارة رمزية إلى جاهزيتها العسكرية.
في فبراير، شوهدت وحدة إس-300 وهي تطلق صاروخًا أرض-جو خلال مناورة عسكرية. ومن المفارقات أنها كانت تستخدم رادارًا جديدًا مُطورًا محليًا. فسّر المراقبون هذا على أنه مؤشر على تعطل الرادار الروسي الأصلي.
وعلقت نيكول غرايفسكي، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في واشنطن، قائلة: “من الواضح أن إيران تحاول تبديد الانطباع بأن دفاعاتها الجوية المتطورة قد دمرت بالكامل”، مضيفة أن هذا العرض العلني لأنظمة الدفاع الجوي هو جزء من استراتيجية نفسية وسياسية خارجية.
من جانبه، أعلن رئيس الأركان العامة محمد باقري قبل أيام أن قواته المسلحة في حالة تأهب قصوى تحسبًا لهجوم محتمل على البلاد. وأكد أن الدفاع الجوي الإيراني قد تحسن بشكل ملحوظ، وأشار إلى مضاعفة الاستثمارات العسكرية وتطوير أنظمة الأسلحة.
وقال باقري في إشارة مباشرة إلى إسرائيل والولايات المتحدة: “يجب على أعداء إيران أن يدركوا أن أي انتهاك للمجال الجوي الإيراني سيقابل برد قاس ومؤلم وسيسبب لهم أضرارا كبيرة”.
ورغم المفاوضات الجارية مع حكومة واشنطن بشأن مستقبل البرنامج النووي الإيراني، هدد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي انسحب من الاتفاق النووي خلال ولايته الأولى، مراراً وتكراراً بمهاجمة إيران إذا فشلت المحادثات.
تطالب الولايات المتحدة إيران بوقف تخصيب اليورانيوم بشكل كامل. وتعتقد أن هذا شرط أساسي لامتناع إيران عن امتلاك قدرات نووية عسكرية مستقبلًا. مع ذلك، تُصرّ طهران على أنها ستواصل التخصيب للأغراض المدنية، وفقًا لما تسمح به الاتفاقيات الدولية.
في خطوة عسكرية بارزة، نشرت واشنطن ست قاذفات استراتيجية من طراز بي-2 في قاعدة دييغو غارسيا الجوية في المحيط الهندي في أبريل من العام الماضي. وكان هذا أكبر نشر لهذه الطائرات في التاريخ. واعتُبر هذا النشر بمثابة تحضير لهجمات محتملة على أهداف إيرانية.
في غضون ذلك، تضغط الحكومة الإسرائيلية حاليًا على الولايات المتحدة لدعم توجيه ضربات عسكرية مباشرة ضد إيران. ويشير العديد من المحللين إلى أن إسرائيل قد تنفذ هذه الهجمات دون تنسيق مسبق مع واشنطن، خاصةً إذا اشتبهت في قرب توقيع ترامب على اتفاق نووي جديد مع طهران، والذي تعتبره تل أبيب تهديدًا وجوديًا.
استهدفت هجمات الصواريخ الباليستية الإسرائيلية العام الماضي مجموعة من منصات الرادار والدفاع الجوي الإيرانية. ومع ذلك، لا تزال فعالية هذه الهجمات موضع جدل واسع النطاق بين الخبراء العسكريين.
ويشير المراقبون إلى أن أحداث اليوم تعكس سباقاً بين التصعيد العسكري المحتمل والمقامرة الدبلوماسية، حيث تسعى إيران إلى تعزيز موقفها الدفاعي بينما تحتفظ الأطراف المعارضة بخيارات الردع والهجوم.