هل يمكن إخراج المال بدلا من الذبح للأضحية؟ الإفتاء تجيب

في هذه الأيام ينشغل الناس بشراء الأضاحي استعداداً لعيد الأضحى. ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية بشأن حكم التبرع بالأضحية لحماً أو نقوداً للفقراء. وفي هذا التقرير نجيب على هذا السؤال استناداً إلى فتاوى الفتوى المصرية.
أجاب الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية الأسبق أنه لا يجوز ذبح الأضاحي إلا من الحيوانات مثل الإبل والبقر والغنم. لا يجوز شراء اللحوم أو التبرع بالمال للجمعيات الخيرية. لأنها عبادة للذات.
وأوضح أن ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما في شراء اللحم ينبغي أن يفهم على وجه خاص، وهو بيان أن الأضحية ليست واجبة مطلقاً، وحتى لا يظن الناس أنها واجبة وأنه إمام يجب اتباعه.
وتابع: “يجوز لمن يرغب في الأضحية أن يتبرع بالمال للجمعيات الخيرية إذا رأى أن من حوله يحتاجون إليه أكثر من اللحم، ولكن في هذه الحالة لا يُعتبر أضحية، بل صدقة”.
ما هي التضحية؟
وأوضحت دار الإفتاء أن الأضحية هي كل ما يذبح في أيام الأضحية بشروط تقرباً إلى الله تعالى. ولذلك فإن كل ما ذبح لغير التقرب إلى الله تعالى، كالحيوانات التي تذبح للبيع، أو للأكل، أو لإكرام الضيوف، فلا يعتبر ذبيحة.
وكل ما ذبح في غير هذه الأيام لا يعتبر من الأضاحي، حتى لو كان بقصد التقرب إلى الله تعالى. وكذلك كل ما ذبح بقصد العقيقة عن المولود، وكل ما ذبح في الحج هديا للتمتع أو القران، أو عقوبة على ترك واجب أو فعل محرم في الحج، أو هدية للبيت الحرام وفقراءه.
وأوضح علام أن القاعدة الأساسية في ذبح الأبقار والجاموس أن يكون عمرها سنتين. ويهدف هذا الشرط الذي يمتد لعامين إلى ضمان نموهم الكامل وامتلاكهم ما يكفي من اللحوم لحماية مصالح الفقراء والمحتاجين. إذا كان الحيوان أقل من سنتين، وفيه نسبة عالية من اللحم، كما هو الحال اليوم بسبب استعمال الأعلاف المركزة، فلا بأس بقتله. لأن السبب هو كثرة اللحوم.
وأما عدد الأضاحي: فللواحد يكفي شاة، وللسبعة بعير، أو بقرة، أو جاموسة.
الحكم على المجني عليه وما يجوز فيه
وقال علام إن التضحية من شعائر الدين ومن أبرز سماته. وهو مشروع بالكتاب والسنة والإجماع. وبحسب الفتوى المختارة فهي سنة مؤكدة. وقد فعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأمر بها، وحث عليها أصحابه.
عن أنس رضي الله عنه قال: ضحى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكبشين أبيضين أقرنين، فذبحهما بيده، وسمى الله وكبر، ووضع رجله على خاصرتهما. متفق.
وأضاف أنه سيكون من المذموم أن يتخلى عن التضحية من كان قادرا على ذلك. فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مسجدنا). رواه الإمام أحمد وابن ماجه.
تنص الشريعة على أنه لا يجوز التضحية بأي حيوان آخر غير الإبل والبقر والغنم وما أقاربها مثل الجاموس والماعز. وقد نقل الإجماع على ذلك جماعة من العلماء، منهم الإمام ابن عبد البر في “التمهيد” (23/188، ط وزارة الأوقاف)، والإمام النووي في “المجموع” (8/394، ط دار الفكر).
وهذا يعني أنه لا يجوز إعطاء المال أو شراء لحم وتقديمه قرباناً.
وأما ما رواه بعض السلف من إعطاء المال بدلاً من الأضحية فهو مبني على أن بعضهم رأى أن التصدق على الأيتام والمساكين من ثمن الأضحية أفضل من ذبحها.
وهذا قول الشعبي، وهو قول الإمام مالك وأبي ثور، كما في “الجامع لأحكام القرآن” للإمام القرطبي (15/ 107-108، طبعة دار الكتب المصرية).
حكم إهداء الأضحية لحماً أو نقوداً للفقراء
إن شراء اللحوم للصدقة أو التبرع بالمال للأيتام والفقراء والمحتاجين عمل محمود في الشريعة الإسلامية ويثاب عليه. ومع ذلك، فإنه لا يحل محل الضحية أو يأخذ مكانها.
مخاطر التبرع بثمن الأضحية كصدقة
وأوضحت دار الإفتاء أن أحداً من الأئمة الأربعة لم يجيز التبرع بمبلغ الأضحية بأي صورة من الصور إلا نقداً. إن التصدق بثمن الأضحية سيؤدي حتماً مع مرور الزمن إلى ترك الناس لهذه الشعيرة، وترك عبادتها، وعدم الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في إقامتها، وإهمال الحكمة من تشريعه.
وأشارت إلى أن هذا التوجه في الظروف العادية يؤدي إلى انهيار أسعار الأضاحي، ما يضر بالمنتجين والتجار. لو جاز التبرع باللحم للجمعيات الخيرية، لتدافع الفقراء إلى المحلات لشراء اللحم بأموالهم. لكن المبدأ الأصلي هو أن الذبح في هذه الطقوس هو عمل عبادة في حد ذاته.