كيف تحولت خطة توزيع المساعدات الأمريكية إلى مصيدة إسرائيلية بغزة؟

منذ اليوم الأول لدخول خطة المساعدات الأميركية الإسرائيلية لغزة حيز التنفيذ، تحولت الخطة الجديدة، التي كانت تل أبيب وواشنطن تروج لها باعتبارها فرصة محتملة للخلاص في مواجهة المجاعة المتصاعدة، إلى مشهد من الفوضى والانهيار. ورغم أن الهدف المعلن كان إنقاذ أكثر من مليوني فلسطيني مهددين بالمجاعة، فإن الواقع على الأرض بدا أكثر فوضوية وعنفاً مما توقعه أي من الجانبين.
بداية احتفالية
في اليوم الأول من افتتاح مركز توزيع مؤسسة غزة الإنسانية ـ وهي المنظمة التي تأسست بدعم أميركي وإسرائيلي لتوزيع المساعدات ـ بدا المشهد أشبه باحتفال رمزي. انتشر مقطع فيديو يظهر حارس أمن أمريكي مقنع يقف على كومة من التراب ويقوم بإشارة بيده للحشد المحاصر خلف الأسلاك الشائكة. واستجابت الحشود بالهتافات والحماس، على أمل الحصول على الإمدادات التي منعتها إسرائيل منذ فترة طويلة.
المرتزقة الأميركيون يضحكون على آلام الناس في قطاع غزة.
كأنهم في مسرحية ترفيه، أولئك الذين باعوا ضمائرهم من أجل المال وأرادوا السخرية من شعب لم يستسلم رغم الجوع والحصار. #أيام_مباركة #غزة_تقاوم_وستنتصر_بإذن_الله pic.twitter.com/7nxlhqTreO
— Mehrak – الجامعة الأردنية (@me7rak_) ٢٩ مايو ٢٠٢٥
لكن المشهد سرعان ما تطور إلى كارثة. وفي فترة ما بعد الظهر، اقتحم آلاف المدنيين الجائعين المنطقة واخترقوا الحواجز. وسمعت أصوات طلقات نارية بينما ركض الناس في كل الاتجاهات وسط الفوضى. لقد قُتل العشرات من الأشخاص وأصيب عدد أكبر من الناس فقط من أجل الحصول على الطعام بعد أن ضربت المجاعة بالفعل أعدادًا كبيرة من الناس.
ولكن في واقع الأمر، كانت كمية المساعدات المتاحة وحجم الموارد التي قدمتها إسرائيل والولايات المتحدة في نقاط التوزيع القليلة غير متناسبة مع العدد الكبير من الناس، بما في ذلك الأطفال، الذين كانوا يصطفون في طوابير غير منظمة للحصول على الغذاء. وفي نهاية المطاف، غادر بعضهم الحشد، إما مصابين بالطعام، أو موتى، أو بلا شيء.
هيكل بديل للأمم المتحدة
ومن خلال إنشاء مؤسسة غزة الإنسانية، حاولت إسرائيل خلق بديل للأمم المتحدة ووكالاتها. ويشمل ذلك وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، التي اتهمتها إسرائيل بالتعاون مع المقاومة الفلسطينية في تنفيذ عملية الجرف الصامد في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وكان من المفترض أن تصبح المنظمة الجديدة الهيئة الأكثر أهمية لتنسيق وتوزيع المساعدات في قطاع غزة.
وعلاوة على ذلك، فإن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإسرائيل بإنشاء الهيئة الجديدة كان محاولة للالتفاف على آلية الأمم المتحدة من خلال الادعاء بأن حركة المقاومة الإسلامية حماس تسيطر على المساعدات وتحولها. وتنفي حماس ذلك بشكل قاطع وتعتبره محاولة من حكومة بنيامين نتنياهو للالتفاف على حظر المساعدات المفروض على قطاع غزة.
ومن ناحية أخرى، قوبلت الخطة برفض واسع النطاق من جانب منظمات الإغاثة الدولية. ورفضوا التعاون مع المنظمة الجديدة لأن وجود قوات أمنية مسلحة ـ بما في ذلك أميركيون ـ في نقاط توزيع المساعدات من شأنه أن يقوض ثقة السكان المدنيين ويضعف فعالية جهود المساعدة.
وهرع آلاف الأشخاص في غزة لتلقي المساعدات من مركز توزيع جديد مدعوم من الولايات المتحدة في جنوب قطاع غزة. وتُتهم ما يسمى بمؤسسة غزة الإنسانية بدعم إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية. pic.twitter.com/cnIJrSVitY
– أخبار دويتشه فيله (@dwnews) 27 مايو 2025
مشاهد الاضطرابات والاشتباكات
وفي اليوم الرابع من التوزيع، قالت المؤسسة إنها وزعت “مليوني وجبة”، لكنها لم توضح كيف تم توثيق المستفيدين أو مراقبة التوزيع، ولم تقدم معلومات مفصلة بشأن هذه المسألة، حسبما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
وفي مخيم النصيرات للاجئين، أظهر مقطع فيديو حارس أمن يلقي قنبلة دخان على الحشد، ما تسبب في فرار العشرات من الأشخاص وهم يصرخون وسط الدخان. وقالت المنظمة إن الهجوم كان “ردا على حشد خطير رفض التفرق”، زاعمة أن القنبلة لم تكن قاتلة ولم تحدث “أي إصابات”. لكن هذا ليس صحيحا، حيث أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، الأحد، مقتل 31 فلسطينيا عندما هاجم جيش الاحتلال الإسرائيلي نقطة توزيع مساعدات في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.