الكوليرا تجتاح السودان.. انهيار صحي شامل وسقوط عشرات الضحايا والمصابين

يشهد السودان حاليا تفشيا خطيرا لمرض الكوليرا، وهو أحد أسوأ الأوبئة في تاريخ البلاد الحديث. وبحسب التقارير الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة السودانية ومنظمة أطباء بلا حدود، فقد توفي أكثر من 170 شخصا وأصيب أكثر من 2500 آخرين خلال أسبوع واحد فقط.
ويأتي هذا التفشي في ظل انهيار شبه كامل للبنية التحتية الصحية. وتعتبر هذه الحرب نتاجًا للحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المستمرة منذ عام 2023، والتي أدت إلى نزوح أكثر من 14 مليون شخص وتدمير واسع النطاق للمرافق الصحية.
تركزت حالات الكوليرا في العاصمة الخرطوم وأم درمان؛ كما تم الإبلاغ عن حالات في ولايات شمال كردفان وسنار والجزيرة والنيل الأبيض وولاية النيل. وفي ولاية النيل الأبيض، سجلت منظمة أطباء بلا حدود أكثر من 800 حالة إصابة وعشرات الوفيات في ثلاثة أيام فقط، مما دفع مراكز العلاج إلى العمل بكامل طاقتها.
وفي ولاية سنار، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 51 حالة إصابة بالكوليرا، من بينها خمس وفيات. ولا يزال 31 حالة تتلقى العلاج في مراكز العزل. وفي منطقة الرهد بولاية شمال كردفان، سجلت 20 حالة وفاة و40 حالة إصابة بقرية أبو سعد شرق الرهد.
لقد أدى الصراع المستمر إلى تدمير أكثر من 80 بالمائة من المرافق الصحية في السودان وهناك نقص حاد في الأدوية والإمدادات الطبية. وذكرت منظمة الصحة العالمية أن 39% من المرافق الصحية دمرت أو أصبحت غير صالحة للعمل، وأن 90% من المرافق الصحية في الخرطوم غير صالحة للعمل.
في مستشفى كوستي بولاية النيل الأبيض، يضطر المرضى إلى النوم على الأرض بسبب نقص الأسرة ونقص المحاليل والأدوية الأساسية. وقال الدكتور فرانسيس لايو أوكان من منظمة أطباء بلا حدود: “لقد نفدت المساحة لدينا ونضطر الآن إلى قبول المرضى في الخارج ومعالجتهم على الأرض لأنه لا يوجد ما يكفي من الأسرة”.
وأدى تدمير محطات الكهرباء والمياه نتيجة الهجمات العسكرية إلى انقطاع إمدادات المياه النظيفة وإجبار السكان على استخدام المياه الملوثة من النهر. وفي مدينة كوستي أدى الهجوم على محطة أم دباكر للكهرباء إلى إغلاق محطة المياه الرئيسية، ما أدى إلى تلوث مياه الشرب وانتشار وباء الكوليرا. ([Al-Consolto.com][4])
كما ساهم عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية، حيث لا تتوفر لهم إمكانية الحصول على الخدمات الصحية أو المياه النظيفة، في زيادة الحالات. وقال وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم، بحسب وكالة أسوشيتد برس، إن “زيادة حالات الكوليرا ترجع إلى عودة العديد من السودانيين إلى منطقة الخرطوم، وهو ما يشكل ضغطا على موارد المياه المحدودة”.
وأعلنت وزارة الصحة السودانية عن سلسلة من الإجراءات العاجلة، من بينها استئناف العمل في محطة مياه كوستي، وإطلاق حملة تطعيم جماعية، وتوفير 40 ألف وحدة من السوائل الوريدية، وتوسيع طاقة مركز العزل.
بالإضافة إلى ذلك، تم سن قانون الطوارئ الصحية العامة، والذي ينص على إغلاق الأسواق والمدارس والمحلات التجارية وتنفيذ حملات شاملة للنظافة البيئية.
وتدعم منظمة الصحة العالمية مراكز تثبيت التغذية، وتضمن توفير التطعيمات ضد الكوليرا، وتراقب تفشي الأمراض من خلال العمليات عبر الحدود.
من جانبه دعا رئيس الوزراء الأسبق عبدالله حمدوك في تدوينة على حسابه في فيسبوك، كافة المؤسسات والمنظمات الإنسانية للتدخل الفوري لإنقاذ الشعب السوداني وبذل كل الجهود لمواجهة هذه الكارثة الصحية.
ناشدت منظمة أطباء بلا حدود الأمم المتحدة والمنظمات الدولية توفير الكوادر الطبية والإمدادات اللازمة لعلاج المرضى. وأشارت المنظمة إلى أن “الوضع مقلق للغاية ومن المرجح أن يخرج عن السيطرة”.