مسلسل المحامي يفضح إسرائيل.. دراما تمنح غزة الكلمة في ساحة العدالة

– تم الانتهاء مؤخراً من تصوير مسلسل “المحامي” في لبنان. وتدور أحداث المسلسل في قاعة محكمة دولية افتراضية حيث يتم فتح ملفات تفصل جرائم إسرائيل ومجازرها أثناء الإبادة المستمرة للفلسطينيين في قطاع غزة. منتج المسلسل عدي عزي: كل حلقة من حلقات “المحامي” تركز على واقع محدد ناتج عن المجازر، والمسلسل يعطي صوتا لأولئك الذين لم تسمع شهاداتهم في محاكم العدالة الدولية. وهذا أقل ما يمكننا فعله لأهلنا في قطاع غزة. مخرج المسلسل إيلي رموز: «المحامي» سيحظى باهتمام كبير في العالم العربي، خاصة أننا تلقينا عروضاً من عدة محطات تلفزيونية لعرض الفيلم حتى قبل الانتهاء من الإنتاج. الممثل السوري سامي نوفل أحد أبطال مسلسل “المحامي”: هدفنا دعم قضية قطاع غزة، لأن معاناة سكانه قد تتكرر اليوم في مكان آخر من العالم، وما يحدث هنا هو هجوم ممنهج على تاريخ المنطقة.
في خطوة فنية جريئة تعالج مأساة إنسانية يومية غير مسبوقة، انتهى مؤخراً تصوير المسلسل الجديد “المحامي” في لبنان.
“المحامي” هو مسلسل درامي يتناول الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة للشهر العشرين على التوالي.
وبحسب صناع المسلسل، فهو أول مسلسل درامي منذ عملية الطوفان في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يتناول بعض جوانب الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
وفي ذلك اليوم، هاجمت حماس إحدى عشرة قاعدة عسكرية و22 مستوطنة بالقرب من قطاع غزة، مما أسفر عن مقتل وأسر إسرائيليين. وقالت حركة حماس، في بيان، إن “جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك”.
منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل، بدعم أمريكي كامل، حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، مما أسفر عن القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة كل النداءات والأوامر الدولية من محكمة العدل الدولية لإنهاء هذه الحرب.
لقد خلفت هذه الإبادة الجماعية أكثر من 177 ألف قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 11 ألف شخص في عداد المفقودين. علاوة على ذلك، كان هناك مئات الآلاف من النازحين والمجاعة التي أودت بحياة العديد من الأشخاص، بما في ذلك الأطفال.
وفي خضم هذه الإبادة اليومية، تجري أحداث “المحامي” في قاعة محكمة دولية افتراضية، حيث تُفتح ملفات جرائم إسرائيل ومجازرها بحق الشعب الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزة، بحسب بيان صادر عن صناع المسلسل لوكالة الأناضول للأنباء.
ويتابع المسلسل جلسات هذه المحكمة الرمزية، حيث يمثل المدعي العام الفلسطيني ومساعده أصوات الضحايا ويواجهان محامي الدفاع الإسرائيلي ومساعده اللذين يحاولان التهرب من المسؤولية عن الجرائم.
وتضم كل حلقة شهود فلسطينيين من غزة، وفي بعض الأحيان شهود إسرائيليين، لسرد أحداث حقيقية أثناء الإبادة الجماعية المستمرة.
يتخذ فيلم “المحامي” نهجًا دراميًا يجمع بين الوثائقي والدراما، ويمنح صوتًا لأولئك الذين لم يتم الاستماع إلى شهاداتهم أبدًا في محاكم العدالة العالمية.
لا يخفي المسلسل انحيازه الأخلاقي والإنساني للقضية الفلسطينية، بل يسعى إلى إنصافها من خلال الفن وكشف تزييفات القوة المحتلة إسرائيل، التي تعمل منذ عقود على طمس الحقيقة.
** رسالة للعالم
وقال منتج مسلسل “المحامي” عدي عزي لوكالة الأناضول: “موضوع المسلسل واقعي وحساس، خاصة أنه يتناول القضية الفلسطينية”.
وأضاف أنه “يركز بشكل خاص على ما يحدث اليوم في قطاع غزة والمجازر التي تجري هناك، وهي رسالة للعالم وليس للعرب فقط”.
وتابع: “المسلسل مكون من 30 حلقة، كل حلقة تحكي واقعاً معيناً ناتجاً عن المجازر التي حصلت وما زالت مستمرة، خاصة فيما يتعلق بالأطفال الذين يتم قتلهم”.
وفي 22 مايو/أيار الماضي، أعلنت وزارة الصحة في غزة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل 16503 أطفال فلسطينيين خلال المجزرة.
وعندما سئلوا عن سبب اختيار اسم “المحامي”، قال عزي: “لأننا لم نر أحداً يتحدث أو يدافع عن أهل غزة بشأن المجازر التي ترتكبها إسرائيل ضد الأطفال والنساء والأبرياء”.
وأعرب عن اعتقاده بأن “سلسلة المحامين تعطي صوتًا لأولئك الذين لم يتم الاستماع إلى شهاداتهم في محاكم العدالة العالمية، وأن هذا أقل ما يمكننا فعله لشعبنا في غزة”.
** الكثير من الضغط
وعن طاقم العمل، قال عزي: “شارك في الإنتاج ممثلون من مختلف أنحاء العالم العربي، بما في ذلك الأردن ومصر ولبنان وسوريا. ورفض بعض النجوم المقابل المادي لأن المسلسل يتناول معاناة قطاع غزة”.
وتابع: “هناك ممثلون آخرون رفضوا عروضنا للعمل في هذا المسلسل، ظنًّا منهم أن مسلسلًا يتناول موضوعًا كهذا، وخاصةً الفلسطيني، حساس، ولذلك اعتذروا لنا”.
وأضاف عزي: “فريق الإنتاج كان تحت ضغط كبير بسبب موضوع المسلسل، ورأينا ذلك حافزاً لمواصلة العمل حتى النهاية”.
وعن أشكال الضغوط، أوضح: «كان هناك ضغط من الخارج، حيث جاءت الرسائل على شكل نصائح لثنيهم عن هذا العمل لأنه (في نظرهم) مشروع خاسر لن يجد طريقه إلى المعرض ولن يدعمه أحد، خاصة في هذا المناخ».
وأضاف: “كان هناك ضغط داخلي لأن التصوير كان في مكان واحد وعدد الممثلين كان كبيرا والتصوير كان يستغرق أكثر من 17 ساعة يوميا”.
وأكد أن “الممثلين جسدوا الشخصيات، وخاصة الممثل (السوري) جوان خضر، الذي امتنع في البداية عن القيام بدور محامي الدفاع الإسرائيلي، خاصة أنه (جوان) متحمس جداً للقضية الفلسطينية”.
وأضاف: “أما الممثل الأردني منذر ريحانة نجم المسلسل فقد أبدع في تجسيد دوره كمحامي يدافع عن القضية الفلسطينية، وهذا يعني له الكثير، خاصة أنه رفع العلم الفلسطيني في مهرجان كان السينمائي”.
وأشار عزي إلى أن “المسلسل سيعرض قريباً بعد الانتهاء من بقية الأعمال الفنية (مثل المونتاج) خلال أشهر قليلة وسيعرض على الشاشات”.
** العملية الدولية من أجل إسرائيل
وقال مخرج المسلسل إيلي راموز لوكالة الأناضول: “المسلسل يظهر محكمة دولية تحاكم جرائم الحرب الإسرائيلية”.
وتابع: “كل حلقة تقدم شهادات حقيقية من غزة، مدعومة بأدلة توثق التدمير الممنهج للمساجد والكنائس والمستشفيات”.
وقال راموز “نحن نوثق جرائم التطهير العرقي لتبقى سجلات للأجيال القادمة، والرسالة دائما واحدة: العدالة للشعب الفلسطيني”.
وأكد أن “جميع القصص في المسلسل مستوحاة من أحداث حقيقية، بما في ذلك قصف المسجد العمري الذي يعود تاريخه إلى 700 عام، وكنيسة القديس بورفيري، وكلاهما يعتبران جزءاً من الهجوم على تاريخ المنطقة”.
ورغم اختلاف القصص في كل حلقة، إلا أن راموز قال: “الرسالة الرئيسية التي يريد المسلسل إيصالها واحدة، لكن كل حلقة تُمثل حدثًا منفصلًا. قصف المستشفى المعمداني، والهجوم على الكنيسة، والمجازر التي تحدث هناك”.
وعن طاقم عمل المسلسل قال: «اخترنا أسماء مشهورة من دول عربية مثل مصر وسوريا والأردن ولبنان».
وأضاف أن هدف مسلسل “المحامي” هو “تذكير العالم بجرائم الحرب والإبادة الجماعية في غزة”.
وأعربت راموز عن قناعتها بأن «المسلسل سيحظى باهتمام كبير في العالم العربي، خاصة أننا تلقينا عروضاً من عدة محطات تلفزيونية قبل إتمامه».
مسلسل “المحامي” من إنتاج عدي عزي وتأليف وسيم العلي وإخراج إيلي رموز وإنتاج سامي عبد الكريم.
ويشارك في بطولة الفيلم أيضًا: مروة الأطرش، خاتم اللحام، ياسر البحر، تاتيانا مرعب، وسامي نوفل.
** مشكلة إنسانية عالمية
قال الممثل السوري سامي نوفل إن ما يحدث في قطاع غزة هو “أزمة إنسانية تحولت إلى مشكلة عالمية”.
وقال نوفل لوكالة الأناضول للأنباء إن “المسلسل يقدم محاكمة للجرائم المرتكبة في غزة أمام محكمة دولية، ويتولى الدفاع عن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي محامون”.
وأوضح أن “كل حلقة من المسلسل تحتوي على قصة موثقة، وكل وثيقة هي شهادات ناجين من المجازر والاعتداءات في غزة”.
وتابع: “هدفهم من خلال هذا العمل هو دعم قضية قطاع غزة، لأن المعاناة التي يعيشها أهل غزة اليوم قد تتكرر في جزء آخر من العالم”.
وأكد نوفل أن “ما يحدث في غزة هو هجوم ممنهج على تاريخ المنطقة”.
وأشار، على سبيل المثال، إلى قصف إسرائيل للمسجد العمري الكبير الذي يعود تاريخ بنائه إلى ما بين 600 و700 عام، وكنيسة القديس بورفيري التي يعود تاريخها إلى ألف عام.
هناك آلاف القصص على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصحافة العالمية عن الجرائم والمجازر في غزة. لذا، لن تكفي آلاف الحلقات لإنتاج دراما تروي هذه القصة، كما اختتم نوفل.
**تحدي القانون الدولي
تحاول الدراما توثيق وكشف الحقائق المذكورة أعلاه، خاصة في ضوء حقيقة أنه على الرغم من الجهود المكثفة لمقاضاة إسرائيل في المحاكم الدولية، فإن إسرائيل في الواقع تنتهك القوانين والمؤسسات الدولية من خلال مواصلة الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
وفي وقت سابق، أصدرت محكمة العدل الدولية يومي 28 مارس/آذار و26 يناير/كانون الثاني 2024 تدبيرين مؤقتين بناء على طلب جنوب أفريقيا في قضية تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
وتشمل هذه التدابير توفير الخدمات الأساسية دون عوائق والمساعدات الإنسانية العاجلة، فضلاً عن الرعاية الطبية والدعم، للفلسطينيين في جميع أنحاء قطاع غزة. لكن إسرائيل تتجاهلهم.
لقد حاصرت إسرائيل غزة لمدة 18 عامًا، مما أدى إلى تشريد نحو 1.5 مليون من أصل 2.4 مليون مواطن فلسطيني بعد تدمير منازلهم في حرب الإبادة.
لقد احتلت إسرائيل أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان لعقود من الزمن، وترفض الانسحاب من هذه الأراضي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على طول حدود ما قبل عام 1967.