هل يجب الحج بمجرد وجود الاستطاعة أم يجوز التأجيل؟.. الإفتاء تجيب‬

منذ 6 أيام
هل يجب الحج بمجرد وجود الاستطاعة أم يجوز التأجيل؟.. الإفتاء تجيب‬

موسم الحج على الأبواب. لقد فرض الله تعالى الحج على كل مسلم قادر مرة واحدة في عمره. قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ بَيْتِهِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (آل عمران: 97)

في هذا التقرير نتناول بعض القضايا التي يواجهها المسلمون فيما يتعلق بإمكانياتهم المالية وعلاقتهم بأداء فريضة الحج…

ما حكم من مات غنيا ولم يحج؟

ورد لدار الإفتاء سؤال بشأن حكم من مات غنياً ولم يحج. السؤال هو: هل يجب الحج عند الاستطاعة أم يجوز تأجيله؟ وما حكم من مات غنياً ولم يحج؟

رد الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية الأسبق على من يستطيع الحج ماديا وجسديا أن ينصحه بالمبادرة والإسراع في أداء فريضة الحج. ويجوز لهم تأجيل الإجراء إذا كانوا يعتقدون أنهم سيكونون آمنين وقادرين على القيام به لاحقًا. لكن إذا اعتقدوا أنهم معرضون للموت بسبب المرض أو الشيخوخة، وجب عليهم أداء فريضة الحج على الفور.

وتابع: “من كان بإمكانه الحج الواجب ومات قبله، فقد ترك وصية وميراثًا، فيُحج عنه من ثلث ماله عند الحنفية والمالكية، أو من جميع ماله عند الشافعية والحنابلة”.

وأضاف: “أو مات بغير وصية وترك تركة، فلا يجب على ورثته الحج عنه، بل يستحب ذلك تجنبًا للخلاف، وكذلك من مات بغير وصية”.

الحج عن الميت من مال الغير

وسأل آخر عن حكم الحج عن شخص مات وهو قادر عليه، وهل يحج عنه من غير ماله؟ توفي رجل في الأربعينيات من عمره بعد تشخيص إصابته بالسرطان. وكان له زوجة وأولاد صغار ولم يحج، مع أنه كان يستطيع ذلك. وبعد وفاته قامت إحدى أخواته بالحج باسمه من مالها الخاص حتى تتمكن من ترك ثروته لأولاده القصر.

أجاب الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية الأسبق، أنه يجوز شرعاً أداء فريضة الحج عن الميت. الحج فريضة شرعية تقبل التمثيل، ولا فرق بين أن يكون بأجرة أو بالمجان. يشترط فيمن يحج عن الميت أن يكون قد أدى فريضة الحج عن نفسه.

هل يجوز خصم مبلغ من تركة الميت قبل توزيعه على الحج باسمه؟

ورد السؤال التالي إلى دار الإفتاء: “توفي رجل وترك ميراثًا، ولم يحج في حياته حتى وفاته، ولم يكن الميراث قد قُسِّم بعد وقت السؤال. فهل يجب خصم مبلغ من الميراث قبل التوزيع لتغطية نفقات الحج؟ وهل يُعدّ هذا دينًا على المتوفى؟ وهل يجوز دفع نفقات الحج إلى جهة دينية معترف بها لتؤدي الحج عنه؟”

وأجابت هيئة الإفتاء بأن الشريعة الإسلامية تشترط المطالبة بالديون مقابل شيء آخر. هناك نوعان: دين لله، ودين للعباد. الدين لله هو أن لا أحد يطالب به العباد. مثل الزكاة والكفارة.

ولا يؤدى الحج ولو كان ديناً لله من التركة إلا إذا أوصى به الميت قبل موته، فيؤدى من الوصايا في حدود الثلث بعد قضاء ديون العباد. وإن لم يوص به فإنه ينقضي بالموت على ما ذهب إليه الحنفية وما أوجبه الشرع عليهم، إذ جاء في التعليل أن المراد بالدين ما له صاحب من العباد، فإن ديون الله لا تلزم التركة بقضائها. حسب المذهب الحنفي. لكن إذا اتفق الورثة على الحج عن الميت من تركته قبل قسمتها فلا حرج في ذلك، ويجوز دفع نفقات الحج إلى إحدى الجمعيات الشرعية المعتمدة لتحج عنه.

الحج لمن عليه ديون مؤجلة

وسأل آخر: “أريد الحج، ولكن عليّ ديون لشراء شقة بالتقسيط، فهل يجوز لي الحج أم يجب عليّ سداد الدين أولًا؟”

أجابت هيئة الإفتاء أنه يجوز شرعاً لمن عليه دين مؤجل على شكل أقساط أن يحج إذا تأكد أن أداء مناسك الحج لن يؤثر على سداد تلك الأقساط في المواعيد المحددة مسبقاً. كأنه كان لديه ما يكفي من المال لسداد هذه الديون عندما يحين موعد استحقاقها.

حكم الإقراض لأداء الحج

ورد سؤال إلى دار الإفتاء بشأن حكم الاقتراض لأداء فريضة الحج. أجابت دار الإفتاء أنه بإجماع الفقهاء لا يجب على من وجب عليه الحج الاقتراض من أجله. قال الإمام النووي رحمه الله في “المجموع شرح المهذب” (7/76 ط دار الفكر): “لا يجب عليه الاقتراض للحج، ولا منازع في ذلك”. نهاية الاقتباس.

إذا كلف المقرض نفسه أو من يعولهم فوق طاقتهم، وعرض نفسه أو من يعولهم للفتن والأمور التي لا طاقة لهم بها، فالقول بالتحريم في حقه أولى.

لكن إذا كان تحصيل ما يقضي به دينه يمنعه من القيام بأعمال الدين التطوعية، وحفظ الأخلاق الكريمة، وفعل المكارم، فالأرجح أن ذلك مكروه في حقه. إذا لم يوجد شيء من ذلك، وكان هناك احتمال كبير أن يتمكن من سداد القرض دون ضرر على نفسه أو عائلته، فإنه يجوز له الاقتراض دون أن يكون ذلك محرماً ولا مكروهاً.

وأوضحت أنه على كل حال، ورغم اختلاف الوضع الشرعي بحسب حالة المقترض، فإن من حج بالمال المقترض يحصل على أجر الحج إن شاء الله تعالى، ويسقط عنه الدية إذا كان حجه حجة الإسلام.

– حكم الصرف من صندوق الجزية للحج والعمرة لموظفي الشركة

كما ورد سؤال آخر إلى هيئة الإفتاء بشأن حكم الصرف من صندوق الجزائية للحج والعمرة لموظفي إحدى الشركات. السؤال: أعمل في شركة خاصة، ولديهم ما يسمى بصندوق الجزاءات، وهو مخصص لموظفي الشركة للسفر والإجازات الصيفية، فهل يجوز صرفه في الحج والعمرة؟

أجاب الدكتور نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية الأسبق، أنه ما دام لدى الشركة صندوق يسمى “صندوق التأديب” يتم تحصيل الأموال منه من الموظفين الذين يخالفون أنظمة الشركة وقوانينها ولوائح العمل بسبب تقصير بعض الموظفين، وهذا معلوم لدى جميع موظفي الشركة، فإن سياسة الثواب والعقاب من الأمور المقررة في الشريعة الإسلامية، والأموال المجمعة في هذا الصندوق تصبح ملكاً للشركة، وتتصرف فيها الشركة كما تشاء. وإذا تبرعت الشركة ببعض هذه الأموال لموظفيها فإن ذلك جائز شرعاً، ويجوز استخدام هذه الأموال في أداء فريضة الحج والعمرة.


شارك