السياحة لأمريكا تتراجع.. كيف أطاحت سياسات ترامب التجارية بثقة الزوار؟

منذ 4 أيام
السياحة لأمريكا تتراجع.. كيف أطاحت سياسات ترامب التجارية بثقة الزوار؟

مع تشديد الرقابة على الحدود، وانتشار التعريفات الجمركية، وتدهور صورة الولايات المتحدة في الخارج، يبدو أن السياحة الدولية إلى الولايات المتحدة آخذة في التراجع، مع ما قد يترتب على ذلك من عواقب اقتصادية خطيرة. وتشير أحدث البيانات الصادرة عن مجموعة من المنظمات السياحية إلى أن واشنطن قد تخسر أكثر من 23 مليار دولار من ناتجها المحلي الإجمالي هذا العام بسبب تراجع ثقة السياح الأجانب. وهذا ينطبق بشكل خاص على البلدان التي كانت حتى وقت قريب من بين أكثر البلدان زيارة للولايات المتحدة.

ولا يقتصر هذا الانخفاض على حجوزات الفنادق. ويمتد تأثيرها أيضًا إلى قطاعات الخدمات المرتبطة بالسياحة مثل الفنادق والمطاعم. وتشير تقديرات موقع الأعمال الأمريكي “إمبلان” إلى أن هذا قد يؤدي إلى خسارة 23 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة وخسارة نحو 230 ألف وظيفة. ومن المرجح أن تتأثر الوظائف في قطاعات الضيافة والترفيه والتجزئة بشكل خاص، مما يعني ضربة اقتصادية شديدة للوجهات السياحية الكبرى مثل فلوريدا ونيويورك ولاس فيغاس.

صورة 1

ثقة السائحين تتضاءل

تشير البيانات الأخيرة من موقع حجز الفنادق تريفاجو إلى انخفاض مزدوج الرقم في حجوزات السفر من دول رئيسية مثل اليابان وكندا والمكسيك في مايو ويونيو 2024 مقارنة بالعام السابق. وسجلت اليابان وكندا انخفاضاً بنحو 20 في المائة، في حين شهدت بلدان أخرى مثل ألمانيا انخفاضاً أصغر نسبياً بلغ نحو 10 في المائة. في المقابل، أبقت المملكة المتحدة أسعار الفائدة مستقرة بعد توقيع أول اتفاقية تجارية لها مع الولايات المتحدة عقب الإعلان عن الرسوم الجمركية.

وتعد هذه الدول من بين الدول الأولى التي ستتأثر بشكل مباشر بالرسوم الجمركية التي فرضها ترامب. وبعد أن فرض الرئيس الجمهوري رسوما جمركية بنسبة 25% على واردات السيارات وقطع غيار السيارات، بالإضافة إلى مزيد من الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم، بدأ عدد الزوار من هذه البلدان في الانخفاض بشكل كبير.

وفي تقرير صدر هذا الشهر، توقع مجلس السفر والسياحة العالمي أن إنفاق الزوار الدوليين في الولايات المتحدة سينخفض من 181 مليار دولار في عام 2024 إلى أقل من 169 مليار دولار بحلول نهاية عام 2025.

يمثل هذا انخفاضًا بنسبة 7% مقارنة بعام 2024 وانخفاضًا بنسبة 22% مقارنة بذروة السياحة قبل جائحة كوفيد-19 في عام 2019. وتقول جوليا سيمبسون، رئيسة المجلس: “تفرش العديد من الدول حول العالم السجادة الحمراء للسياح، بينما يبدو أن أمريكا ترفع لافتة: نحن مغلقون”.

صورة-2

كندا تقود المقاطعة

منذ يومه الأول في منصبه خلال ولايته الثانية، روّج ترامب لشعار “أميركا أولاً”، وهو ما تعتبره بعض الدول “سياسة معادية”، خاصة في ظل الإجراءات القاسية ضد المهاجرين على الحدود، والتي ساهمت في ترسيخ الصورة السلبية للبلاد في الرأي العام الدولي ودفعت العديد من الدول إلى إصدار تحذيرات سفر إلى الولايات المتحدة.

وفي كندا، حيث تربطها علاقات تجارية وإنسانية وثيقة مع الولايات المتحدة، تغير هذا منذ أعلن ترامب عن رغبته في جعل جارتها الشمالية “الولاية الحادية والخمسين في أمريكا”. أظهر استطلاع للرأي أجرته شركة لونجوودز إنترناشيونال أن 60% من الكنديين أصبحوا أقل ميلاً للسفر إلى الولايات المتحدة بسبب التوترات السياسية والاقتصادية الأخيرة. وانعكس هذا أيضًا على المستوى المحلي: فقد انخفض عدد الزوار الكنديين بنسبة 35% عن طريق البر وبنسبة 20% عن طريق الجو. ومن المتوقع أن ينخفض إجمالي عدد الزائرين الكنديين للولايات المتحدة بنسبة 20% هذا العام.

صورة 3

وكان لهذه التغييرات تأثير كبير على المدن الحدودية الأمريكية الصغيرة، وخاصة في ولايات مثل واشنطن ونيويورك. أشارت أكثر من 66% من شركات السفر في شمال ولاية نيويورك إلى انخفاض الحجوزات من كندا بحلول عام 2025.

وبحسب تقديرات موقع “إمبلان” الأميركي للأعمال، فإن انخفاض السياحة الدولية بنسبة 10% قد يؤدي إلى خسارة ما يعادل 230 ألف وظيفة في الولايات المتحدة. وتشمل القطاعات التي قد تتأثر أكثر ما يلي:

• تم فقدان 50 ألف وظيفة في قطاع المطاعم.

• تم فقدان حوالي 45 ألف وظيفة في قطاع الفنادق والإقامة.

• تم فقدان 25 ألف وظيفة في قطاع الترفيه.

• تم فقدان حوالي 19.500 وظيفة في قطاع التجزئة، بما في ذلك محطات الوقود.

وتقدر الخسائر في الدخل الناتجة عن ذلك، بما في ذلك الأجور والرواتب والأرباح الفردية، بأكثر من 13 مليار دولار. وحذرت الخبيرة الاقتصادية جينيفر ثورفالدسون في تصريح لصحيفة فورتشن من أن هذا سيكون له تداعيات كبيرة على سوق العمل الأميركية.

صورة رئيسية

من شركات الطيران إلى الفنادق

ومن الولايات المتحدة إلى أوروبا، التي تتأثر أيضًا برسوم ترامب الجمركية، تشهد شركات الطيران الأوروبية مثل الخطوط الجوية الفرنسية – كيه إل إم ولوفتهانزا انخفاضًا في الطلب على الرحلات عبر الأطلسي إلى الولايات المتحدة. وفي المقابل، ارتفع الطلب الأميركي على السفر إلى أوروبا، مما يعكس تبايناً صارخاً في تدفقات السفر.

وفي الوقت نفسه، بدأت شركات الطيران الأميركية الكبرى مثل دلتا ويونايتد في إعادة النظر في جداول رحلاتها. قررت شركة دلتا تقليص جدول رحلاتها الصيفية، وقررت شركة يونايتد إيقاف تشغيل 21 طائرة مبكراً وتقليص الرحلات إلى كندا استجابة لانخفاض الحجوزات. وتواجه المطارات الأميركية أيضاً أزمات تشغيلية بسبب فشل أنظمة مراقبة الحركة الجوية ونقص الموظفين، وخاصة في المطارات مثل نيوارك وأتلانتا.

صورة 5

أما الفنادق فلا تزال تنتظر الضربة الكبرى. وبحسب مجلة فوربس، انخفضت أسعار أسهم الفنادق بشكل حاد بعد الإعلان عن الرسوم الجمركية في أبريل/نيسان، “وهي ضربة أخرى لقطاع السياحة الذي لم يتعاف بعد من آثار جائحة كوفيد-19”.

الترويج للبدائل الأرخص

ورغم تراجع قيمة الدولار نتيجة موجة الرسوم الجمركية، فإنه يظل قويا نسبيا مقارنة بعملات مثل الين الياباني والريال البرازيلي، مما يجعل الولايات المتحدة وجهة باهظة الثمن للسياح. وسوف يؤدي هذا الآن إلى تفضيل العديد من المسافرين لدول ذات أسعار أفضل ودخول أسهل، مثل المكسيك ومنطقة البحر الكاريبي، التي تقدم نفسها الآن كبديل مناسب للولايات المتحدة.

صورة 6

وبحسب توقعات أوكسفورد إيكونوميكس، من المتوقع أن ينخفض عدد الزائرين الدوليين للولايات المتحدة بنسبة 8.7% في عام 2025. وقبل بضعة أشهر فقط، كانت هناك زيادة بنسبة 8.8%. ويتوقع الموقع أن يشتد التأثير مع اقتراب أشهر الصيف القصوى في يونيو/حزيران ويوليو/تموز وأغسطس/آب.


شارك