هل تهدد أزمة الشاباك فرص بقاء حكومة نتنياهو؟

منذ 4 أيام
هل تهدد أزمة الشاباك فرص بقاء حكومة نتنياهو؟

في 15 مايو/أيار 2025، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعيين اللواء ديفيد زيني رئيساً جديداً لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك). ووصفت هذه الخطوة بأنها مثيرة للجدل داخل المؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية. وجاء هذا التعيين رغم اعتراضات من جهات عدة، وخاصة من قيادة الجيش، التي أعربت عن عدم رضاها عن طريقة اتخاذ القرار. وقد ثبت ذلك بشكل خاص بعد أن تم إبلاغ رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير بالتعيين قبل دقائق فقط من الإعلان الرسمي، وهو ما اعتبره انتهاكا غير مسبوق من قبل القيادة العسكرية. وأدى ذلك إلى استدعاء زامير إلى جلسة إعلانية، انتهت بقرار إنهاء خدمته العسكرية.

1

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تسجيلات مسربة لمحادثة بين زيني وسكان المستوطنات الحدودية في قطاع غزة. ومن الواضح أن آراء زيني بشأن دور جهاز الشاباك تختلف بشكل كبير عن آراء سلفه رونين بار. وشدد زيني على أهمية “تدمير حماس والجهاد الإسلامي وكل المنظمات الإرهابية الأخرى”، مشيرا إلى أن الهدف الرئيسي من الحرب، وهو ضمان أمن إسرائيل، لم يتحقق بعد.

لكن خطابه، الذي حمل فيه مسؤولية الأمن للسكان المحليين ودعاهم إلى “اليقظة لمنع الهجمات المستقبلية”، أثار ردود فعل غاضبة من الحاضرين. اتهموه بعدم فهم دوره كرجل أمن. وعكس هذا التوتر العميق داخل جهاز الأمن العام (الشاباك).

تهديدات بالاستقالة داخل جهاز الشاباك

وذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل أن كبار المسؤولين في جهاز الأمن العام (الشاباك) هددوا بالاستقالة إذا ظل تعيين زيني قائما. ووصف هؤلاء المسؤولون، وخاصة منسقو المناطق في القدس والضفة الغربية، تعيينه بأنه “ذو دوافع سياسية” ويتعارض مع القيم المهنية للوكالة.

ولم يتم تقديم أي استقالات رسمية حتى الآن، لكن التهديد يعكس أزمة داخلية خطيرة تهدد استقرار الجهاز في وقت حساس للغاية.

2

إضافة إلى التوترات الأمنية، يرافق قرار تعيين زيني أزمات قانونية خطيرة. ووصف المدعي العام غالي بهاراف ميارا هذا التعيين بأنه “انتهاك للمبادئ التوجيهية القانونية” وحذر من تضارب المصالح وعدم وجود إطار قانوني واضح لشغل المناصب في أعلى أجهزة الأمن.

يُشار إلى أن المحكمة العليا الإسرائيلية كانت قد أوقفت في وقت سابق إقالة حكومة نتنياهو لرئيس جهاز الشاباك السابق رونين بار، والتي كانت قد قررت إقالته في مارس/آذار 2025، بسبب “أعمال غير قانونية” وعدم الامتثال للإجراءات القانونية، مما أجبر الحكومة على التراجع مؤقتًا.

وأمر نتنياهو أيضا بإقالة ستة من أصل عشرة أعضاء في لجنة التعيينات في مفوضية الخدمة المدنية. وبهذه الطريقة حاول تعيين أعضاء موالين له. وقد أدى ذلك إلى تفاقم الأزمة القانونية، ويُنظر إليه على أنه خطوة من شأنها تقويض استقلال المؤسسات.

وكانت ردود الفعل السياسية على القرار شرسة. ودعا زعيم المعارضة يائير لابيد زيني إلى رفض المنصب حتى تحل المحكمة العليا المسألة، بحجة أن نتنياهو كان في “صراع خطير في المصالح”.

في هذه الأثناء، اتهم وزير الدفاع بيني غانتس نتنياهو بـ”تجاوز الخطوط الحمراء وتقويض سيادة القانون”. وحذر من أن القرار قد يؤدي إلى تقويض التنسيق داخل الأجهزة الأمنية وإضعاف المنظومة الدفاعية في مواجهة التهديدات الحقيقية من قبل حركتي حماس والجهاد الإسلامي.

3

في المقابل، دافع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش عن تعيين زيني، واصفا إياه بأنه “الشخص المناسب لقيادة جهاز الأمن العام (الشين بيت) في وقت حرج”.

وبحسب تقارير إعلامية عبرية، فإن الأزمة التي أثارها تعيين زيني ليست مجرد نزاع إداري أو سياسي مؤقت. بل إنها إشارة إلى أن الانقسامات داخل الأجهزة الأمنية، وبين الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، وبين الحكومة والقضاء، أصبحت أعمق من أي وقت مضى. وعلاوة على ذلك، أصبحت قدرة الحكومة على الاستجابة للتحديات الأمنية الكبرى ضعيفة، وخاصة في مواجهة التهديدات المستمرة والمتنامية من قطاع غزة وتلك التي تشنها حماس والتي أدت إلى هجوم أكتوبر/تشرين الأول 2023 الذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واختطاف 251 آخرين.

علاوة على ذلك، فإن الاحتجاجات الشعبية المستمرة والمواجهات بين الأجهزة الأمنية والقضاء تقوض ثقة الجمهور في الحكومة وقد تؤدي إلى توترات سياسية قد تهدد استقرارها.


شارك