محمد عبدالرحمن: راهنت على كوميديا الجريمة في مسلسل برستيج.. وأعود للسينما بفيلم تراب الماسك

منذ 10 أيام
محمد عبدالرحمن: راهنت على كوميديا الجريمة في مسلسل برستيج.. وأعود للسينما بفيلم تراب الماسك

المسلسل يجمع ثلاثة عناصر أحبها.. وعمرو سلامة حوّل ارتجالي إلى تحفة فنية. “تراب القناع” هو مشروع سأعود به إلى الشاشة الكبيرة في نهاية العام. • تجربة مسرح مصر علمتني الالتزام… وأتمنى أن أقدم عملاً مأساوياً.

 

في أحد المقاهي الأوروبية القديمة بوسط القاهرة، ووسط رائحة القهوة وآثار الماضي في الخلفية، تدور أحداث المسلسل القصير “الهيبة”، والذي يدخل به الفنان محمد عبد الرحمن إلى منطقة درامية جديدة؛ يجمع بين الكوميديا والمفاجأة والتشويق والغموض الموجود في أفلام الإثارة البوليسية.

وفي حواره مع الشروق، تحدث محمد عبد الرحمن بصراحة عن طبيعة الشخصية التي يقدمها في مسلسل “الهيبة”، وكواليس العمل مع مصطفى غريب والمخرج عمرو سلامة، وكشف عن مشروعه السينمائي المقبل “تراب القناع”، وأسباب غيابه عن الشاشة الكبيرة لمدة عامين، ورؤيته لتطور الكوميديا في ظل المنافسة بين المنصات والبث التقليدي.

• أولاً، ما الذي دفعك للمشاركة في بطولة بريستيج؟

 

– كنت أبحث عن مشروع يجعلني أشعر وكأنني أبدأ من نقطة جديدة، وعندما تلقيت سيناريو “The Prestige”، وجدت أنه يجمع ثلاثة عناصر أحبها: الكوميديا السوداء، وغموض فيلم الجريمة البوليسي المثير، وموقع واحد. علاوة على ذلك، تبدو تفاصيل شخصية “السيد أكرم” نمطية للوهلة الأولى. إنه مدير مقهى أنيق وحازم، ولكن مع تصاعد الأحداث، نكتشف طبقات نفسية معقدة، بما في ذلك الماضي المؤلم الذي يطارده، والعواطف الهائجة وراء صرامته، والكسور التي تزخر بالمفاجآت في كل حلقة. أحب هذا التنوع وأعتبره وقودًا للإبداع في تصوير الشخصية.

• كيف رأيت اهتمام الجمهور بالمسلسل في الشارع المصري؟

 

أنا أعمل بجد وأبذل قصارى جهدي لتقديم العمل. النجاح يأتي من الله. ولحسن الحظ، حظي المسلسل بإعجاب جميع المشاهدين، وكان موضوعًا للحديث على مواقع التواصل الاجتماعي لفترة طويلة. كان بعض المشاهدين ينادونني باسم الشخصية في الشارع، وهذا جعلني أسعد ما يكون.

• تجري الأحداث بالكامل في مقهى مغلق أثناء العاصفة. ألم تكن خائفاً من أن يشعر الجمهور بالملل؟

 

– بالطبع هناك مخاطرة، ولكنها محسوبة. هنا يتم ربط الخطاب البصري بالقصة. نحن لسنا في ديكور ثابت بالمعنى التقليدي؛ يتغير الإضاءة مع انقطاع التيار الكهربائي وعودته، وتجلب المراوح الصناعية الحركة للعناصر الثابتة، وتتحرك الكاميرا بين الزوايا الضيقة والواسعة لإعادة صياغة علاقتك بالمكان كمشاهد. ويعتمد المخرج عمرو سلامة على تقنيات الكاميرا التلصصية التي تتابع الشخصيات خلف الأبواب أو بين السلالم، مما يعطي انطباعا بأنه شاهد عيان على الجريمة؛ ولحسن الحظ، استقبل الجمهور العرض، وحتى الحلقة الأخيرة، لم أتلق أي تعليقات من الجمهور تشير إلى الملل.

• تحدثت عن التكوين الخاص لشخصية “السيد أكرم”. كيف قمت بالتحضير لهذا الأداء؟

 

كما جرت العادة، بدأت باستخدام القلم والورقة لكتابة سيرة ذاتية خيالية للشخصية: مكان الميلاد، والسنوات الأولى من العمل، والوقت الذي سمع فيه لأول مرة لقب “السيد”. ثم ذهبت إلى الجثة وتخيلت وضعه المستقيم، ويده القلقة تضبط ياقة قميصه، ونظرة حذرة؛ ولكي أتمكن من ضبط إيقاع الحركة في الأماكن الضيقة، فقد لجأت إلى مساعدة مدرب النطق لعدة أيام، وعلى المستوى النفسي، حرصت على تجربة شعور “الصدمة المتأخرة”. يعتقد أكرم أنه يعرف كل شيء، وفجأة يفقد السيطرة. حاولت أن أصنع طبقة تظهر هذا الارتعاش الداخلي في النظرة في عينيه قبل أن يتكلم.

• كيف ترى تعاونك مع المخرج عمرو سلامة؟

 

– عمرو سلامة لديه خلفية سينمائية كاملة. في أول لقاء لنا، عرض علينا مقاطع من أفلام عالمية تدور أحداثها في مكان واحد، مثل “اثنا عشر رجلاً غاضبًا” و”المذبحة”. وشرح كيف يصبح المكان شخصية مؤثرة. الجزء الأفضل هو أنه لا يفرض رؤيته على الإطلاق، بل يعطي الممثلين مساحة للارتجال ثم يختار ما يدعم الخط الدرامي. كانت هناك لقطة حيث كنت أتعامل مع أكواب القهوة بتوتر وصمت. لقد أعجبه الأمر وجعله تحفة فنية. هو المخرج الذي يعطي للممثل طاقة إيجابية خلف الكواليس.

• يشارككم الفنان مصطفى غريب في “برستيج”. كيف تصف الكيمياء بينكما؟

 

– مصطفى هو بالنسبة لي أخ وصديق أكثر منه زميل. التقينا لأول مرة قبل سنوات من “مسرح مصر” في ورشة عمل للتمثيل. إنه يمتلك ما أسميه “ذكاء النكتة”، أي أنه يعرف متى يجعل الجمهور يضحك ومتى يتراجع لإفساح المجال لشريكه في المشهد. في فيلم “The Prestige” يلعب دور الشخصية المعاكسة. إنه شاب متهور يتحدث قبل أن يفكر، مما يؤدي إلى الكوميديا الموقفية. أثناء العمل معه، شعرت بتناغم بيننا.

• هل هناك موقف مضحك خلف كواليس مسلسل “ذا برستيج” لن تنساه أبدًا؟

 

– كان هناك مشهد حيث كان هناك شخصيتان تتجسسان خلف الباب ويتطلب الأمر صمتًا تامًا. خلال هذا المشهد سقطت ملعقة من جيب مصطفى غريب وأصاب الرعب الجميع. وبدلا من إعادة تصوير المشهد، قام عمرو سلامة بخلط الصوت وإضافة نظرة مرتبكة، مما خلق لحظة كوميدية أراها رائعة.

• ما هي الرسالة التي تريد إيصالها للجمهور من خلال المسلسل؟

 

الحقيقة لها جوانب عديدة. قد نعتقد أن الشخص “المنظم” لا يرتكب أخطاء أو أن الشخص العشوائي ليس لديه ذكاء. لكن داخل كل واحد منا يكمن سر يستحق التأمل. ويتناول المسلسل أيضًا أهمية المسؤولية في وقت أصبحت فيه مصالحنا الشخصية تؤثر على حقوقنا.

• يتكون المسلسل من ثماني حلقات فقط. إلى أي مدى ترى مستقبلًا للكوميديا في الدراما القصيرة؟

 

– أدخلت المنصات إيقاعًا جديدًا للمشاهدة وأصبح الجمهور يرغب في التهام الحلقات في ليلة واحدة. ولكن هذا لا ينطبق على القصص الطويلة، فالكوميديا على وجه الخصوص تستفيد من التكثيف، لأن النكتة إذا تكررت تموت. في أيامنا هذه، أصبحت الدراما القصيرة تجعل من الممكن سرد قصة مختصرة دون إطالتها. لكن لا مانع لدي من ثلاثين حلقة إذا كانت القصة تستحق ذلك، كما في مسلسل “الكبير أوي” الذي يستطيع أن يتسع لأكثر من ثلاثين حلقة دون أن يصبح مملاً.

• لماذا لم تذهب إلى السينما منذ فيلم “البطة الصفراء” الذي صدر في صيف 2023 وحقق نجاحًا كبيرًا لدى الجمهور؟

 

بعد فيلم “البطة الصفراء”، غمرتني النصوص التي تظهر فيها شخصية الشاب الساذج والسخيف مرارًا وتكرارًا. شعرت أن هذا من شأنه أن يضر بسمعتي الفنية، لذا فضلت الانتظار حتى أتلقى سيناريو لفيلم جديد، يحمل عنوانًا مؤقتًا “قناع الغبار”. وهو مزيج من الأكشن والكوميديا ويتناول قضية تهريب الآثار بين القاهرة ودبي. ألعب شخصية جديدة بالنسبة لي، رجل صغير. ولكنه يتمتع بذكاء حاد وعقل يسمح له بإدارة العمليات المعقدة. نحن الآن في مرحلة المعاينة وإنهاء العقود مع بقية الممثلين. إذا سارت الأمور وفقًا للخطة، فسوف نبدأ التصوير في أغسطس ونأمل في إصدار المسلسل بحلول نهاية ديسمبر 2025.

• هناك من يرى أن الكوميديا المصرية تعاني من أزمة التكرار. ما هو تعليقك؟

 

الكوميديا هي نتاج مجتمعها، وعندما يتغير شكل الحياة اليومية يتغير الفكاهة أيضًا. مشكلتنا في بعض الأحيان هي أننا اعتمدنا على نفس الشكل منذ تسعينيات القرن الماضي، وكان لدينا بضعة نماذج، مثل البطل السمين، وصديقه النحيف، والبطل الذي لديه قافية لفظية. لقد تغير الجمهور وزاد ذكاؤه البصري. وباعتبارنا صانعي أفلام، يتعين علينا الاستثمار في الكتابة والتجريب في العديد من الأنواع، مثل الكوميديا الخيالية، والكوميديا التاريخية، وحتى الدراما النفسية، التي يمكن أن تحتوي على لحظات مفاجئة من الضحك.

• عند الحديث عن التغيير… هل تفكر في تجربة مأساة خالصة؟

 

– أنا أفكر في هذا الأمر جدياً؛ أحيانًا يكون لدى الممثل الكوميدي طاقة حزينة بداخله لا ينشرها غالبًا. لقد تلقيت منذ فترة عرضًا لمسرحية مونودراما بعنوان “ظل الخطوات”، والتي تدور حول حارس مسرح مهجور يسترجع ذكرياته. النص جديد وجاد وأنا أدرسه حاليًا. إذا فعلنا ذلك، فسيكون هذا أول أداء لي بمونولوج طويل على خشبة المسرح الحكومي.

• بعد كل هذه السنوات، ما هو أهم درس تعلمته من تجربة مسرح مصر؟

 

وتعلمت عن الالتزام من الفنان أشرف عبد الباقي الذي وصل قبل العرض بساعتين وتفقد الإضاءة والموسيقى ومخارج الطوارئ. لقد علمنا هذا الانضباط وتعلمت أيضًا مفهوم “الضحك الآمن”. أي لا تسخر من مجموعة غير قادرة على الرد. ولا أزال أطبق هذا المبدأ وأتمنى حقاً أن تتكرر التجربة بمبدأ مماثل من مسرح مصر.

• كيف تتعامل مع الانتقادات، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي؟

 

– قرأت معظم التعليقات بنفسي. أركز على النقد الواقعي المتعلق بالأداء أو النص، في حين أعتبر الإهانات التي لا أساس لها من الصحة “ضوضاء”. وتعلمت أن أتجاهل الأصوات في الخلفية. المهم هو أن الكلمات لا تدمر علاقتي بنفسي.


شارك