ما أول ما قالته طبيبة الأطفال عن استشهاد 9 من أبنائها في غارة إسرائيلية بغزة؟

منذ 3 شهور
ما أول ما قالته طبيبة الأطفال عن استشهاد 9 من أبنائها في غارة إسرائيلية بغزة؟

قلت لها بصدمة: “الأطفال رحلوا يا علاء”. فأجبني بالإيمان والتسليم: (إنهم عند ربهم يعيشون ويرزقون).

سحر النجار، صيدلانية من قطاع غزة وشقيقة الطبيب المفجوع علاء النجار الذي فقدت تسعة من أبنائها مساء أمس في قصف إسرائيلي لمنزلها في منطقة قيزان النجار جنوب محافظة خانيونس، وصفت لبودكاست “غزة اليوم” اللحظات الأولى التي عاشوها بعد الحادثة المأساوية. وتابعت:

والدتها الآن في حالة صدمة، وخوفي الوحيد عليها هو الانهيار الذي سيتبع لحظات الثبات التي تعيشها الآن. يحيى، راكان، رسلان، جبران، حواء، رفان، سيدنا لقمان، سدرة – تسع فراشات، أكبرهن عمرها 12 سنة، وأصغرهن ستة أشهر. جميعهم (الأطفال الكبار) يحفظون القرآن الكريم عن ظهر قلب، وفارق السن بينهم سنة واحدة فقط لا أكثر. تسعة من كل عشرة أطفال فقدوا أمهاتهم مرة واحدة. الناجي الوحيد من هذه المجزرة هو طفلها آدم الذي يرقد حالياً في العناية المركزة وحالته مستقرة بعد إجراء عمليتين جراحيتين طارئتين.

وأضافت: “تلقّت أختي نبأ استشهاد أطفالها التسعة أثناء محاولتها إنقاذ أرواح أطفال آخرين في مجمع ناصر الطبي، حيث تعمل طبيبة أطفال. ركضت إلى منزلها في الشارع لإلقاء نظرة أخيرة عليهم، لكننا لم نتمكن من التعرف على هوياتهم. كانت جميع الجثث ممزقة إربًا إربًا… متفحمة تمامًا”.

وينفي النجار أي صلة له بحماس، ويشير إلى أن ما تعرضوا له لا يمكن وصفه إلا بأنه “سيناريو مروع لا يمكن لأحد أن يتخيله”.

في تصريحها المؤلم، تقول: “نحن عائلة أطباء، يعمل معظم أعضائها في مختلف المهن والتخصصات الطبية. لذلك، لا مبرر لهذا العلاج المُستهدف”.

كنا نبحث عن الأمان فقط، فبقينا في المنزل معًا، ظانّين أن بقاءنا معًا سيحمينا. كنا نعلم أن لا أحد في هذا العالم يحيا للأبد، لكن فقدان تسعة أطفال دفعةً واحدة، كانوا يركضون حولنا ويلعبون ويأكلون معنا، مأساةٌ لا تُوصف، أضافت.

وتابعت: “كانت لحظة الهجوم قاسيةً للغاية. وجّهوا انفجارًا هائلًا نحو قبو المنزل، رغم علمهم بوجود أطفال فقط في الداخل”.

1

تستذكر الساعات التي سبقت القصف، فتقول: “كنا محاصرين في شارع أسامة النجار. بعد غارة جوية إسرائيلية قريبة جدًا من منزلنا، اتصلنا بالصليب الأحمر طلبًا للمساعدة. شعرنا بالخطر، لا سيما مع استمرار تحليق الطائرات الإسرائيلية والغارات الجوية التي تلتها على منازلنا”.

تصف الوضع قائلةً: “مع كل طلقة، كانت قلوبنا تخفق بشدة، حتى أصاب صاروخ منزلنا دون أن ينفجر. ركضتُ إلى والدي، الذي حاول تهدئتنا. طلب منا رفع راية بيضاء ليسمح لنا الجيش الإسرائيلي بالمرور بأمان إلى منزل عمي. لكنهم أطلقوا النار علينا مرة أخرى، وحدث ما حدث”.

وقال الجيش الإسرائيلي إن طائراته قصفت “عددا من المشتبه بهم” في خان يونس يوم الجمعة، وإن “التحقيق جار في مزاعم إلحاق الضرر بالمدنيين الأبرياء”.

وأكد مدير عام وزارة الصحة في قطاع غزة منير البرش في منشور على منصة إكس أن الدكتور علاء يعمل طبيب أطفال في مستشفى التحرير بمجمع ناصر الطبي. قال: “لديها عشرة أطفال، أكبرهم لا يتجاوز عمره ١٢ عامًا. خرجت مع زوجها الدكتور حمدي النجار لأخذهم إلى العمل، وبعد دقائق من عودته، سقط صاروخ على منزلهم، فاستشهد تسعة من أطفالها”. لا يزال طفل واحد فقط مصابًا وزوجها الدكتور حمدي يرقد حاليًا في العناية المركزة.

وأضاف: “هذا ما يعانيه طواقمنا الطبية في قطاع غزة، والكلمات لا تكفي لوصف الألم. ففي غزة، لا يُعتدى على الطواقم الطبية فحسب، بل يرتكب الاحتلال الإسرائيلي جرائمه ويستهدف عائلات بأكملها”.

كما تحدث مجمع ناصر الطبي مع الدكتورة النجار وقدمت تعازيها عبر الفيسبوك ونشرت قائمة بأسماء أبنائها المتوفين.

“أدركنا أن الأمل قد انتهى.”

في لقاء مع بودكاست غزة اليوم يروي علي شقيق الدكتور حمدي محمد تفاصيل قصف منزل شقيقه الذي أدى إلى استشهاد تسعة من أبنائه. ويتساءل لماذا تم استهداف رجل كرس حياته لخدمة أسرته ومجتمعه.

يقول: “تعرّض منزلي للهجوم بالتزامن مع منزل أخي، الذي لم يكن بالإمكان إخلاؤه نظرًا لكثرة أفراد العائلة. كان ينقل زوجته إلى المستشفى يوميًا لأداء واجبها الإنساني، ثم يعود لرعاية أطفاله، ويعمل أيضًا في عيادته الخاصة”.

وأضاف متسائلاً: “هل يُعقل أن يُلاحق من قِبل قوات الأمن وهو يُمارس حياته اليومية كالمعتاد ولم يُغيّر مكان إقامته منذ بدء الحرب؟ كان يُدير صيدليةً ويواصل حياته الطبيعية. فلماذا استُهدف وجرت محاولة قتله؟”

يقول: “حالما علمتُ بالحادث، تحمستُ لوصول رجال الدفاع المدني. ركضتُ إلى منزل أخي. لم أكن أخشى الموت. كل ما كنتُ أفكر فيه هو أن أنقذ واحدًا على الأقل من أبنائه. وبالفعل، وجدتُه وابنه آدم ملقيين على الأسفلت، غارقين في الدماء. وصل رجال الدفاع المدني وساعدوني في حمل أخي إلى سيارتي. ركضتُ معه ومع ابنه إلى المستشفى لإنقاذ حياتهما.”

وتابع: “عدتُ بعد ذلك إلى موقع الحادث لمساعدة فرق الحماية المدنية في إنقاذ من تبقى من أفراد العائلة. كان المنزل في حالة خراب، وجميع من بداخله. عندها أدركنا أنه لا أمل، وأن من بداخله قد لقوا حتفهم”.

ويتذكر اللحظة الأكثر إثارة للمشاعر عندما فوجئ برؤية زوجة أخيه تقف بجانبه. شاهدت الجثث تُنتشل، لكنها لم تتعرف على الجثث الثلاث الأولى. حالما انتشلنا الجثة الرابعة، نادت علينا: “هذا ريڤان… أعطني إياها”. ثم عانقتها، وكأنها تودّعها للمرة الأخيرة. لكن زوجة أخي كانت تأمل أن تكون ابنتها لا تزال على قيد الحياة وحاولت إيقاظها.

وتابع بأسف: “لم نتمكن إلا من انتشال سبع جثث، دفنّاها جميعًا في قبرين. ولا يزال طفلان في عداد المفقودين. أعدكم بالبحث عنهما حتى أجدهما وأُواسيهما براحة بال”.


شارك