من صناعة السياسات إلى تنفيذ الأجندات.. كيف قلص ترامب سلطات مجلس الأمن القومي الأمريكي؟

منذ 5 شهور
من صناعة السياسات إلى تنفيذ الأجندات.. كيف قلص ترامب سلطات مجلس الأمن القومي الأمريكي؟

منذ أن بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولايته الثانية، تغيرت المؤسسات الأميركية بشكل جذري، حتى أنها أثرت على الثوابت السياسية. ومن بين الهيئات الأكثر تأثرا مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، والذي يعتبر منذ فترة طويلة مركزا للمعرفة والمشورة لرؤساء الولايات المتحدة.

وبحسب تقارير إعلامية، فإن وزير الخارجية ماركو روبيو، الذي يشغل حاليا منصب مستشار الأمن القومي، يحاول تقليص عدد موظفي المجلس منذ استبدال مايك والتز. وأقال ترامب والتز بسبب تنسيقه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خاصة فيما يتعلق بتوجيه ضربة عسكرية لإيران.

صورة 1_2

وقالت خمسة مصادر مطلعة لرويترز إن العشرات من موظفي مجلس الأمن القومي تعرضوا للفصل من وظائفهم في البيت الأبيض يوم الجمعة الماضي. ويأتي هذا في إطار جهود الرئيس الرامية إلى تقليص حجم الهيئة القوية في السابق.

وقالت المصادر التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها، إن الموظفين المفصولين كانوا يغطون ملفات جيوسياسية مهمة من أوكرانيا إلى كشمير، وتم فصلهم لهذا السبب. وبحسب المصادر ذاتها، فإن إعادة هيكلة المجلس تهدف إلى تحويله من هيئة لصنع السياسات إلى منظمة تركز على تنفيذ أجندة الرئيس، ومنح صلاحيات أوسع لوزارتي الخارجية والدفاع، وكذلك الوكالات الأخرى المعنية بالدبلوماسية والأمن القومي والاستخبارات.

وبحسب وكالة رويترز، من المتوقع أن يتقلص حجم مجلس الأمن القومي إلى نحو 50 عضوا، مقارنة بأكثر من 300 عضو خلال فترة الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن. ورغم أن عدد الموظفين قد انخفض بالفعل قبل عمليات التسريح الأخيرة، إلا أنه لا يزال أعلى من ذي قبل، ويتم نقل الموظفين المسرحين إلى وظائف أخرى في الخدمة العامة.

وفي السياق ذاته، ذكرت شبكة “سي إن إن” أن أكثر من 100 مسؤول في المجلس تم وضعهم في إجازة إدارية يوم الجمعة كجزء من خطة إعادة الهيكلة التي يقودها روبيو كمستشار مؤقت وهيكل تنظيمي جديد يركز على اتخاذ القرارات من أعلى إلى أسفل. ومن المتوقع أيضا إجراء إعادة هيكلة شاملة للمجلس، بما في ذلك خفض عدد الموظفين وإدارة أكثر مركزية للسياسة الخارجية، حسبما ذكرت مصادر تحدثت إلى الشبكة.

وبحسب شبكة CNN، طُلب من الموظفين المتضررين مغادرة مكاتبهم خلال 30 دقيقة. وأُتيحت الفرصة لمن لم يكونوا موجودين في المكتب في ذلك الوقت لترتيب استلام أمتعتهم ومعداتهم وإعادتها في وقت لاحق، وفقًا لرسالة إلكترونية من رئيس أركان مجلس الأمن القومي براين ماكورماك.

ومن الجدير بالذكر أن العديد من الموظفين رفيعي المستوى تم فصلهم في وقت سابق من هذا العام بعد أن قدمت الناشطة اليمينية لورا لومر للرئيس ترامب قائمة بأسماء اعتبرتها “غير مخلصة”. وكان لهذا تأثير سلبي على معنويات الموظفين، خاصة بعد الكشف عن أن مايك والتز سرب عن غير قصد معلومات سرية حول حملة قصف وشيكة في اليمن إلى مراسل من مجلة أتلانتيك.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أقال ترامب والتز في أول تغيير كبير في إدارته وأعلن عن ترشيحه سفيرا للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مع تعيين روبيو قائما بأعمال السفير لدى الأمم المتحدة.

صورة 2_3

وفقد والتز نفوذه في البيت الأبيض تدريجيا، خاصة بعد أن أضاف عن طريق الخطأ صحفيا إلى دردشة جماعية على تطبيق سيجنال حول الضربات العسكرية ضد الحوثيين في اليمن. ذكرت تقارير أن كبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي ويلز كانت غير راضية عن أدائها قبل أسابيع من إقالتها.

وتعكس هذه التغييرات تحولا جذريا في عمل مجلس الأمن القومي، حيث تحول من مركز لصنع القرار إلى أداة تنفيذية، وهي جزء من جهود ترامب لتعزيز السيطرة على مؤسسات البلاد وتشكيل السياسة الخارجية وفقا لأجندته الشخصية.


شارك