هبة طوجي لـ«الشروق»: الغناء في مصر يعطيني طاقةً لا أجدها في أي مكان

“بعد سنوات” هو عنوان يلخص غيابًا طويلًا سببته الظروف. يجمع الألبوم التأثيرات المصرية واللبنانية والفرنسية في شكل موسيقي واحد. قوة الثنائي تكمن في الاختلاف التوافقي… وأنا أبحث عن صوت يكملني ولا يشبهني تم تسجيل الحفل الأولمبي في باريس في ألبوم كتذكار لهذه التجربة.
وسط أجواء صاخبة حيث امتزجت أضواء المسرح مع هواء القاهرة الربيعي، التقينا بالفنانة اللبنانية هبة طوجي بعد حفلها في القاهرة. ووصف هذا بأنه “يتجاوز الخيال” بعد أن تجمع الآلاف من المعجبين حول المسرح وهم يغنون أغانيهم باللهجات المختلفة.
وفي حوارها مع الشروق، تتحدث هبة عن هذه اللحظة وعودتها إلى مصر بعد فترة غياب، وألبومها الجديد «بعد سنوات» وخططها لثنائيات مصرية محتملة. وتكشف أيضاً كيف حملت العلمين المصري واللبناني على المسرح خلف الكواليس، وتتحدث عن تميز الجمهور المصري الذي «يعرف كيف يرقص ويستمع في نفس الوقت». في رأيك.
< حدثنا عن الحفل الكبير الذي قدمته بعد غياب في مصر؟
كان هذا الحفل مميزًا جدًا بالنسبة لي، ولا يسعني إلا أن أبتسم عندما أتذكر الدقائق القليلة الأولى عندما بدأ التصفيق قبل أن أتمكن حتى من نطق كلمة واحدة من الأغنية. هناك طاقة مختلفة في القاهرة؛ هنا يفرح الجمهور ويعبر عن نفسه من خلال الرقص والصوت والضحك. تنعكس هذه الطاقة بشكل مباشر في أدائي. يجعلني أشعر وكأنني أطير فوق المسرح.
< ورغم أن معظم الأغاني كانت باللهجة اللبنانية، إلا أننا رأينا الجمهور يحفظ الكلمات ويرددها بشكل جماعي. هل كنت تتوقع ذلك؟
منذ حفلاتي الأولى في مصر، لاحظت أن الناس يتغلبون بسرعة على حاجز اللهجة. أدركت اليوم أن الأمر لا يتعلق باللهجة التي أغني بها، بل بالمشاعر التي تخلقها. عندما أسمع آلاف الأصوات تهتف “أغني لك يا وطني” أو “حلمي الكبير”، أدرك أن الأغاني اللبنانية تعيش هنا وتؤثر على المصريين، لأننا جميعا شعب واحد.
< ما الذي يميز حفلتك في القاهرة عن حفلتك في بيروت أو باريس أو أي دولة أخرى؟
كل مدينة لها “حرارتها” الخاصة، ولكن في مصر هناك كيمياء يصعب تفسيرها. ربما لأن الناس “مستمعون”، كما نقول: يستمتعون بإيقاع الرقص ويستمعون بحب إلى الكلمة العاطفية. لقد قمت أيضًا بإدراج الأغاني المصرية في المقاطع، مما يزيد من التفاعل. في بلد آخر، ربما أغير نصف القائمة لتناسب الحالة المزاجية، لكن القاهرة توفر كلا الحالتين.
< الآن دعونا ننتقل إلى الألبوم الذي ينتظره الجمهور بفارغ الصبر: لماذا اخترت اسم “After Years”؟
لأنني كتبت الأغنية التي تحمل عنوانها باللهجة المصرية تحديدًا وشعرت أنها تلخص قصة الألبوم. بسبب ظروف شخصية ومهنية أطالت غيابي، مرت سنوات منذ صدور ألبومي الأخير. “بعد سنوات” هي عبارة تعزز الشعور بالعودة التي طال انتظارها.
< أخبرنا كل شيء عن تفاصيل الألبوم؟
الألبوم عبارة عن رحلة بين اللهجات والأساليب. هناك خمس أغنيات باللغة العربية الفصحى، وأربع باللهجة اللبنانية، وثلاث باللهجة المصرية، بما في ذلك دويتو مفاجئ سأكشف عنه قريباً، وأغنيتين باللغة الفرنسية، إحداهما “Je Vole” التي قدمتها على مسرح الأولمبيا العام الماضي.
< ما الجديد من الناحية الفنية في الألبوم الجديد؟
لأول مرة، حاولت استخدام الأنماط الشرقية الصرفة في ترتيب أوركسترالي غربي. في أغنية “رقعة القسمة” قدمت مزيجاً من العود والقيثارة والطبلة وإيقاع إلكتروني خفيف. ولإكمال الشعور بالحنين، قمت أيضًا بإدراج جوقة أطفال في أغنية “لا تغيب”. إنها، كما قال الملحن أسامة الرحباني، “حالة موسيقية واحدة، لكنها ولدت من أمهات متعددة”.
< لقد عدت إلى القاهرة بعد غياب اعتبره البعض طويلاً. ما هو سبب هذا الانقطاع؟
بالتأكيد لا إهمال. بسبب الوضع الصحي العالمي والتزاماتي المسرحية في فرنسا ولبنان، كان عليّ انتظار اللحظة المناسبة. أنا لا أحب الظهور فجأة. عندما أقدم عرضًا أمام الجمهور المصري، لا بد من توافر عنصرين: حفل يناسبهم ومجموعة مختارة من الأغاني التي تمثلني بشكل كامل. عندما أصبحوا متاحين، أتيت على الفور.
< رفعت العلم المصري بجانب العلم اللبناني على المسرح وانتشر التسجيل على نطاق واسع..؟
لقد كان شيئا عفويا للغاية. لقد رحبت بي مصر منذ البداية وفي كل مرة أزورها أشعر بحضن دافئ. إن رفع العلمين هو اعتراف بأن الفن يتجاوز الحدود: فنحن بلد واحد في أوقات الفرح والألم. بعد الحفل، تلقيت مئات الرسائل التي تقول إن رؤية العلمين يرفرفان جلبت الدموع إلى أعينهم أثناء التصفيق.
< في كل بلد تغني فيه، تقوم غالبًا بإجراء تغييرات على ذخيرتك الموسيقية. ما الذي يميز مصر؟
أعطي مساحة أكبر للأغاني الإيقاعية؛ المصريون يحبون الحركة. لكنني لا أتخلى عن الأغاني الهادئة والعاطفية لأنها في نفس الوقت تثير اهتمام المستمعين ذوي الخبرة. السر يكمن في التوازن: أبدأ بوتيرة سريعة، ثم أدخل تدريجيا في “مزاج حزين”، ثم أرتفع مرة أخرى حتى أصل إلى الذروة.
< لو كان عليك اختيار اسم مصري لثنائي فمن سيكون؟
السؤال صعب لأن هناك أصوات كثيرة في مصر أحبها. لا أريد أن أضع نفسي في خانة واحدة حتى لا أظلم أحدًا، ولكن يمكنني أن أقول إنني أبحث عن صوت يكملني ولا يشبهني. تكمن قوة الثنائي في تنوعه التوافقي.
< هل هناك مفاوضات فعلا مع مطرب مصري؟
هناك مناقشات لا نهاية لها، بما في ذلك مع فنان شاب أثق بموهبته. لا نزال نتبادل الأفكار اللحنية، وعندما تنضج سأعلن عنها بحماس كبير وأتوقع نجاحها أيضًا.
< ما الذي يقلق هبة قبل صعودها على المسرح؟
مسؤولية؛ أريد أن “أقدم أفضل ما لدي”. أحيانًا أشعر بنزلة برد خفيفة وأخاف أن يفشل صوتي. لذلك أرتاح لمدة ساعتين قبل الحفلة وأشرب شاي الأعشاب. التوتر أمر طبيعي، لكنه يتحول إلى طاقة إبداعية بمجرد أن أسمع التصفيق الأول.
< ذكرت أن حركات المصورين على المسرح تجعلك متوترة وتفقدين تركيزك؟
– هذا صحيح، عندما أرى شخصًا يعبر المسرح أمامي بعدسته، أفقد التركيز لثانية واحدة. بالطبع أنا لا أغضب، هذه وظيفتهم، ولكن أحاول خلق الجو المناسب داخل نفسي حتى لا أرتكب الأخطاء وأحافظ على أدائي، وهذا صعب بالنسبة لي.
< ما هو الموقف الأكثر مضحكا الذي واجهته في الحفل؟
في أحد الأيام نسيت كلمات أغنية “Fly, Bird”، فابتسمت وطلبت المساعدة من الجمهور. لقد غنوا الأغنية بأكملها! لقد شعرت وكأن مئات الأصوات تعيد ذكرياتي، وكنت سعيدًا جدًا بهذا الأمر.
<أعلنت أن حفل أوليمبيا في باريس سيصبح ألبومًا حيًا، ومن المقرر إصداره في 29 مايو. ما هو الدافع؟
ولم يتمكن الكثيرون من الحضور، وحتى أولئك الذين كانوا هناك قالوا لي: “نريد أن نخلد هذه التجربة”. بصراحة، إنها لحظة سحرية تحدث مع أوركسترا حية ولا يمكن إعادة إنتاجها في الاستوديو. أردت أن أضعه بين أيدي الجمهور كما هو.
<يحتوي الألبوم على دويتو مع فنانين فرنسيين. كيف تم اختيارهم؟
جمعتنا غرفة التدريب قبل شهر من الحفل. وجدنا أن أصواتنا امتزجت بسلاسة، لذلك قلت، “لماذا لا نسجلها رسميًا؟” في الواقع، تم إصدار ثنائيات مذهلة سوف تسمعونها قريبًا.
< ما هي الأماكن التي تحب زيارتها عند مجيئك إلى مصر؟
شوارع القاهرة لا تنام أبدًا؛ أستمتع بالمشي في الزمالك ليلاً، والتنزه على طول نهر النيل، وأحيانًا أتوجه إلى الإسكندرية لقضاء بضعة أيام عندما يسمح الوقت بذلك. المدن الساحلية تعيد التوازن للبحر، والذي بدونه لا أستطيع العيش.
< هل لديك أي كلمات أخيرة لجمهورك؟
شكرًا لكم على جعل أغنيتي “بعد سنين” رائجة في القاهرة قبل إصدار الألبوم الكامل. شكرا لك على الغناء باللهجة اللبنانية وكأنها لغتك الأم. أعدكم أن العودة القادمة لن تتأخر وسيخرج الثنائي المصري إلى النور قريبًا. حتى نلتقي مرة أخرى: ابق كما أنت… انشر الفرح واترك الفنان “دافئًا” تحت شمس حبك.