خطيب الجامع الأزهر: حسن الخلق يجمع بين الإحسان لله وخلقه

أكد الأستاذ الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، أن: «حسن الخلق يتكون من أمرين: أولاً: الإحسان إلى الله، وثانياً: الإحسان إلى الناس». وأكد أن حسن عبادة الله والخلق جميعاً هو الدين.
وأشار إلى أن الله وصف النبي صلى الله عليه وسلم بهذا، لأن حسن الخلق مع الله أن يعتقد العبد أن كل ما يعمله لله لا بد له من عذر. كل عمل من أعمال الطاعة، مهما كان نوعه، هو نقص. ولا ينبغي لأحد أن يغريه طاعة أظهرها لله. بل ينبغي أن يشعر دائماً أنه مقصر، وينبغي للعبد أن يعتقد أن كل ما يأتي من الله يحتاج إلى الشكر، سواء كان خيراً أم شراً. إن رب العباد لا يريد لنا إلا الخير. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “عجبت لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، إن أصابه ما يسره فحمد الله فكان خيرًا له، وإن أصابه ما يسوءه فصبر فكان خيرًا له، وليس كل أمر يكون خيرًا إلا للمؤمن”.
جاء ذلك خلال خطبة الجمعة التي ألقاها بالجامع الأزهر تحت عنوان: “أخلاق النبي محمد صلى الله عليه وسلم”. وأكد أن وصف الرسول صلى الله عليه وسلم ورد في القرآن الكريم في سورة القلم، حيث يقول الله تعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم). وهذا وثيقة إلهية للرسول صلى الله عليه وسلم، تتضمن شهادة الله تعالى لنبينا الكريم. ولقد أكدت شهادات المسلمين الآخرين هذا المعنى الإلهي الرفيع، حيث قال عم النبي صلى الله عليه وسلم: “ما رأيناه يكذب قط”. وقد شهدوا جميعهم بحسن خلقه قبل البعثة، وهذا يدل على أن هذا الدين كان مبنياً على حسن الخلق.
وفي شرحه للآداب الحميدة في التعامل مع الناس، أوضح الهدهد أن جماعته كانوا يهتمون بأمرين: الأول: فعل الخير، والقول الطيب. ركز حياتك على فعل الخير للجميع سواء استحقوه أم لا، كما كان الحال مع النبي صلى الله عليه وسلم، دون انتظار كلمة شكر.
وأما الأمر الثاني؛ “إنها تتعلق بتجنب الأذى بالقول والفعل، وإيصال النصيحة التي أوصى بها المصطفى صلى الله عليه وسلم في قوله: (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن)”. هذا انتهى بيان الدين، وقد اجتمعنا في هذا الأمر. ومن فعل ذلك وعاش حياة أخلاقية مع الله والخلق ارتفعت منزلته في الدنيا ومنزلته في الآخرة أعلى. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن من أحبكم إلي وأقربكم مني في الآخرة أحسنكم خلقاً، وإن من أبغضكم إلي وأبعدكم مني في الآخرة شراكم أخلاقاً: النمامون، والمتباهون، والمتباهون».
وأوصى بأن يعيش كل إنسان في هذه الحياة مصنعاً للخير للناس، لا يرى العبد فيه إلا ربه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يضر أحداً بشيء، ولا يبتغي إلا مرضاة الله عز وجل ورسوله، ويقتدي بالمصطفى صلى الله عليه وسلم. وقد طبق ذلك كثير من أصحابه صلى الله عليه وسلم حتى أصبحوا من أعلام الخير ويُشار إليهم، منهم عثمان بن عفان وغيره. فلنكن كذلك، فإنه أسوة حسنة بنبينا صلى الله عليه وسلم.
وفي ختام الخطبة بين أن ثمرات الخلق الحسن التي يجنيها الإنسان، أوضحها الله تعالى في قوله: (لا تُعَدُّ حَسَنَةً حَسَنَةً سَيِّئَةً). فإذا أردت أن تزيل الحقد من نفسك وتزيل البغضاء والكراهية فقابلها بالحسنى لا بالسوء، وليكن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وخلق للناس بخلق حسن). واتبعوا سبيل الله فلا يعصى الخلق وهو الذي يطعمهم ويسقيهم. لا يقابل الله السيئة بالسيئة، بل يقول: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).