مدبولي: منحة ناصر للقيادة الدولية فرصة مهمة لإحلال مزيد من السلام في العالم

استقبل رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، مساء اليوم، نحو 150 شابًا وفتاة من القيادات من 80 دولة حول العالم بتخصصات قيادية مختلفة، بالإضافة إلى عدد من الشباب المؤثر والفاعل في مجتمعاتهم، وذلك بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة. جاء ذلك في إطار فعاليات الدورة الخامسة من منحة ناصر للقيادة الدولية، والتي أقيمت تحت رعاية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية. وحضر اللقاء الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، والسفير بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج.
وتحدث رئيس الوزراء أمام حشد من القادة الشباب الذين سافروا من مختلف القارات للانضمام إلى المجموعة الخامسة من زمالة ناصر للقيادة الدولية. وكان عنوان الخطاب هذه المرة “مصر والأمم المتحدة: 80 عاماً من تمثيل مصالح الجنوب العالمي”.
وفي بداية كلمته رحب رئيس الوزراء بالشباب والشابات الحاضرين، مشيرا إلى أن هذا التنوع والاختلاف يساعد على تقريب وجهات النظر وتعزيز القواسم المشتركة وتعلم العديد من مهارات القيادة.
وأضاف مدبولي أن زمالة ناصر الدولية للقيادة تعد منصة مهمة وفرصة جيدة لبناء علاقات وصداقات قوية. كما أنها فرصة مهمة لتحقيق المزيد من السلام في العالم الذي يواجه حاليا العديد من التحديات. وأعرب عن سعادته باستقبال هؤلاء الشباب في مقر مجلس الوزراء بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وتابع: “لقد جاؤوا من دول مختلفة للانضمام إلى الدفعة الخامسة من منحة ناصر للقيادة الدولية التي انطلقت عام 2019 تحت الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي كأول زمالة للشباب الأفريقي”. ومنذ ذلك الحين، تم توسيع نطاقه إلى قارات آسيا وأستراليا وأميركا اللاتينية وأوروبا، وبالطبع إلى القارة الأفريقية. ومن ثم، يمكن وصفها بأنها شكل من أشكال التعاون بين بلدان الجنوب وليس مجتمعا أفريقيا.
وأوضح مدبولي أن عدد الزملاء خلال السنوات الخمس الماضية وصل إلى 600 مشارك من 90 دولة ونحو 34 مؤسسة وشراكة محلية وقارية ودولية. ونحن فخورون بجذب هذا العدد الكبير من المشاركين، ويسعدنا أن العديد من القادة الشباب من أكثر من 80 دولة حول العالم يشاركون في العام الخامس تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية.
وأضاف مدبولي أن مصر شاركت في تأسيس الأمم المتحدة عام 1945، ولعبت منذ ذلك الحين دورا محوريا في دعم قضايا دول الجنوب العالمي. وقد اعتمدت رؤية تجمع بين التزامها بمبادئ العدالة الدولية والسعي إلى تحقيق التنمية المستدامة لنفسها ولشعوب البلدان النامية.
وتابع: “مصر أدركت دائما أهمية الأمم المتحدة كمنصة دولية لتمثيل مصالح الدول النامية”، مضيفا أنه على الرغم من النجاحات التي تحققت فإن الدول النامية لا تزال تواجه تحديات كبيرة مثل الفقر وتغير المناخ وعدم المساواة الاقتصادية.
وأشار إلى أنه يجب تعزيز دور الأمم المتحدة في مواجهة هذه التحديات. ويجب أن يتحقق ذلك من خلال إصلاح المؤسسات الدولية لضمان تمثيل أكثر عدالة لبلدان الجنوب العالمي في عمليات صنع القرار العالمي. وعلاوة على ذلك، هناك حاجة إلى تعزيز آليات التمويل المستدام لدعم مشاريع التنمية في البلدان النامية، كما ينبغي تمكين الشباب كقادة المستقبل برؤية فريدة للنمو والتحديث.
وأكد مدبولي أن مصر تؤمن بالتعاون متعدد الأطراف، وتعمل بشكل وثيق مع الأمم المتحدة لتنفيذ استراتيجياتها للتنمية المستدامة. تسعى الدولة المصرية إلى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة من خلال منصات فعّالة تعزز النمو والتنمية وحقوق الإنسان والأمن والسلام العالمي والإقليمي.
وأضاف أن مصر تواصل جهودها لتعزيز الشراكة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في حفظ السلام وبناء السلام، لا سيما في ظل المشاركة الواسعة لمصر في عمليات حفظ السلام، واستضافة مصر لمركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية بعد الصراع، والمركز الدولي لحل النزاعات وحفظ السلام في القاهرة.
وأكد رئيس الوزراء على التحديات غير المسبوقة التي تواجه المنطقة وتأثيرها العميق على الاقتصاد المصري. قال: “يمكنكم رؤية ما يحدث في البحر الأحمر وكيف أثر ذلك سلبًا على حركة الملاحة في قناة السويس. وقد أدى ذلك إلى خسارة أكثر من 70% من إيرادات القناة. وهذا، بطبيعة الحال، له تأثير سلبي على التجارة العالمية”.
وتابع: “علاوة على ذلك، تتابعون الأحداث في قطاع غزة والسودان وليبيا ودول أخرى تواجه صعوبات كبيرة في الحفاظ على استقرارها. وفي هذا الصدد، تلعب مصر دورًا هامًا من خلال جهود الوساطة لوقف إطلاق النار في هذه الدول، كونها دولًا مجاورة، ولها تأثير مباشر على استقرار مصر”.
وأشار مدبولي إلى أنه في ظل التحديات الإقليمية التي تواجهها المنطقة، تستضيف مصر أكثر من 10 ملايين مهاجر ولاجئ، وهو عدد يفوق عدد سكان بعض الدول. وطلب من الحضور أن يتخيلوا كيف تستضيف مصر هذا العدد الكبير من الناس وتقدم لهم الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية. وهذا هو جوهر ثقافة الشعب الذي لا يتردد مطلقًا في الترحيب بكل من يطلب مساعدتهم.
وأكد مدبولي أنه رغم هذه التحديات فإن مصر تعمل جاهدة على تحسين وضعها الاقتصادي. اتخذت الحكومة تدابير جريئة لإصلاح الاقتصاد وتحسين مناخ الاستثمار وتشجيع مشاركة القطاع الخاص المحلي والأجنبي على نطاق أوسع. تمكنت مصر من جذب استثمارات أجنبية مباشرة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، وتعمل على جذب المزيد من هذه الاستثمارات في مختلف القطاعات.
وفي هذا السياق، طلب رئيس الوزراء من الحضور أن يتخيلوا بلداً ينمو عدد سكانه بمعدل مليوني نسمة سنوياً ويحتاج إلى خلق نحو مليون فرصة عمل سنوياً. وهذا يمثل تحديًا لأي حكومة تعمل على ضمان كل هذا لمواطنيها. وأشار إلى أنه رغم كل ذلك فإن مصر حققت نجاحاً ملحوظاً في مكافحة البطالة. انخفض معدل البطالة بشكل كبير ليصل حاليا إلى 6.5%، مقارنة بـ 13.5% في عام 2014. ونظرا لنمو عدد السكان الذي بلغ 18 مليون نسمة خلال هذه الفترة، يتعين على الحكومة إدارة النمو السكاني مع خفض معدل البطالة في الوقت نفسه.
وأكد مدبولي في كلمته أن مصر استطاعت تحقيق هذا الهدف بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لأنه تم وضع رؤية واضحة لمصر، رؤية مصر 2030، “ومن خلالها تمكنا من تحسين بنيتنا التحتية بشكل كبير في قطاع الإسكان والمراكز اللوجستية والخدمات الاقتصادية والاجتماعية”. وأضاف: “نحن ندرك بطبيعة الحال أن الطريق لا يزال طويلاً، وأن علينا أن نحقق المزيد لمواطنينا، لأن التحديات كبيرة ومعقدة للغاية في بلد يعاني من كل ما يحدث في الدول المجاورة له والمنطقة المحيطة به”.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الأوضاع تحسنت بشكل كبير وأننا نعمل جاهدين لتحقيق أهداف واضحة لصالح مواطنينا واقتصادنا.
وتابع: “نعتقد أن مثل هذه اللقاءات واللقاءات التي تجمع قادة المستقبل المحتملين ستوفر أساساً جيداً لمزيد من التفاعل الإيجابي بينكم، في ظل حالة عدم الاستقرار في المنطقة”. إنني أتحدث الآن إلى أشخاص من آسيا وأميركا الجنوبية وحتى أوروبا، وبما أنكم هنا اليوم، فسوف تفهمون بشكل أفضل الوضع في هذه المنطقة وفي القارة الأفريقية. لذا، عندما تتولى قيادة بلدك في المستقبل، فإن هذا سيعطيك فكرة أفضل وفهمًا أعمق لمنطقتنا والعالم ككل.
وأضاف مدبولي: “هذا سيساعد على تطوير العلاقات الإنسانية بين مختلف القارات والدول، وأنتم كقيادات شابة تجسدون أمل الإنسانية”. ولهذا السبب فإن مثل هذه الاجتماعات تكتسب أهمية بالغة مرة أخرى. لقد قمت بزيارة مثل هذه المنصات شخصيًا واستفدت منها كثيرًا. لقد ساعدني ذلك بشكل كبير على تطوير طريقة تفكيري واستدلالي، وجعلني أكثر تكاملاً وتفاعلاً، وساعدني على التفكير بشكل أعمق حول كيفية تصرف الناس وتفاعلهم. ولذلك فإن هذه اللقاءات مفيدة جدًا في بناء الروابط والعلاقات الإنسانية بين مختلف البلدان وأيضًا بين مختلف القادة المستقبليين المحتملين.
قال: “يسعدني أن أرحب بكم هنا في مصر. بما أنكم أتيحت لكم فرصة زيارة العاصمة الإدارية الجديدة، فأعتقد أنكم قد رأيتم هذه المدينة الجديدة بالفعل. قبل ثماني سنوات، كان هذا المكان مجرد صحراء قاحلة، لكن ما رأيتموه هنا اليوم دليل واضح على أن المصريين كانوا وسيظلون بناة عظماء. من بناء الأهرامات إلى بناء العاصمة الإدارية الجديدة، اهتم المصريون دائمًا بالتنمية والبناء، ولم يفكروا يومًا في الدمار أو الحرب أو القتال. كل هذا متأصل في قلوب المصريين. نحن المصريون لطالما أحببنا السلام وسعى للبناء، بينما نكره الحرب والصراع”.
واختتم مدبولي كلمته قائلاً: “أرحب بكم مجددًا، وآمل أن تستمتعوا بإقامتكم هنا في مصر. وآمل أن يوفر لكم وزير الشباب والرياضة إقامة مريحة وخدمات لوجستية مناسبة، حتى تتمكنوا من فهم التقدم المحرز هنا في مصر بشكل أفضل”.