وسط قلق الأطباء ودعاء الأمهات.. نفاد الوقود يهدد الأرواح بمستشفيات غزة

منذ 3 ساعات
وسط قلق الأطباء ودعاء الأمهات.. نفاد الوقود يهدد الأرواح بمستشفيات غزة

يواجه القطاع الصحي في قطاع غزة خطر الانهيار مع نفاد الوقود من مولدات المستشفيات، ما يهدد حياة آلاف المرضى. حذرت وزارة الصحة في غزة من توقف خدمات المستشفيات بشكل كامل خلال أيام، بسبب قيام إسرائيل بقطع إمدادات الوقود. وقالت الفلسطينية نوال أبو رويضة لوكالة الأناضول: ابنتي بحاجة إلى أكسجين وتعاني من ضيق في التنفس. إذا انقطعت الكهرباء عن المستشفى، فإن الجميع سوف يموتون. وقال الدكتور خليل الدقران، الناطق باسم مستشفى شهداء الأقصى: “إن القرار الإسرائيلي هو حكم بالإعدام على المرضى والجرحى”.

يسود صمت مطبق في قسم الأطفال بمستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة. الضجيج الوحيد هو صوت معدات الأكسجين، والتي يمكن أن تتوقف عن العمل في أي لحظة إذا نفد الوقود للمولدات.

ويقف الأطباء والممرضات حراسًا بينما تهمس الأمهات بالدعاء على أسرة أطفالهن، لأن الخطر حاضر دائمًا.

وبما أن الكهرباء غير متوفرة على الإطلاق في قطاع غزة، فإن المستشفيات تعتمد على المولدات الكهربائية كمصدر وحيد للطاقة.

لكن هذه المولدات معرضة للتوقف عن العمل في أي وقت بسبب النقص الشديد في الوقود ونقص قطع الغيار بسبب الحصار الإسرائيلي وتدمير العديد من المولدات في أعقاب العدوان المستمر.

قالت وزارة الصحة في قطاع غزة في بيان اليوم الثلاثاء، إن الوقود المتوفر لمستشفيات غزة لن يكفي سوى بضعة أيام. وحذرت من أن الحصار الإسرائيلي المستمر لإمدادات الوقود يهدد “بإيقافها بشكل كامل”.

** الخطر يقترب

في إحدى زوايا القسم تجلس الفلسطينية نوال أبو رويضة بجوار ابنتها المريضة التي تعاني من ضيق في التنفس وضعف عام بسبب المجاعة التي تعصف بقطاع غزة منذ أشهر.

تحاول نوال تهدئة ابنتها المريضة، وتقول لوكالة الأناضول بصوت منخفض ومرير: “ابنتي تموت من الجوع… تتلقى الأكسجين وتعاني من صعوبة في التنفس”.

عندما سمعت نوال باحتمال توقف مولدات المستشفى، بدت قلقة وقالت بصوت مرتجف: “هل يمكن أن تفقد ابنتي الأكسجين؟ لقد جئنا إلى المستشفى لعلاج أطفالنا. وإذا انقطعت الكهرباء، كيف سيعيشون؟”

وأضافت: «إذا انقطعت الكهرباء عن المستشفى، سيموت الجميع».

**تحت التهديد

وفي جناح الأطفال، حيث يتم رعاية العشرات من الأطفال حديثي الولادة، يواصل الأطباء والممرضات العمل تحت ضغط هائل. ويقومون بمراقبة العلامات الحيوية للأطفال بقلق، كما يراقبون عن كثب مولدات الطاقة في المستشفى.

في هذه الأثناء، تبقى العائلات، وأغلبها الأمهات، في صمت وقلق في المستشفى، في انتظار أخبار مطمئنة عن أبنائهم.

وتتحرك بعض الأمهات بهدوء بين أبواب العنابر، بينما تجلس أخريات على المقاعد أو في زوايا الممرات وهن يهتفن بالدعاء.

ورغم كل الرعاية الصحية المقدمة فإن القسم مهدد بالإغلاق الكامل وبالتالي حياة الأطفال، بعد أن توقفت إسرائيل عن تزويد القطاع بالوقود.

**انهيار صحي شامل

وقال خليل الدقران، الناطق باسم مستشفى شهداء الأقصى، للأناضول، إن “جيش الاحتلال يمنع المنظمات الدولية من الوصول إلى مخازن الوقود”.

وأكد أن هذا سيؤدي فعليا إلى خروج المستشفيات عن الخدمة، وخاصة الأقسام الحيوية مثل العناية المركزة ووحدات الأطفال حديثي الولادة وأمراض القلب والكلى والأشعة وغرف العمليات.

وأضاف: “عندما تنقطع الكهرباء عن المستشفيات، يكون ذلك بمثابة حكم إعدام على المرضى والجرحى. وعندما تتوقف سيارات الإسعاف، فإن ذلك يعني أن الجرحى في المناطق المتضررة ينزفون حتى الموت”.

منذ أكثر من 66 يوماً، تمنع إسرائيل دخول الوقود وقطع الغيار والمستلزمات الطبية إلى قطاع غزة. وأدى ذلك إلى انهيار شبه كامل للقطاع الصحي، في الوقت الذي كانت هناك تحذيرات من كارثة وشيكة قد تؤدي إلى تدمير المستشفيات القليلة المتبقية.

وزعم الدقران: “إنها خطة ممنهجة لشل كافة المستشفيات وقتل المصابين ببطء من خلال منع سيارات الإسعاف وقطع الكهرباء ومنع إيصال الأدوية وحتى التطعيمات الأساسية للأطفال”.

ودعا المجتمع الدولي إلى الضغط فورا على إسرائيل والسماح باستيراد الوقود اللازم قبل فوات الأوان.

وفي أوائل شهر مارس/آذار، صعدت إسرائيل من جرائمها بإغلاق كافة المعابر الحدودية إلى قطاع غزة بشكل تعسفي، ومنعت بشكل كامل دخول المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة وشاحنات الصهاريج.

وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، السبت، أن حصيلة القتلى بسبب سياسة التجويع الإسرائيلية ارتفعت إلى 57 فلسطينياً منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وحذر من زيادة أخرى في عدد القتلى مع إغلاق تل أبيب للمعابر الحدودية ومنعها لاستيراد المساعدات لمدة شهرين.

حذرت الحكومة الفلسطينية ومسؤولو الأمم المتحدة مرارا وتكرارا من المخاطر التي يشكلها استمرار إسرائيل في إغلاق المعابر الحدودية وما ينتج عن ذلك من إعاقة دخول السلع الحيوية مثل الغذاء والأدوية والوقود والمياه إلى قطاع غزة لمدة شهرين.

ويعتمد 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة بشكل كامل على هذه المساعدات بعد أن أصبحوا فقراء على مدى الأشهر التسعة عشر الماضية بسبب الإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها إسرائيل، وفقاً لبيانات البنك الدولي.

وتأتي هذه الأزمة الإنسانية على خلفية نزوح أكثر من 90% من الفلسطينيين في قطاع غزة من منازلهم بسبب عمليات الطرد الإسرائيلية. وقد تعرض البعض منهم لهذا الوضع أكثر من مرة، ويعيشون في ملاجئ مكتظة أو في العراء، مما ساهم في انتشار الأمراض والأوبئة.

بدعم أمريكي كامل، ترتكب إسرائيل إبادة جماعية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. قُتل أو جُرح أكثر من 170 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وما زال أكثر من 11 ألف شخص في عداد المفقودين.


شارك