تفكيك للمؤسسات الداخلية وصدامات مع الشرق الأوسط.. كيف أمضى ترامب أول 100 يوم من ولايته الثانية؟

منذ انتقاله إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي، يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عازم على إعادة تصميم مفهوم السلطة التنفيذية بشكل كامل. في أول 100 يوم من ولايته الثانية، شن ترامب عدة هجمات على المؤسسات الحكومية وأصدر سلسلة من الأوامر التنفيذية التي هزت النظام السياسي الأميركي وزادت المخاوف من تعرض البلاد لتهديد حكم الرجل الواحد.
وفي واحدة من أكثر اللحظات رمزية، علق ترامب لوحة عملاقة للرئيس السابق باراك أوباما وهو يرفع قبضته الملطخة بالدماء بعد محاولة اغتياله، وذلك مقابل صورة له في تجمع انتخابي في بنسلفانيا. ويوحي المشهد بتحدي صارخ للماضي وإخلاص لصورة الرجل الذي “عاش ليحكم”، بحسب مجلة تايم.
– تخفيض الدولة
في بداية ولايته، أصدر ترامب أوامر أدت إلى شلل إدارات بأكملها، وفصل أكثر من 100 ألف موظف فيدرالي، وشن حملة ترحيل جماعي استهدفت حتى المهاجرين الذين دخلوا البلاد بشكل قانوني. وقد تم ترحيلهم إلى بلدان أخرى دون محاكمة استناداً إلى قوانين القرن الثامن عشر.
في التاسع من أبريل/نيسان، استخدم ترامب وزارة العدل لاستهداف الأفراد الذين اعتبرهم معارضين سياسيين، بما في ذلك مسؤولين سابقين من إدارته الأولى مثل كريستوفر كريبس ومايلز تايلور. وبالإضافة إلى ذلك، قام بتعيين محامين مخلصين له في مناصب قضائية بارزة، بما في ذلك محاميته السابقة ألينا هابا، وفي واشنطن، قام بتعيين أحد أنصار نظرية “الانتخابات المسروقة” ليرأس أكبر مكتب للادعاء العام في البلاد.
– الصراع مع القضاء
ورغم أن ترامب أعرب عن احترامه لأحكام المحكمة، إلا أنه تجاهل أمر المحكمة العليا بإعادة مهاجر تم ترحيله ظلماً إلى السلفادور، ودعا إلى إقالة القاضي الذي أصدر الحكم. أعرب رئيس المحكمة العليا جون روبرتس عن قلقه النادر في بيان عام انتقد فيه تصرفات الرئيس.
استهدف الداخل وابتزاز الخارج
ووسّع ترامب نطاق المواجهة ليشمل الجامعات وشركات المحاماة ووسائل الإعلام، مطالباً إياها بتغيير سياساتها مقابل إنهاء هجماته. على سبيل المثال، قامت جامعة كولومبيا بتغيير مناهجها الدراسية الخاصة بدراسات الشرق الأوسط لتجنب خفض التمويل الفيدرالي بمقدار 400 مليون دولار.
-الحرب التجارية تثقل كاهل الاقتصاد العالمي
وفي السياسة الخارجية، أعلن ترامب حرباً تجارية جديدة وفرض رسوماً جمركية تصل إلى 145% على الواردات. متجاهلاً تحذيرات خبراء السوق وبنك الاحتياطي الفيدرالي، ادعى ترامب: “الولايات المتحدة عبارة عن سوبر ماركت كبير وأنا من يحدد الأسعار”.
وتخضع الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة لرسوم جمركية تصل إلى 245 بالمئة، وردت بكين بفرض رسوم جمركية بنسبة 125 بالمئة على الواردات الأميركية. ويستعد المستهلكون والشركات والأسواق لمزيد من حالة عدم اليقين مع تزايد المخاوف من حدوث ركود عالمي. ومع ذلك، أكدت حكومة الرئيس الصيني شي جين بينج مرارا وتكرارا استعدادها للانخراط في الحوار، لكنها في الوقت نفسه هددت بالقتال حتى النهاية إذا لزم الأمر.
قالت ماري لوفلي، الخبيرة في الشؤون التجارية بين الولايات المتحدة والصين في معهد بيترسون في واشنطن العاصمة، لبرنامج نيوز آور على قناة بي بي سي في وقت سابق من هذا الشهر، إن القادة الصينيين قد يكونون “مستعدين تمامًا لتحمل الألم المتمثل في عدم الاستسلام لما يعتبرونه عدوانًا أمريكيًا”.
-انقلاب على الدستور
ويرى المراقبون، ومن بينهم أستاذ القانون في جامعة هارفارد جاك جولدسميث، أن تصرفات ترامب لا تعتبر انتهاكات معزولة، بل “خطة منهجية لإعادة تشكيل القيود الدستورية”، وهو ما يفتح الباب أمام صراع خطير بين السلطة التنفيذية والقضاء الفيدرالي. في حين يصر ترامب على أنه يفي بوعوده لناخبيه، فإن العديد من الأصوات في الولايات المتحدة تحذر من أن ما يتم بناؤه في هذه الأشهر الأولى قد يغير وجه الجمهورية الأمريكية لعقود قادمة.
– ريفييرا الشرق الأوسط: أحلام ترامب العقارية على حساب الحقوق الفلسطينية
ولم تقتصر طموحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الثانية على إعادة تشكيل التجارة والقوة العسكرية، بل امتدت أيضا إلى مقترحات وُصفت بأنها بعيدة كل البعد عن الواقعية السياسية.
ومن بين أفكاره الأكثر إثارة للجدل اقتراح تحويل قطاع غزة إلى وجهة سياحية عالمية وتسميته “ريفييرا الشرق الأوسط”. ولتحقيق هذه الغاية، كان من المقرر إعادة توطين السكان الفلسطينيين في القطاع واستبدالهم بمشاريع سياحية على البحر.
وقد لاقت هذه الدعوة رفضاً واسع النطاق، وخاصة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أكد مراراً وتكراراً رفضه لكل المخططات التي تستهدف طرد وتصفية القضية الفلسطينية، وهي القضية التي تقف مصر في مواجهتها كحصن منيع يحمي الحقوق الفلسطينية والأمن القومي العربي.