بطريقة “حصان طروادة”.. ما قصة التدخل الإسرائيلي في صحنايا لحماية الدروز؟

وسط تصاعد التوترات الأمنية في سوريا، أعلنت السلطات السورية، الأربعاء، مقتل 11 شخصاً، بينهم عناصر من قوات الأمن السورية ومدنيون، في هجوم مسلح وقع أمس في منطقة أشرفية صحنايا خارج دمشق. تم تنفيذ الهجوم بأسلوب “حصان طروادة”. بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).. ما وراء التدخل الإسرائيلي في صحنايا لحماية الدروز؟
ويأتي الهجوم في وقت حساس، ويسلط الضوء ليس فقط على الفوضى الأمنية المستمرة في بعض أجزاء من سوريا، بل أيضاً على ارتباطها بالتوترات العامة في سوريا، وخاصة في المناطق التي يسكنها الدروز.
تفاصيل الهجوم في صحنايا
وذكرت وكالة الأنباء السورية أن حاجزاً للأمن العام في المنطقة تعرض مساء أمس لهجوم، ما أدى إلى إصابة ثلاثة عناصر من الأمن بجروح متفاوتة. ويبدو أن هذا كان تنسيقاً بين مجموعات مسلحة محظورة، فيما اخترقت مجموعات أخرى المناطق الزراعية المحيطة، ما أدى إلى قصف عشوائي لسيارات مدنية وشرطة الأمن العام، ما أدى إلى مقتل ستة أشخاص وإصابة آخرين.
من جانبها أعلنت وزارة الداخلية السورية أن قوات الأمن نفذت عملية بحث واسعة في المنطقة للقبض على العصابات المسلحة التي تقف وراء الهجوم.
وأكدت الوزارة أن “المجرمين لن يفلتوا من العقاب” وسيتم اتخاذ إجراءات صارمة بحق كل من يهدد أمن واستقرار سورية.
التدخل الإسرائيلي
وفي أعقاب الهجوم المسلح في صحنايا، أصدرت إسرائيل بياناً رسمياً قالت فيه إن الجيش الإسرائيلي نفذ هجوماً على مجموعة متطرفة بحجة التخطيط لهجوم على الدروز في سوريا.
وجاء البيان بناء على أوامر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قال إن الهجوم كان بمثابة “تحذير” للجماعات المتطرفة في المنطقة. وفي السياق ذاته، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن هذه العملية تأتي في إطار التزام إسرائيل العميق بحماية الدروز في سوريا، وأكد مجدداً أن إسرائيل لن تتردد في اتخاذ إجراءات ضد أي تهديد لهذه الفئة من السكان.
وأضاف وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، عضو المجلس الوزاري الأمني المصغر، أن تل أبيب “لن تسمح لأحد بمهاجمة الدروز في سوريا، الذين هم جزء أساسي من النسيج الإقليمي”. وتأتي هذه التصريحات في إطار سياسة إسرائيلية متواصلة تهدف إلى ترسيخ مكانتها كحامية للمجتمع الدرزي، وخاصة في المناطق المحاذية للجولان المحتل.
وفي حين اتخذت إسرائيل إجراءات ملموسة بحجة حماية الدروز، وجهت إذاعة الجيش الإسرائيلي تحذيراً شديد اللهجة للنظام السوري، داعية إياه إلى تحمل مسؤولياته وحماية الدروز من أي هجمات. وتأتي هذه التحذيرات في إطار التدخل الإسرائيلي المستمر في الشؤون السورية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالأقليات الدينية والطائفية. وقد أصبح هذا التدخل واضحا بشكل متزايد منذ سقوط نظام الأسد.
في حين تواصل إسرائيل تأكيد دورها كحامية للدروز في سوريا، يبدو أن الحكومة السورية تواجه تحديات عديدة في التعامل مع المجتمع الدرزي، حيث تتنافس القوى المؤيدة للحكومة والمعارضة على النفوذ. ويأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه دمشق إلى استعادة السيطرة على المناطق التي يقطنها الدروز، بما في ذلك محافظة السويداء.
وفي فبراير/شباط الماضي، شهدت السويد مظاهرات حاشدة، وخاصة في السويد، ضد تصريحات نتنياهو بشأن مستقبل جنوب سوريا. وهتف المتظاهرون في السويداء بشعارات ترفض التدخل الإسرائيلي، وتؤكد على وحدة سوريا، ورفض كل مخططات التقسيم التي تروج لها جهات خارجية. وتأتي هذه الإجراءات في أعقاب زيارة وفد درزي من السويداء إلى دمشق، حيث التقى الرئيس السوري أحمد الشرع مع شيوخ الطائفة وبحث معهم قضايا التنمية المحلية وحقوق الطائفة.
ومع تصاعد هذه التوترات، جرت في الأيام الأخيرة زيارة ثانية من هذا النوع إلى إسرائيل، حيث وصل نحو 600 شيخ درزي إلى مرتفعات الجولان المحتلة في زيارتهم الدينية الثانية خلال شهر. ورغم حرص زعماء الطائفة الدرزية في إسرائيل على التأكيد على الطبيعة الدينية والاجتماعية للزيارة، إلا أنها لم تمر مرور الكرام على المستوى السياسي، خاصة في ظل المواقف المختلفة داخل الطائفة نفسها.
وهذه الزيارة ليست الأولى من نوعها. وفي الشهر نفسه، شهدت سوريا أول زيارة لشيوخ الدروز إلى إسرائيل منذ ما يقرب من خمسين عاماً. وتعكس هذه الزيارة الانفتاح المتزايد بين بعض الشخصيات الدرزية في سوريا وإسرائيل، فضلاً عن المواقف المختلفة داخل المجتمع نفسه. ورغم أن مئات من شيوخ الدروز زاروا إسرائيل، إلا أن أحداً منهم لم يكن ممثلاً رسمياً للطائفة. وهذا ينطبق بشكل خاص على الشيخ حمود الحناوي، شيخ عقل طائفة الدروز في السويداء، الذي أكد على موقف الدروز الواضح من التدخل الإسرائيلي وعقود من الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في فلسطين.