تعزيز الهوية ودورها في صناعة الحضارة.. الأوقاف تكشف نص خطبة الجمعة المقبل

منذ 2 شهور
تعزيز الهوية ودورها في صناعة الحضارة.. الأوقاف تكشف نص خطبة الجمعة المقبل

وحددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة المقبلة بعنوان: “تعزيز الهوية ودورها في بناء الحضارة”.

وقالت وزارة الأوقاف إن الهدف من هذه الخطبة هو توعية الرأي العام بضرورة تعزيز الهوية المصرية ودورها في بناء الحضارة. وتتضمن الخطبة الثانية تحذيراً خطيراً من الوقوع في المحظورات في شهر رمضان المبارك.

عن نص الخطبة:

“الحمد لله رب العالمين، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، حمدًا يليق بنعمته، ويكافئ فضله. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن ربنا وقرة قلوبنا وقرة أعيننا وتاج رؤوسنا محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه. أرسله الله تعالى رحمة للعالمين وخاتماً للأنبياء والمرسلين. وشرح صدره، وزاد في قدره، وأكرمنا به، وجعلنا من أهله. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وثم:

هوية الأمة هي مقياس تميزها، ومصدر فخرها، ودليل مجدها وشرفها. إن الولاء للهوية هو المادة اللازمة لتطور شخص مخلص حقًا ومبدع للحضارة. عندما نفقد الهوية تفقد الأمة مميزاتها وينطفئ نور حضارتها. إذن، أيها الأعزاء، دعونا نسلط الضوء على أهم ركائز هوية وطننا العظيم.

أيها الناس، الدين هو النور الساطع الذي ينير دربنا، والسراج المتألق الذي ينشر الجمال في أرضنا، والبلسم الشافي الذي يداوي قلوبنا ويسكن نفوسنا. الدين هو مصدر شرفنا وفخرنا. إذا أردتم يا أصدقائي أن تدركوا عظمة التدين المصري فاستمعوا إلى إذاعة القرآن الكريم مع قرائها ودعاتها. تأملوا في المشاهد التي تهيمن على موائد الرحمن، والتي تغلب عليها روح المحبة والعطاء والتضامن خلال شهر رمضان. استمتع برؤية وجوه الطاهرين في صلاة التراويح بين الجامع الأزهر ومسجد سيدنا الحسين رضي الله عنه. هذه بعض شواهد الحضارة المصرية ودليل على هويتها النقية المعتدلة.

أيها السادة، اللغة هي عنوان سيادة الهوية وتعبيرها الواضح. اللغة هي الحصن المنيع للشخصية المصرية والدرع الواقي لتميزها. اللغة هي حاملة الأفكار والتراث، فتمسك بلغتك؛ إنه التاريخ والحاضر والمستقبل. أرأيتم يا أصدقائي كيف أن مجالس اللغة الممتدة في أوساط الأزهر الشريف والمدارس العلمية التي تدعمها تصنع الحضارة وتبني الإنسان؟! هل فكرت يوما كيف أثرت اللغة العربية على مفكري مصر الفريدين أمثال ابن هشام والسيوطي وابن منظور رحمهم الله؟ لغتنا العربية شهادة على هويتنا الفخورة التي تقاوم حملات الإقصاء والتهميش. فكيف لا وهو محفوظ ومحترم بقول ربنا تعالى: {وإنّه لتنزيل من رب العالمين}. { نزله على قلبك من الروح الأمين * لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين } ألم يحن الوقت أيها السادة لإعادة بناء حضارتنا على أكتاف لغتنا الجميلة وتربية جيل يتمتع بالفخر والاعتزاز باللغة العربية؟

عباد الله، اعلموا أن المنظومة الأخلاقية والقيمية هي الأداة الحقيقية لتطبيق الهوية الوطنية. إذا أردنا إبراز هويتنا المصرية، فلنحول قيمنا الجميلة إلى مؤسسات تبني الحضارة. تعالوا يا أحبائي، لنحوّل الرحمة من كلمة إلى قيمة، إلى مؤسسة، إلى حضارة، حتى نرى الرحمة في المستشفيات وملاجئ الحيوانات ومؤسسات الرحمة والشفقة. تحويل كلمة المعرفة وتنوير العقل من كلمة إلى قيمة، إلى مؤسسة، إلى حضارة، حتى نرى نور المعرفة في المدارس والجامعات والمؤسسات العلمية بكل أشكالها. تحويل معنى الجمال من كلمة إلى قيمة، إلى مؤسسة، إلى حضارة، بحيث نرى الجمال في الخط العربي والعمارة والهندسة. أعزائي، انتبهوا! كلما ترسخ القيم والأخلاق أصبحت الحضارة أكثر جمالا وأناقة.

وأما فيما يتعلق بالثقافة والفن، فأود أن أخبركم يا سيدي الكريم، بما أنتجته العمارة الإسلامية من روعة وجمال. إن إلقاء نظرة على أحد عجائب الدنيا، مسجد السلطان حسن في القاهرة المزدهرة، يكشف عن العمارة الإسلامية في أبهى صورها، ويظهر ما أنتجته عبقرية الفن الإسلامي في عصوره المجيدة. كل قطعة فيه تشهد على هوية أمة مصرية ملأت الكون جمالاً وإبداعاً.

أيها الناس انشروا بينكم وبين أبنائكم أننا أمة عظيمة ذات حضارة عريقة ومستقبل واعد. يا أيها الشرفاء، افتخروا بهويتكم وارفعوا رؤوسكم. إنشاء الحضارة الخاصة بك.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه أجمعين. والآن:

واعلم أيها الكريم أن شهر رمضان موسم شريف للمسارعة إلى الخيرات والمسارعة إلى الطاعات. فكن لطيفًا مع نفسك ولا تُعكر صفو طاعتك. ستغادرك أنوار شهر الرحمة والبركات، وستتحول حالك إلى حالة لا ترضيك، أخبرنا عنها نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال: (رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من صلاته إلا السهر).

أخي الصائم احذر من العصبية والانفعال والغضب، واجعل نهارك هادئاً وليلتك سلاماً. الصيام أيها الكريم يعني الطمأنينة والسلام، والارتقاء في مراتب الإيمان والخير، والإشراق بأنوار القرآن الكريم، والسلوك الحضاري. واعلم أن غاية الصوم التقوى. قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} وقد أوضح لنا أحكمكم عليه الصلاة والسلام بعض معاني التقوى. حين قال: «إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب». فإن سابّه أحد أو جاهده، فليقل: إني صائم».

فاحذر أيها الكريم أن تكون كمن دخل شهر رمضان يأكل الربا، ويأخذ الرشوة، ويعصي والديه، ويقطع الرحم، ويكثر الغيبة، ويستهزئ بخلق الله، ويعتدي عليهم. ولم ينل نعمة أنوار الشهر الفضيل، ولا ذرة من فضله. فهو يستحق التحذير النبوي القاسي: «من لم يدع قول الزور والعمل به لم يكلفه الله أن يدع طعامه وشرابه».


شارك