عش النسر.. مسجد عثماني معلق في السماء بالبوسنة

قام الجيش العثماني ببناء مسجد كوسلات أثناء غزو البوسنة وظل قائماً لمدة خمسة قرون. البوسني أحمد هورموفيتش: يتمتع المسجد بمكانة خاصة في قلوب الشعب البوسني ويأتي لزيارته العديد من السياح.
يقع مسجد كوشلات القديم بين الجبال العالية والغابات الكثيفة في شرق البوسنة والهرسك، على قمة جبل بالقرب من مدينة زفورنيك، ويشهد على تاريخ يمتد لأكثر من خمسة قرون.
بُني المسجد، المعروف شعبيًا باسم “عش النسر” نظرًا لموقعه المرتفع، بين عامي ١٤٦٠ و١٤٨٠ على يد الجيش العثماني الذي فتح البوسنة والهرسك. وكان الغرض الرئيسي منه أن يكون مكانًا للعبادة وسط طبيعة المنطقة الوعرة.
ويعتبر المسجد أيضًا رمزًا روحيًا وثقافيًا يجذب السياح والزوار الباحثين عن الجمال والهدوء.
يُعد مسجد كوسلات من أقدم المساجد الباقية في البوسنة والهرسك. حتى أن الرحالة العثماني أوليا جلبي أطلق عليه اسم “مسجد أبو الفتح” في كتابه “سياحة نامه”، إذ بُني في عهد السلطان العثماني محمد الفاتح.
الوصول إلى المسجد ليس بالأمر السهل، إذ لا يمكن الوصول إليه إلا بعد حوالي نصف ساعة سيراً على الأقدام عبر مسارات ضيقة تؤدي عبر غابة كثيفة.
يقدم هذا المسار للزوار تجربة فريدة تجمع بين مغامرة المشي لمسافات طويلة في الطبيعة مع دهشة الوصول إلى قمة ذات مناظر خلابة.
من أسفل الجبل، يبدو المسجد وكأنه يطفو في السماء، ولهذا يطلق عليه السكان المحليون اسم “المسجد المعلق في السماء”.
وقال أحمد هورموفيتش (21 عاما)، أحد سكان المنطقة، لوكالة الأناضول للأنباء، إن المسجد يتمتع بمكانة خاصة في قلوب البوسنيين.
وأضاف هورموفيتش أنه يزور المكان كثيرا بحثا عن الهدوء والسكينة، مشيرا إلى أن المكان غني بالتاريخ وله روح خاصة.
وأوضح أن العديد من السياح يأتون إلى المنطقة لتجربة هذا “الشعور الخاص”، مؤكداً أن جمال المكان يعوض أكثر من صعوبة الوصول إليه.
ورغم أن موقعه البعيد يعني عدم إقامة الصلوات اليومية بانتظام، فإن المسجد يستضيف تجمعات كبيرة خلال شهر رمضان عندما تقام صلاة الجمعة فيه، مما يحافظ على دوره الروحي الذي يمتد لأكثر من خمسة قرون.
ولم يسلم المسجد من دمار الحرب؛ فمثل مئات المساجد الأخرى، أحرقته القوات الصربية خلال حرب البوسنة (1992-1995).
وقد قامت السلطات بترميمها وإعادة فتحها للعبادة في عام 2013. وهو اليوم معلم بارز يجمع بين قدسية التاريخ وروعة الطبيعة ويؤكد صمود الهوية الإسلامية في البوسنة رغم كل التحديات.