سفير باريس بالقاهرة: اعتراف فرنسا بدولة فلسطين قرار تاريخي وخطوة نحو حل الدولتين

الفارس لـ”الشروق”: لا شروط للاعتراف بالدولة الفلسطينية ولكن الشروط تتعلق بإجراءات تطبيق حل الدولتين
أكد السفير الفرنسي في القاهرة، إريك شوفالييه، يوم الاثنين، أن قرار فرنسا الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين “قرار تاريخي من حيث حقوق الشعوب وكرامة الفلسطينيين”. وأشار إلى أن هذه الخطوة جزء من مسيرة طويلة بدأت بالمواقف التي اتُخذت في باريس عام ١٩٦٧، وخطاب الرئيس فرانسوا ميتران أمام الكنيست عام ١٩٨٢، وأفضت إلى تصريحات الرئيس جاك شيراك التي مهدت الطريق لهذه اللحظة.
في لقاء مع الصحفيين في السفارة الفرنسية، صرّح شوفالييه بأن الاعتراف ليس مجرد إعلان سياسي، بل هو بداية جهد مشترك للمجتمع الدولي لتطبيق حل الدولتين. وأكد أن بلاده تعمل بالشراكة مع المملكة العربية السعودية وعدة دول أخرى لضمان أن تعيش فلسطين وإسرائيل جنبًا إلى جنب في أمن وسلام.
**لا توجد متطلبات للاعتراف
عند سؤاله عما إذا كانت هناك أي شروط فرنسية للاعتراف بالدولة الفلسطينية، أكد شوفالييه: “أؤكد أنه لا توجد شروط مسبقة لاعتراف فرنسا بدولة فلسطين، ولا توجد أي صلة بين الاعتراف وتاريخ محدد مثل 15 يونيو/حزيران. ومع ذلك، هناك عناصر مهمة تتعلق بالتنفيذ المشترك لحل الدولتين. هذه ليست شروطًا، بل قضايا أساسية لنجاح هذه العملية”.
الديناميكيات الجماعية مع الشركاء الدوليين أشار السفير إلى أن فرنسا ليست الوحيدة التي اتخذت هذه الخطوة. فقد سبقتها دول مثل كندا وأستراليا والبرتغال في الاعتراف بالدولة خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية، ومن المتوقع أن تحذو حذوها دول أوروبية أخرى هذا المساء. وصرح بأن “إعلان باريس في أبريل/نيسان الاعتراف بدولة فلسطين شجع دولًا أخرى على اتخاذ القرار نفسه”.
وأضاف أن هذا الزخم يهدف إلى منع فرنسا من أن تقف وحيدة في الاعتراف، بل أن تكون جزءا من حركة أوسع تعطي زخما للحقوق الفلسطينية.
وأضاف شوفالييه أن اعتراف نحو عشر دول منذ أمس واليوم يعود إلى حد كبير إلى المبادرة الفرنسية، التي أطلقها حتى لا تكون فرنسا وحدها في لحظة الاعتراف، بل يمكن لدول أخرى الانضمام وبالتالي خلق ديناميكية جماعية.
وأكد أن كل دولة تتخذ قرارها بناء على وجهة نظرها، ولكن من الواضح أن إعلان فرنسا في التاسع من أبريل/نيسان الماضي عن نيتها الاعتراف بإسرائيل شجع دولاً أخرى على أن تحذو حذوها، وهو ما يعتبره قراراً ناجحاً من فرنسا.
تأثير زيارة ماكرون إلى رفح وأشار شوفالييه إلى أن قرار الاعتراف جاء متأثرا بشكل مباشر بزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى معبر رفح في أبريل/نيسان الماضي، حيث التقى بجرحى غزة والعاملين في المجال الإنساني.
وأضاف السفير الفرنسي أن ماكرون أدلى بهذا التصريح في رحلة عودته من القاهرة بعد زيارته لرفح في 8 أبريل. وأشار إلى أن هذه الزيارة كانت حاسمة في صياغة القرار، خاصة بعد اجتماعاته مع الجرحى، بمن فيهم النساء والأطفال من غزة، وكذلك مع الجهات الفاعلة الإنسانية، بما في ذلك الهلال الأحمر المصري، ورؤيته للمساعدات الإنسانية المتميزة.
وأوضح أن هذه الزيارة، وإن لم تكن العامل الوحيد، إلا أنها كانت من أهم العوامل في صياغة القرار، مشيرا إلى أنها مثلت البعد الأول للخطوات التي اتخذت مساء اليوم.
الموقف الأمريكي والحوار الضروري وفيما يتعلق بالموقف الأميركي، أكد شوفالييه أن فرنسا “دولة ذات سيادة اتخذت قرارها المستقل”، لكنه أضاف: “من المهم للغاية مواصلة الحوار مع الولايات المتحدة لجعل صوتنا مسموعاً في واشنطن، صوت الدول الأوروبية والعربية، عندما يتعلق الأمر بالطريق الوحيد للسلام: إنشاء دولتين تعيشان جنباً إلى جنب في أمن وسلام”.
**الموقف الأمريكي من الاعتراف بالدولة الفلسطينية
وأضاف: “في سياق هذه الديناميكية، يُعدّ موقف الولايات المتحدة ودورها أمرًا بالغ الأهمية. ونحن نُدرك ذلك. لقد تابعنا عن كثب تعليقات الحكومة الأمريكية على قرار فرنسا ودول أخرى الاعتراف بدولة فلسطين، لكننا دول ذات سيادة وقررنا اتخاذ قرارنا المستقل”.
وتابع: “مع ذلك، نعتقد أن الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية، سواءً مع الدول الأوروبية أو العربية أو غيرها، يجب أن يستمر بالطبع. على سبيل المثال، اتخذ الأستراليون وغيرهم قرارًا بالاعتراف بدولة فلسطين في أمريكا وكندا وآسيا.
وأكد شوفالييه أن فرنسا تعتبر من المهم للغاية مواصلة الحوار مع الأميركيين من أجل جعل صوتنا – صوت الدول الأوروبية والعربية، وكذلك دول القارات الأخرى – مسموعًا في واشنطن بشأن ما نعتبره الطريق، بل الطريق الوحيد، للسلام في المنطقة: إنشاء دولتين تعيشان في سلام وأمن.
وأشار إلى أن جميع هذه الدول، سواء كانت دولاً أوروبية أو دولاً مثل كندا في أميركا أو أستراليا في آسيا، ترى أنه من المهم مواصلة الحوار مع الولايات المتحدة لننقل لها ما نعتبره الطريق والطريق الوحيد للسلام والأمن لدولتين تعيشان جنباً إلى جنب في أمن وسلام.
وأشار إلى أن التهجير القسري للفلسطينيين خارج فلسطين سيشكل تهديدًا كبيرًا للاستقرار الإقليمي، وبالتالي للمصالح الاستراتيجية لجميع دول المنطقة وخارجها، بما في ذلك المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة. وأضاف: “لذلك، نرغب في مواصلة الحوار مع الولايات المتحدة لإقناعها وإثبات لها أن التهجير القسري للسكان سيكون كارثة على المنطقة”.
الرفض القاطع للترحيل القسري وحذر السفير من أي خطط لترحيل الفلسطينيين، قائلاً: “إن عمليات التهجير القسري تُشكل تهديدًا ليس فقط للاستقرار الإقليمي، بل أيضًا للمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة والدول المتضررة. ونحن ندعم مصر تمامًا في رفض هذه الخطط”.
قال شوفالييه إن التهجير القسري للفلسطينيين لا يُشكل تهديدًا للاستقرار الإقليمي فحسب، بل يُهدد أيضًا المصالح الاستراتيجية لدول المنطقة، وكذلك المصالح الأمريكية. وقد تنشأ مشاكل مرتبطة بتهجير الفلسطينيين، وقد تُصبح كارثية على المنطقة ومصالحها. لذلك، نرغب في حوار مع الولايات المتحدة.