بين القوة والرمزية.. جدل أمريكي بعد إحياء ترامب لاسم وزارة الحرب

في قرارٍ مثيرٍ للجدل، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يُعيد تسمية وزارة الحرب إلى وزارة الدفاع، مُحييًا بذلك اسمًا تاريخيًا يعود إلى القرن الثامن عشر. وبينما اعتبر البيت الأبيض هذه الخطوة دليلًا على القوة والنصر، وصفها النقاد بأنها مناورة سياسية مُكلفة، وفقًا لعدة تقارير إعلامية.
– إحياء اسم قديم
تأسست وزارة الحرب عام ١٧٨٩ في عهد جورج واشنطن، عقب الاستقلال عن بريطانيا العظمى. واحتفظت بهذا الاسم حتى عام ١٩٤٩، عندما أعاد الرئيس هاري ترومان تسميتها بوزارة الدفاع. كان ترومان ينوي منح وزير الدفاع سلطة مركزية على القوات المسلحة، وخاصة البحرية المستقلة إلى حد كبير. ويعتقد المؤرخون أيضًا أن الاسم الجديد عكس روح العصر الذري، الذي كان أكثر اهتمامًا بمنع الحروب من شنها.
لكن ترامب يرى أن المصطلح الحالي صحيح سياسيا للغاية، لأنه يفترض أن الولايات المتحدة يجب أن تتصرف هجوميا ودفاعيا في الوقت نفسه.
السلام من خلال القوة
من البيت الأبيض، أعلن ترامب أن الاسم الجديد يُرسل رسالة نصر للعالم. غرّد وزير الدفاع بيت هيغسيث قائلاً: “ستكون وزارة الدفاع مستعدة يوميًا، وبكل الطرق، لضمان عيش مواطنينا بسلام. السلام من خلال القوة”. وكان قد صرّح سابقًا على قناة فوكس نيوز أن الحكومة الأمريكية تريد استعادة الروح القتالية.
– تكلفة مليار دولار
قانونيًا، لا يستطيع ترامب تغيير الاسم رسميًا دون موافقة الكونغرس، لكن أمرًا تنفيذيًا يسمح باستخدامه في الخطابات الرسمية والوثائق الداخلية. لم يكشف البيت الأبيض بعد عن التكلفة المتوقعة، لكن وسائل الإعلام الأمريكية تقدرها بأكثر من مليار دولار، شاملةً تحديث الشعارات والمراسلات والهياكل الإدارية.
خطوة رمزية أم إظهار للقوة؟
وفقًا لتقرير صادر عن فرانس 24، يرى الباحثون أن القرار رمزي ورسمي، لكنه يحمل رسائل عسكرية واضحة. كان ترامب قد وعد منذ بداية ولايته بإعادة صياغة الاستراتيجية الأمنية الأمريكية جذريًا، لكنه اصطدم بما يُسمى “الدولة العميقة”. وتهدف إعادة تسمية الوكالة إلى تعويض هذا التقصير، وأن تكون إرثًا تاريخيًا يربط اسمه بتحويل مؤسسة عريقة.
يشير آخرون إلى أن توقيت هذه الخطوة لم يكن عفويًا، بل جاء بعد أيام قليلة من العرض العسكري الصيني في بكين، الذي حضره الرئيسان الروسي والصيني، بالإضافة إلى الزعيم الكوري الشمالي. ويعتقد المحللون أن واشنطن أرادت إثبات قدرتها على فرض سلطتها رغم الانتقادات الموجهة إليها لضعف موقفها.
– الحسابات الداخلية والخارجية
وصف الديمقراطيون القرار بأنه محاولة لاستمالة مؤيدي حملة “لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا”، بينما رحّب به الجمهوريون إلى حد كبير. مع ذلك، حذّر بعض المراقبين من أن تغيير الاسم قد يُغضب حلفاء واشنطن، الذين قد يعتبرونه خروجًا عن دورها الدفاعي التقليدي وخطوة نحو صورة أكثر عدائية.