حرارة الصيف تطرق أبواب عقولنا.. كيف تهاجم موجات الحر الدماغ وتغير سلوك الإنسان؟

منذ 3 ساعات
حرارة الصيف تطرق أبواب عقولنا.. كيف تهاجم موجات الحر الدماغ وتغير سلوك الإنسان؟

لدرجات الحرارة المرتفعة آثار سلبية على الصحة البدنية والنفسية. وقد يكون هذا التأثير المزدوج ناتجًا عن تأثير درجة الحرارة على وظائف الدماغ المختلفة، بما في ذلك الوظائف الحركية والإدراكية.

وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، وجد باحثون أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة الإصابة بالأمراض العصبية، مثل الصرع والسكتة الدماغية والتهاب الدماغ والتصلب اللويحي والصداع النصفي وغيرها. كما تزداد معدلات العنف والعصبية والاكتئاب.

على سبيل المثال، خلال موجة الحر الأوروبية عام 2003، كان حوالي 7% من الوفيات الزائدة مرتبطة بشكل مباشر بمشاكل عصبية، وتم تسجيل أرقام مماثلة خلال موجة الحر في المملكة المتحدة عام 2022.

يتناول التقرير التالي تأثيرات موجات الحرارة على وظائف المخ والمشاكل الصحية العديدة التي تسببها.

تأثيرات الحرارة الشديدة على وظائف المخ

يُعد الدماغ من أكثر أعضاء الجسم استهلاكًا للطاقة، إذ يتطلب طاقة كبيرة للتفكير والتذكر والتفاعل. تُولّد هذه العمليات بدورها حرارةً كبيرة، مما يُقلل من كفاءة وظائف الدماغ والنواقل العصبية، التي تتأثر سلبًا إما بارتفاع درجة حرارة الدماغ أو انخفاضها بشكل مفرط. لذلك، يمتص الدم المتدفق عبر الشبكة الوعائية الحرارة الزائدة من الدماغ ويحافظ عليها بدرجة حرارة تُمكّنه من أداء وظائفه بكفاءة.

كما تُلحق درجات الحرارة المرتفعة الضرر بخلايا الدماغ وتُسبب أمراضًا عصبية مختلفة. كما تُعطل الحاجز الدموي الدماغي، مما يزيد من خطر اختراق السموم والبكتيريا والفيروسات لأنسجة الدماغ.

خطوط

تؤدي موجات الحر إلى زيادة حالات السكتة الدماغية والوفيات الناجمة عنها. وقد وجدت دراسةٌ حللت بيانات وفيات السكتة الدماغية من 25 دولةً أن 10,000 حالة وفاة من أصل سبعة ملايين حالة وفاة بالسكتة الدماغية حول العالم سنويًا تُعزى إلى الحر الشديد. ومن المتوقع أن يستمر هذا العدد في الارتفاع بسبب تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة السنوية.

– مشاكل كبار السن

تشير الأدلة إلى أن حالات دخول المستشفيات والوفيات بين المصابين بالخرف تزداد خلال موجات الحر. قد يكون أحد أسباب ذلك التقدم في السن. فكبار السن أقل قدرة على تنظيم درجة حرارة أجسامهم، وبسبب ضعفهم الإدراكي، يكونون أكثر عرضة لخطر الحر الشديد. على سبيل المثال، قد لا يشربون كمية كافية من الماء، أو يغلقون نوافذهم، أو يتجنبون الخروج خلال ساعات الذروة.

– الولادة المبكرة

وبحسب الخبراء، وجدت دراسة حديثة أن عدد الولادات المبكرة ارتفع بنسبة 26% بسبب موجات الحر المتكررة، وهو ما أدى بدوره إلى تأخر النمو العصبي والإعاقات الذهنية لدى الأطفال.

– زيادة انتشار الفيروسات

ومع ارتفاع درجات الحرارة، يزداد انتشار البعوض الذي ينقل الأمراض العصبية مثل فيروس زيكا، الذي يصيب الأجنة ويسبب صغر حجم الرأس، وكذلك حمى شيكونغونيا وحمى الضنك.

– سلوك شديد

تؤثر موجات الحرارة على النشاط الكهربائي للخلايا العصبية وتدفع الشخص إلى القيام بمجموعة من السلوكيات المتطرفة، بدءًا من القرارات الجريئة والمغامرة وحتى الانتحار.

متلازمة درافيت

هو اضطراب عصبي يتضمن شكلاً من أشكال الصرع، ويصيب طفلاً واحداً تقريباً من كل 15,000 طفل. تشير الدراسات إلى أن الأطفال المصابين بهذه الحالة غالباً ما يعانون من إعاقات ذهنية، والتوحد، واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، بالإضافة إلى اضطرابات في الكلام والحركة والأكل والنوم. يزداد معدل الإصابة مع ارتفاع درجات الحرارة، وتشمل أعراضه تصلب العضلات وارتعاش الجسم.

ولتقليل تكرار هذه النوبات، يجب إبقاء الشخص المصاب في أبرد مكان ممكن وتجنب الحرارة الشديدة.

ويصبح علاج الأمراض العصبية مشكلة.

بعض الأدوية المستخدمة لعلاج الحالات العصبية، مثل التصلب المتعدد والفصام، تضعف قدرة الجسم على تنظيم درجة الحرارة، مما يجعل الشخص الذي يتناولها أكثر عرضة للإصابة بضربة الشمس ويزيد من خطر الوفاة.

– أرق

تُؤثر موجات الحر، وخاصةً ارتفاع درجات الحرارة مساءً، سلبًا على النوم والمزاج. كما يزداد تواتر النوبات مع قلة النوم.

يختلف التأثير من شخص لآخر.

 

على الرغم من الآثار السلبية العديدة لموجات الحر على الدماغ، والتي تُسبب مشاكل جسدية ونفسية عديدة، إلا أن بعض الناس يُفضلون الصيف ويكونون أكثر إنتاجية فيه من الشتاء. هذا يعني أن أدمغتهم لا تتأثر بدرجات الحرارة المرتفعة بقدر غيرهم. قد يُعزى ذلك إلى اختلافات جينية تجعل بعض الناس أكثر قدرة على التكيف مع درجات الحرارة المرتفعة من غيرهم.


شارك