تشبّع السوق وضعف السيولة يكبحان الطلب على الذهب رغم انخفاض الأسعار: فرصة للشراء ومخاوف من التقلب

خبراء: التشبع والمضاربة الهادئة سبب تراجع الطلب المحلي على الذهب مبابي: السوق شهد حالة من “شبه التشبع” بعد موجة قوية من شراء سبائك الذهب والجنيه المصري. – المواتي: الطلب تراجع مع انخفاض الأسعار ونتوقع مزيداً من الانخفاضات.
رغم الانخفاض الأخير في أسعار الذهب، سجّل سوق الصاغة المحلي انخفاضًا في الطلب على المعدن الأصفر بنسبة 20% في الربع الثاني من عام 2025. ويرى المحللون وتجار الذهب أن هذا الانخفاض يعود إلى حالة التشبع وهدوء المضاربة، وتغيّر أولويات المستهلكين، وتوقعات بمزيد من انخفاض الأسعار. إلا أنهم أشاروا إلى أن فرصة الشراء الحالية، وخاصةً للاستثمارات طويلة الأجل، مُجدية نظرًا لتوقعات تجدد ارتفاع الأسعار.
وبحسب مجلس الذهب العالمي، تراجع إجمالي مشتريات المصريين من الذهب بنسبة 20% في الربع الثاني من العام الجاري، لتصل إلى 11.5 طن، مقارنة بـ 14.4 طن في الفترة نفسها من عام 2024. وأوضح المجلس أن مشتريات المصريين من الحلي الذهبية تراجعت بنسبة 17% إلى 5.7 طن، بينما تراجعت مشتريات السبائك والعملات الذهبية بنسبة 23% إلى 5.9 طن.
أسباب التراجع: التشبع والمضاربة الهادئة
وأرجع سعيد إمبابي، الرئيس التنفيذي لشركة “آي ساجا” لتجارة الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، تراجع مشتريات المصريين من الذهب في الربع الثاني من عام 2025 إلى الاستقرار النسبي للأسعار في شهري مايو ويونيو، بعد ارتفاعات حادة في الأسعار في الربع الأول دفعت بعض المستهلكين إلى تأجيل مشترياتهم تحسبا لمزيد من انخفاض الأسعار.
وأوضح أن السوق شهد حالة “شبه تشبع”، لا سيما بعد موجة شراء قوية لسبائك الذهب والجنيهات المصرية خلال الربع الأول من العام الجاري من قبل الأفراد للتحوط من التضخم وانخفاض قيمة الجنيه. ويعود ذلك أيضًا إلى انخفاض السيولة لدى المواطنين، لا سيما في ظل الوضع الاقتصادي الراهن وارتفاع أسعار السلع، مما دفع الكثيرين إلى تركيز إنفاقهم على الضروريات الأساسية على حساب مشتريات الذهب. وأضاف أنه مع تراجع دور المضاربين، شهد السوق هدوءًا نسبيًا، انعكس على حجم الطلب، لا سيما لدى الراغبين في الشراء لتحقيق أرباح سريعة.
– فرصة شراء طويلة الأجل
وأضاف مبابي أن أسعار الذهب المحلية مستقرة نسبيًا حاليًا وضمن نطاق محدود مقارنةً بالتقلبات الحادة التي شهدتها بداية العام. وأوضح أن سعر الأونصة في السوق المحلية يتراوح بين 3300 و3350 دولارًا أمريكيًا، بينما يشهد السوق العالمي بعض الترقب نظرًا لتقلبات البيانات الاقتصادية الأمريكية، لا سيما فيما يتعلق بأسعار الفائدة والتضخم.
وأضاف أن التوقيت الحالي مناسبٌ جدًا للشراء، وخاصةً للاستثمارات طويلة الأجل، إذ تُمثل الأسعار الحالية فرصةً جيدةً قبل ارتفاعٍ محتمل، في ظلّ خفض أسعار الفائدة الأمريكية المتوقع بنهاية عام ٢٠٢٥. ونتيجةً لذلك، قد نشهد ارتفاعًا عالميًا في أسعار الذهب. وأشار إلى أن سعر الذهب عيار ٢١ يبلغ حاليًا حوالي ٤٥٥٠ جنيهًا مصريًا للجرام، وهو سعرٌ منخفضٌ نسبيًا مقارنةً بالفترات السابقة من العام، لذا فإن الشراء الآن يُمثل تحوّطًا جيدًا.
– تباطؤ السوق وتغير سلوك المستثمرين
من جانبه، أوضح نادي نجيب، الأمين العام الأسبق لشعبة الذهب بغرفة تجارة القاهرة، أن تراجع مشتريات المصريين من الذهب يرجع إلى نقص السيولة لدى المواطنين، إلى جانب عزوف بعض الأفراد عن الاستثمار في الذهب خلال الفترة الأخيرة، مما أثر بشكل مباشر على مبيعات المشغولات الذهبية وسبائك الذهب.
وأوضح أن العديد من المستثمرين لم يعودوا ينظرون إلى الذهب كوسيلة لتحقيق أرباح سريعة، قائلاً: “أي شخص يستثمر في الذهب اليوم يعرف أنه استثمار طويل الأجل حيث لا تحقق أرباحاً في شهر أو شهرين، بل على أبعد تقدير في ثمانية أو تسعة أشهر، ويمكن أن تمتد إلى سنة أو سنة ونصف”.
وأشار نجيب إلى أن السوق تشهد حاليا تباطؤا حادا، وأن التقلبات الكبيرة في الأسعار تجعل عمليات الشراء أو حتى البيع ضعيفة للغاية.
وتوقع ارتفاع أسعار الذهب تدريجيا خلال الفترة المقبلة، حيث من المحتمل أن يتراوح سعر الذهب عيار 21 بين 4800 و4850 جنيها للجرام، خاصة إذا خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة، وهو ما قد يدعم ارتفاع الأسعار عالميا ثم محليا.
تأثير أسعار الفائدة والدولار على سلوك المشتري
أوضح أحمد معطي، الرئيس التنفيذي لشركة آي ماركتس للاستشارات، أن الطلب على الذهب يتراجع مع استقرار الأسعار، إذ يفضل العملاء انتظار المزيد من الانخفاضات. ومع ذلك، خلال فترات ارتفاع الأسعار، يزداد الطلب عادةً بسبب المخاوف من ارتفاعات أخرى. أسعار الذهب المحلية مرتفعة بالفعل، مما يدفع العديد من العملاء إلى اللجوء إلى بدائل مثل شهادات الادخار المصرفية للاستفادة من ارتفاع أسعار الفائدة قبل تخفيضها مجددًا، لا سيما في ظل التخفيضات المرتقبة لأسعار الفائدة من قِبَل البنك المركزي.
وأشار إلى أن انخفاض قيمة الدولار ساهم في استقرار أسعار الذهب محليًا، وحدّ من تأثير ارتفاعه عالميًا. وأضاف أنه من المتوقع أن يستمر انخفاض الدولار خلال الفترة المقبلة، مما قد يمنع ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الذهب.