زياد الرحباني.. شهادات حول فكره الموسيقي: عبقرية موسيقية ونقد ساخر ومواقف إنسانية لا تُنسى

منذ 2 ساعات
زياد الرحباني.. شهادات حول فكره الموسيقي: عبقرية موسيقية ونقد ساخر ومواقف إنسانية لا تُنسى

يحظى الملحن الراحل زياد الرحباني بمكانة فنية خاصة لدى الموسيقيين والنقاد. وفي شهاداتهم لصحيفة الشروق، كشفوا عن الأبعاد الفنية والإنسانية في حياة الفنان الكبير، وعكسوا سنوات قضاها معًا في المجال الإبداعي.

سليم سحاب: استخدم الموسيقى والمسرح للتعبير عن مشاكل لبنان.

قال المايسترو سليم سحاب إن زياد الرحباني كان رائدًا في دمج الموسيقى الشرقية التقليدية، وخاصة اللبنانية، مع الأنماط الغربية كالجاز والبلوز. هذا الدمج يمنح أعماله لمسة فريدة وجديدة، ويسمح لها بتجسيد تناقضات الهوية اللبنانية. وأضاف سحاب أنه بخلاف المسرحيات الغنائية التقليدية، حيث تكون الأغاني مجرد فواصل موسيقية أو إضافات، فإن الموسيقى في مسرحيات زياد الرحباني جزءٌ أساسي من البنية الدرامية. فهي تخدم القصة، وتُعمّق المعنى، وتعكس الحالة النفسية للشخصيات، بالإضافة إلى الوضع العام. وأوضح أن زياد الرحباني يستخدم الموسيقى والمسرح للتعبير عن قضايا لبنان الراهنة، كالحرب الأهلية والفساد والطائفية والظلم الاجتماعي. وتعكس موسيقاه هموم الشعب اللبناني وآماله، وغالبًا ما تتضمن نقدًا لاذعًا للواقع. أكد سليم سحاب أن زياد الرحباني أولى اهتمامًا بالغًا للهجة اللبنانية في أغانيه ومسرحياته، مما منحها أصالةً وجاذبيةً للجمهور، وجعل أعماله جزءًا لا يتجزأ من الثقافة الشعبية اللبنانية. رأى زياد الرحباني في الموسيقى في المسرح ثورةً فنيةً جمعت بين الموسيقى المبتكرة والنقد الاجتماعي الحاد.

يحيى خليل: نجح في خلق مزيج بين الموسيقى العربية والجاز.

لقد فقدنا شخصيةً لا تُعوض… هذا ما قاله الموسيقي يحيى خليل عن زياد الرحباني. وأكد أن حبه واحترامه للراحل زياد الرحباني بدأ منذ سنوات طويلة، وأن حبه يمتد أيضًا إلى جميع أفراد عائلته: والده ووالدته وعمه. “أحببت هذا الرجل طويلًا، حتى عندما كنت أعيش في أمريكا. كنت أقول إنه سيُذهل العالم، وأعتقد أن زياد الرحباني لم ينل التقدير الذي يستحقه”. وأضاف خليل أن زياد الرحباني كان من أوائل من أبدعوا موسيقى ذات طابع عالمي. قدّم أغنية “كيفك إنت”، وهي مزيج من الموسيقى العربية والجاز، مزيجٌ لم يتقنه أحدٌ غيره. وأكد خليل أن ما يميز زياد الرحباني هو قدرته على المزج بين الموسيقى العربية والجاز، وهو مزيجٌ لطالما استخدمه وأبدع من خلاله أغانٍ جميلة. أهدى أغاني جميلة لوالدته فيروز. وهو أيضًا عازف بيانو موهوب. وكشف خليل أن زياد أراد العمل معه في مشروع فني، لكن يحيى خليل كان في أمريكا آنذاك. وأكد أن زياد يمتلك أفكارًا جميلة. فهو شخص موهوب، وفنان موهوب، وعازف بيانو موهوب، وملحن موهوب. كانت جميع المقطوعات التي قدّمها لوالدته جميلة. وهو أيضًا عازف جاز متميّز، وهذه الموهبة مكّنته من تكوين فرقته الخاصة في لبنان. عاش الأجواء الموسيقية واستطاع أن يقرّبها من الناس ويحبّها.

رنا نجار: منظرة سياسية واقعية معروفة بآرائها المؤيدة للتهميش.

قالت الناقدة اللبنانية رنا نجار إن زياد الرحباني كان مُبدعًا موسيقيًا، مُناضلًا، كاتبًا، مُؤلّفًا، وناقدًا لثلاثة أجيال. كان شخصيةً فريدةً لا يُمكن وصفها بـ”الفنان العبقري”. كان رفيقَ التظاهرات والحب والخيبات. هو من غرس في لاوعينا، جيل الثمانينيات والتسعينيات، روح النقد والصورة والتحرر من عباءة الآباء والعائلات. كان الساخر اللاذع الذي انتقد تجارب والده، عاصي الكبير، وعمه منصور، في مسرحياته والأغاني التي لحنها لوالدته. وأضافت أن زياد كان أول من كتب مقطوعة موسيقية لمسلسل إذاعي وتلفزيوني. وقد شكّل اسمه وأسلوبه الساخر في الفن وعبثية الحياة هذه الظاهرة، وأسّس لأجيال من الفنانين الذين قلّدوه أو تأثروا به. كان قادرًا على الابتكار والتجديد، متأثرًا بتجارب محمد عبد الوهاب، رائد التجديد، وتجارب والده، لا سيما في مجال دمج الموسيقى الشرقية والغربية. وأوضحت أن زياد كان منظراً سياسياً واقعياً اكتسب شهرته وشعبيته من توجهه السياسي اليساري الذي ناصر المهمشين والفقراء والمظلومين، وكذلك القضية الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.

نصير شما: تجربة مختلفة… وكان شخصية متمردة عمداً.

يرى الفنان العراقي نصير شمة أن زياد الرحباني كانت له تجربة فريدة، من خلال الأغاني اللبنانية ومشروع الرحباني. ليس من السهل تطوير مشروع وأسلوب خاص. تأثر بشدة بعالم الجاز، وعكس ذلك برشاقة كبيرة في أغنيته التي تعكس شخصيته وظروفه الحياتية. وأكد نصير أن زياد كان يتمتع بشخصية متمردة، متمردة على كل شيء، لكنها كانت متمردة واعية. وتابع أن العالم العربي يشعر بقلق بالغ لرحيل زياد الرحباني، لأنهم كانوا يحترمونه موسيقيًا ومفكرًا وإنسانًا. كان منخرطًا بعمق في موسيقى الجاز، لكن دوره لم يقتصر على إرساء بنية موسيقية شبيهة بالجاز، بل شارك في العديد من الأغاني التي غنتها والدته فيروز أو أصوات عربية أخرى. كانت تجاربه مع كل فنان عمل معه وغنى أعماله، سواء على تسجيلاتهم أو على تسجيلاته الخاصة، فريدة ومبتكرة. إنه من الموسيقيين الفريدين والعظماء من طرازه، ليس فقط لأنه ابن عاصي، ابن فيروز، وعمه منصور الرحباني، بل لأنه استوعب مواهبهم جميعًا.

عمرو سليم: أعطى منصور وعاصي وإلياس أسلوباً موسيقياً مختلفاً.

قال الموسيقي عمرو سليم إن زياد الرحباني كان تقدميًا، وقدم لفيروز أعمالًا مختلفة عن أعمال فيروز قبل زياد. وقد استلهم زياد فكرة مزج الموسيقى الغربية الأصيلة المتأثرة بالجاز مع غناء فيروز. وأشار إلى أنه أعجب بالعديد من أغانيه، منها “البوسطة” و”وحدون” و”عندي ثقة فيك”. وأضاف عمرو سليم أن زياد قدم أسلوبًا مختلفًا عن منصور وعاصي وإلياس. لقد قدم شيئًا مميزًا. أعتقد أنه قدم العديد من الأعمال الجيدة التي تختلف تمامًا عن الرحبانية، وتتميز بلمسة غربية إلى حد ما. وأشار إلى أن البعض يراها رائعة، بينما يراها آخرون خروجًا عن مسار فيروز الأصلي أو نوعًا من التغيير. ومع ذلك، كان الموضوع الذي قدمه رائعًا، وقد نجح زياد بالتأكيد في الارتقاء بفيروز إلى مستوى آخر. وأوضح عمرو سليم أن زياد نشأ في بيئة موسيقية مثقفة، وكانت عائلته ذكية وتمثل مكانة وحاجة للموسيقى الشرقية. وجد نفسه في بيئة من شأنها أن تجعله متميزًا. علاوة على ذلك، أراد تقديم شيء مميز، ونجاحه مع فيروز أقنعه بذلك بالتأكيد.


شارك