خبراء إسرائيليون: استمرار الهجمات على غزة يزيد عزلة بلادنا دوليا

منذ 11 ساعات
خبراء إسرائيليون: استمرار الهجمات على غزة يزيد عزلة بلادنا دوليا

أكد عدد من الخبراء والدبلوماسيين الإسرائيليين أن العزلة الدولية التي تواجهها إسرائيل سوف تزداد سوءا طالما استمرت في هجماتها على قطاع غزة وسط تفاقم المأساة الإنسانية.

وقال خبراء إن استمرار هذه السياسة لن يضر بصورة إسرائيل في العالم فحسب، بل قد يعرض البلاد لعواقب دبلوماسية واقتصادية وأمنية غير مسبوقة.

*تزايد الانتقادات السياسية والاجتماعية لإسرائيل

أفاد مراسل وكالة الأناضول للأنباء، بأن الانتقادات السياسية والاجتماعية لإسرائيل تزايدت دوليا خلال الـ22 شهرا الماضية من التصعيد المستمر في قطاع غزة.

دفعت هذه الظروف بعض الدول الغربية إلى اتخاذ مواقف أكثر حزمًا. ولعل أبرزها اعتراف دول مثل إسبانيا والنرويج وأيرلندا وسلوفينيا بدولة فلسطين. كما أعلنت فرنسا عزمها على اتخاذ الخطوة نفسها قريبًا.

وردًا على هذه التحركات، سحبت إسرائيل سفرائها من العديد من هذه البلدان، وأغلقت سفارتها في أيرلندا، وهددت بسحب سفيرها من فرنسا.

لكن الخبراء يعتقدون أنه نظراً للتداعيات السياسية والدبلوماسية الكبيرة التي قد تترتب على الاعتراف بدولة فلسطين، فإن إسرائيل لن تكون قادرة على اتخاذ خطوات مماثلة تجاه دول مثل بريطانيا وكندا وأستراليا.

*صدمة كبيرة للمجتمع الإسرائيلي

وقال ألون ليل، القائم بالأعمال الإسرائيلي السابق في أنقرة ووزير الخارجية الأسبق، إن المجتمع الإسرائيلي يشعر بالقلق ليس فقط بشأن رد فعل حكومته، بل أيضاً بشأن التأثير الذي قد تخلفه هذه المواقف الدولية عليه في الداخل.

وأضاف أن اعتراف الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن مثل فرنسا وبريطانيا بفلسطين سيكون بمثابة صدمة شديدة للمجتمع الإسرائيلي وقد يؤدي إلى سعي فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة رغم إمكانية استخدام الولايات المتحدة للفيتو.

وأشار ليل إلى أن الدول الغربية تتجه للاعتراف بدولة فلسطين كبديل لفرض العقوبات على إسرائيل، وهو خيار محفوف بالمخاطر بالنسبة لها من الناحية الأمنية والاستخباراتية والاقتصادية.

وأعرب عن اعتقاده بأن هذه الاعترافات، حتى لو لم تغير شيئا على الأرض، من شأنها أن ترفع من معنويات الفلسطينيين وتمثل ضربة رمزية قوية للإسرائيليين.

وأكد أن السفر إلى الخارج أصبح صعبًا للغاية على الإسرائيليين بسبب ردود الفعل الغاضبة في العديد من دول العالم. وأشار أيضًا إلى أن شرائح من المجتمع الإسرائيلي بدأت تدرك تدريجيًا أن ما يحدث في قطاع غزة مرفوض دوليًا، وأن التكاليف المترتبة على ذلك بالنسبة لإسرائيل – سواء من حيث سمعتها أو اقتصادها أو علاقاتها الخارجية – أصبحت باهظة.

*تدهور غير مسبوق في صورة إسرائيل

يعتقد ناداف تامير، الدبلوماسي المتقاعد ومستشار الرئيس الإسرائيلي الراحل شمعون بيريز، أن إسرائيل، كلما واجهت ضغوطًا خارجية، تُكثّف عقوباتها على الفلسطينيين لإحباط أي جهود دولية لإقامة دولة فلسطينية. وأوضح أن المأساة المستمرة في قطاع غزة ألحقت ضررًا غير مسبوق بصورة إسرائيل وعمّقت عزلتها.

وقال تمير إن الذين تحدثوا عن كراهية العالم لإسرائيل يتجاهلون الحقيقة وهي أن المجتمع الدولي ليس ضد وجود إسرائيل، بل يرفض الاحتلال وسياساته.

وأضاف أن الاعتراضات التي تواجهها إسرائيل في الضفة الغربية لا تُقارن بالغضب الدولي إزاء ما يحدث في غزة. ومع ذلك، أشار إلى أن المظالم في المنطقتين هي السبب الرئيسي لتدهور سمعة إسرائيل في العالم.

اتهم تامر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باللامبالاة تجاه ردود الفعل الدولية طالما أنه يحظى بدعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وأشار في الوقت نفسه إلى أن هذا الارتباط يُضعف صورة إسرائيل، فترامب شخصية متقلبة ولا يُمثل إجماعًا دوليًا.

*دوافع ايديولوجية مجنونة

قال نائب رئيس جامعة تل أبيب، إيال زيسر، إن الحكومة الإسرائيلية الحالية تركز على البقاء السياسي وتتصرف بدوافع أيديولوجية، ووصف ذلك بـ”المجنون”.

وأوضح أن هذا التوجه يقوض المؤسسات الديمقراطية في إسرائيل، ويزيد من عزلة البلاد في المجتمع الدولي، ويضر بعلاقات البلاد مع الدول العربية والغربية على حد سواء.

يعتقد زيسر أن اعتراف فرنسا بفلسطين قد يشجع دولًا أخرى على اتخاذ الخطوة نفسها. ومع ذلك، استبعد حدوث تغييرات جوهرية على أرض الواقع، إذ لا تزال إسرائيل القوة المسيطرة والمحتلة. وحذّر من أن الهجمات المستمرة على غزة ستفاقم هذه العزلة، إذ تفتقر الحكومة الإسرائيلية إلى استراتيجية سياسية واضحة.

على الأرض، واصلت إسرائيل هجماتها على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وقد أسفر ذلك عن مقتل وإصابة أكثر من 203 آلاف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال. وهناك آلاف المفقودين، ومئات الآلاف المشردين، وأودت المجاعة بحياة أعداد أكبر بكثير. ويزداد هذا الأمر سوءًا في ظل استمرار دعم الولايات المتحدة وتجاهلها لأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء الحرب.

*تعميق العزلة الدولية لإسرائيل

أكد الخبراء الثلاثة أن تكرار مشاهد الأطفال الجوعى في غزة والإبادة الجماعية المستمرة يُعمّق عزلة إسرائيل ويزيد الضغط عليها. وأشار ليل إلى أن الهجمات الإسرائيلية على إيران منحت إسرائيل نفوذًا دبلوماسيًا مؤقتًا. ولكن مع توقف هذه الهجمات، عادت موجة الانتقادات والغضب الدوليين إلى الواجهة.

واختتم زيسر حديثه محذرًا من أن استمرار سياسات الحكومة الحالية المتطرفة قد يؤدي إلى موجة جديدة من ردود الفعل الدولية. وأشار إلى أن التدخل الإسرائيلي الأخير في سوريا لم يُحدث تأثيرًا يُذكر، بل على العكس، ساهم في زيادة الانتقادات، مما يعكس غياب القرارات الاستراتيجية الحكيمة في إدارة الصراع.


شارك