احتفاء مصري عالمي برفع دير أبو مينا من قائمة التراث المهدد بالخطر إلى التراث الدائم باليونسكو

مستشار الرئيس للتنمية المحلية: «التعاون البناء يعكس الإرادة الوطنية في الحفاظ على التراث المصري وكافة روافده».
رحّب المصريون بقرار رفع موقع دير أبو مينا الأثري في برج العرب بالإسكندرية من قائمة اليونسكو للتراث العالمي المهدد بالخطر، ومنحه حماية دائمة. وجاء هذا القرار بعد التأكد من استيفاء الموقع لمتطلبات الحفظ اللازمة. وقد قامت الدولة بهذا العمل بجهود مشتركة من جميع أجهزتها، بما في ذلك وزارة السياحة والآثار، ووزارة الري والزراعة والبيئة، ووزارة الخارجية، ومحافظة الإسكندرية، والهيئة الهندسية، واللجنة الوطنية لحماية التراث الثقافي والحفاظ عليه، والكنيسة المصرية.
أعرب اللواء خالد فودة مستشار رئيس الجمهورية للتنمية المحلية ورئيس اللجنة العليا لإدارة وحفظ مواقع التراث العالمي عن خالص امتنانه وتقديره لكافة أجهزة الدولة المشاركة في عملية إصدار هذا القرار.
كما شكر الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار الأسبق، متمنيًا له التوفيق في انتخابه مديرًا عامًا لليونسكو. وقد لعب العناني دورًا بارزًا خلال فترة توليه منصب وزير السياحة والآثار، حيث قاد الفريق الذي عمل على تحقيق هذا الإنجاز التاريخي. ويُعدّ هذا النجاح شهادةً على مكانة مصر، بمؤسساتها كافة، وجهودها الدولية والمحلية. وأعرب عن خالص امتنانه لكل من ساهم في هذا النجاح الباهر.
وأكد فودة أن هذا التعاون البناء يعكس الإرادة الوطنية في الحفاظ على التراث المصري بكافة أشكاله، ويمثل نموذجاً جيداً للجهود المتكاملة للحفاظ على الهوية الثقافية المصرية.
كما هنأه قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وأشاد بدوره وجهود الكنيسة في إنجاح هذا المشروع.
خلال اجتماعات الدورة الـ47 للجنة التراث العالمي التي عقدت في مقر اليونسكو بالعاصمة الفرنسية باريس، تم مناقشة تقرير مهمة الرصد التفاعلية المشتركة لمركز التراث العالمي والمجلس الدولي للآثار والمواقع التاريخية (إيكوموس) للعام 2025.
وأشار إلى التقدم الملحوظ الذي تم تحقيقه في أعمال الصيانة والترميم في موقع أبو مينا الأثري، وخاصة إنشاء نظام رصد ومراقبة فعال لضمان استقرار منسوب المياه الجوفية، والذي أثبت نجاحه من خلال القياسات المستمرة والمنتظمة.
عانت المنطقة المحيطة بأبو مينا من ارتفاع منسوب المياه الجوفية. أدى التوسع في استصلاح الأراضي واستخدام أساليب الري بالغمر حول الموقع إلى ارتفاع كبير في منسوب المياه الجوفية، مما أثر على الهياكل الأثرية. أدى ذلك إلى إدراج الموقع على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر عام ٢٠٠١. بدأت مصر مشروع إنقاذ موقع أبو مينا الأثري قبل حوالي ١٥ عامًا، وقد اكتمل المشروع الآن.
في هذه الأثناء، اختفت الأحواض المائية في المنطقة بشكل كامل بعد حفر نحو 100 بئر لجمع المياه الجوفية على عمق سبعة أمتار وضخها إلى المجاري المائية السفلية بالقرب من الموقع الأثري.
وأشاد تقرير بعثة الرصد التفاعلية المشتركة أيضًا بالجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة لتنفيذ التوصيات التي طلبتها جميع الجهات المعنية في هذا الصدد.
وأكد التقرير أن حالة الحفظ المطلوبة لإزالة الموقع من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر قد تم تحقيقها بشكل كامل.
قررت لجنة التراث العالمي رفع موقع أبو مينا من قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر، وهنأت مصر على هذا الإنجاز المهم الذي يعكس التزامها بحماية وحفظ تراثها الثقافي وفقاً للمعايير الدولية.
تُعد منطقة دير أبو مينا من أهم المواقع الأثرية ذات القيمة التاريخية والثقافية الاستثنائية. وكانت المحطة الثانية للحج المسيحي بعد القدس. ونظرًا لأهميتها الدينية والمعمارية، أُدرج الموقع على قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام ١٩٧٩.
بدأ مشروع خفض منسوب المياه الجوفية عام 2019 بقيادة الدكتور خالد العناني وزير الآثار الأسبق، بعد استكمال كافة الدراسات اللازمة لتحديد التصميم وطريقة التشغيل الأمثل لنظام خفض منسوب المياه الجوفية.
بدأت العمليات التجريبية في منتصف نوفمبر 2021 وافتتحها الدكتور خالد العناني في عام 2022. بالإضافة إلى ذلك، تم تنفيذ أعمال ترميم واسعة النطاق للعناصر المعمارية المتبقية للدير، وهي خطوة مهمة ساهمت بشكل مباشر في تلبية متطلبات إزالة الموقع من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر.
شُيّدت مدينة أبو مينا المسيحية القديمة على قبر الشهيد السكندري “مار مينا” الذي توفي عام ٢٩٦ ميلاديًا. وقد حافظت على كنيستها ومعموديتها وبازيليكها ومؤسساتها العامة وشوارعها وأديرتها ومنازلها وورشها، وتُعرف بأنها موقع أثري.
مع أن آثار المدينة لا تعكس هويتها وأهميتها التاريخية بشكل كامل، إلا أن هناك آثارًا لا تزال محفوظة جيدًا رغم تهديدات الانهيار السابقة، مثل ضريح القديس مينا والمعمودية. ويجري حاليًا وضع خطة للترويج السياحي لجذب الزوار.
يتم حالياً افتتاح منطقة أبو مينا السياحية والأثرية أمام الزوار، كما تم وضع علامات إرشادية جديدة للطرق المؤدية من الإسكندرية إلى الدير.
تعمل الجهات الحكومية على بناء بنية تحتية متينة لمجموعات السياحة الدينية القبطية. ويشمل ذلك الفنادق، ورصف الطرق وتوسيعها، وإنشاء مبانٍ خدمية.
ويعد دير مار مينا العجائبي المجاور للموقع الأثري التاريخي أحد الداعمين اللوجستيين للموقع، حيث تبلغ مساحة الموقع الأثري حوالي 1000 فدان.
تتكون المنطقة من بقايا الأسوار الخارجية، والبوابتين الشمالية والغربية، وعدة شوارع محاطة بصفوف من الأعمدة التي كانت تدعم الأسقف. كما تضم منازل وحمامات وأماكن استراحة لزوار المنطقة. كشفت الحفريات عن مبانٍ شكلت المجمع المعماري الضخم في أبو مينا، وهي البازيليكا الكبرى، والكنيسة الجنائزية، والمعمودية، وبيوت الضيافة، والحمام المزدوج (بازيليكا الحمامات)، والحمام الشمالي، والبازيليكا الشمالية، والكنيسة الشرقية، والكنيسة الغربية.
ويمثل موقع أبو مينا، الذي أضيف إلى سجل الآثار المصرية في عام 1956 وإلى سجل الآثار العالمي لليونسكو في عام 1979، نموذجاً فريداً من الفترة التي كانت فيها الإسكندرية عاصمة مصر ومركزاً للعلوم والفنون.