القائم بالأعمال الإيراني محمد حسين سلطانى لـ«الشروق»: لا قضايا خلافية بين مصر وإيران.. ولدينا إرادة سياسية لعودة العلاقات

منذ 4 ساعات
القائم بالأعمال الإيراني محمد حسين سلطانى لـ«الشروق»: لا قضايا خلافية بين مصر وإيران.. ولدينا إرادة سياسية لعودة العلاقات

نحن ندعم الموقف المصري بشأن الأمن في البحر الأحمر وأرسلنا رسائل للحوثيين بهذا الشأن. لقد قصفنا أهدافا إسرائيلية حساسة بصواريخ لا يمكن إيقافها. تسببت الهجمات الأمريكية في خسائر فادحة في مفاعل فوردو. برنامجنا النووي لا يقتصر على المنشآت فحسب. أبلغنا قطر بالهجوم على القاعدة الأميركية في العديد لمنع أي ضرر لمواطنيها. نحن مستعدون لتزويد مصر بالنفط اللازم والتعاون مع أنظمة الدفع في قطاع الغاز. وفي حال عودة العلاقات، فمن المتوقع أن يزور مصر مليون سائح إيراني سنويا.

تشير تقارير عن لقاءات ومحادثات بين ممثلي البلدين على المستويين الرئاسي والوزاري إلى عودة العلاقات بين مصر وإيران إلى مسارها الطبيعي بعد سنوات من التوتر. يثير هذا التقارب اللافت تساؤلات حول إمكانية استعادة العلاقات بشكل كامل بين البلدين، كما يثير تساؤلات حول القضايا العالقة التي يجب حلّها قبل اتخاذ هذه الخطوة. في هذا السياق، أجرت الشروق مقابلة مع القائم بالأعمال الإيراني في مصر، محمد حسين سلطاني، لمعرفة المزيد عن تفاصيل الاتصالات ومجالات التعاون المخطط لها بين البلدين. فهل ستصل العلاقات الدبلوماسية إلى هذا المستوى يومًا ما؟ وفي المقابلة، ناقش سلطاني أيضًا بعض التفاصيل حول مصير البرنامج النووي الإيراني والحرب التي شنتها إسرائيل مؤخرًا ضد طهران والتي استمرت اثني عشر يومًا.

عن نص الحوار:

● أين وصلت العلاقات المصرية الإيرانية في الوقت الراهن؟

على مدى السنوات الثلاث الماضية، وخاصةً في عهد الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته الراحل أمير عبد اللهيان، ركزت الحكومة الإيرانية ووزارة الخارجية على تطوير العلاقات مع مصر. وقد عُقدت العديد من المحادثات والمفاوضات بين البلدين، بالإضافة إلى اجتماعات على المستوى الرئاسي. وقد حُلّت جميع القضايا العالقة بينهما، ولا توجد حاليًا أي نقاط خلاف. ونحن عازمون سياسيًا ومستعدون لتحسين العلاقات عندما يحين الوقت المناسب لمصر.

● إذا تم حل جميع القضايا العالقة، فلماذا لم يتم تطبيع العلاقات حتى الآن؟

لا يوجد حاليًا ما يمنع إيران من تطبيع العلاقات. وقد أكدنا في اجتماعين على مستوى الرئاسة أن طهران لا تواجه أي عقبات أمام تطوير العلاقات. أما مصر، فهي الأقدر على تحديد الظروف المناسبة. وقد أكدنا استعدادنا عندما يحين الوقت المناسب لمصر.

● ما هي التعليقات التي وردت من مصر غير تغيير اسم الشارع الذي اغتيل فيه الرئيس الراحل أنور السادات؟

لم يكن اسم الشارع نقطة الخلاف الرئيسية، بل كان ولا يزال مرتبطًا بالظروف السياسية والتوقيت والواقع في المنطقة. شاركتُ في اجتماعين مع الرئيس المصري خلال زيارة وزير خارجيتنا، السيد عباس عراقجي، وكان هناك اتجاه إيجابي نحو تطوير العلاقات بين البلدين.

● هل هناك زيارات مرتقبة لمسؤولين مصريين إلى طهران حاليا؟

ونحن ننتظر زيارة وزير الخارجية المصري إلى طهران، كما تم التخطيط لزيارة لاحقة للسيد عباس عراقجي إلى القاهرة.

كشفت زيارة وزير الخارجية الإيراني الأخيرة للقاهرة عن تفاصيل مثيرة للاهتمام. هل وصلتكم أي أخبار بهذا الشأن؟

نظراً لموقعهما ونفوذهما في المنطقة، كان البلدان بحاجة إلى مزيد من التنسيق. تتشارك القاهرة وطهران حالياً في العديد من الاهتمامات والمواقف المشتركة، لا سيما منع التصعيد في المنطقة، إذ يوجد اتفاق على هذه النقطة. كانت إيران جادة بشأن المفاوضات النووية، وكانت نوايانا حسنة. عُقد اجتماع بين وزير خارجيتنا، بدر عبد العاطي، ووزير الخارجية العماني في أوسلو، حيث اتفقا على جدول أعمال المفاوضات والمشاورات. كان الجميع ينتظر الجولة السادسة من المفاوضات في العاصمة العمانية مسقط، لكن الحرب فاجأتنا.

● كيف تنظر إيران إلى موقف مصر خلال الحرب الأخيرة ضد إسرائيل؟

كان الموقف المصري إيجابيًا وداعمًا، كما يتضح من التصريحات الرسمية الصادرة عن وزارة الخارجية، والمحادثات الهاتفية بين المسؤولين، وبيان فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، الذي نُشر لأول مرة باللغتين العربية والفارسية. وقد تجلّى دعم سماحته في رسالة مهمة للعالم الإسلامي.

يُعدّ أمن البحر الأحمر، لارتباطه بقناة السويس، أكبر مخاوف مصر حاليًا. في الوقت نفسه، تُحافظ إيران على علاقات وثيقة مع الحوثيين في اليمن. فهل حاولت طهران تبديد هذه المخاوف؟

طُرِحَت هذه المسألة في جميع لقاءاتنا مع مصر، وأكدت إيران دعمها الكامل للموقف المصري. كما وجّهت رسائل إلى الحوثيين في هذا الشأن، مؤكدين لنا أن الهجوم سيستهدف السفن الإسرائيلية فقط، وأنه مرتبط بحرب غزة. وقالوا إنهم سيُنهون الحرب فور انتهائها.

● ما هو وضع التعاون الاقتصادي المشترك بين مصر وإيران في حال تطبيع العلاقات؟

هناك مشاريع كثيرة تنتظر هذه الخطوة. لقد أعددتُ ملفًا كاملًا بقائمة المشاريع الرئيسية ومجالات التعاون المحتملة بين البلدين، وأرسلته إلى وزارة الخارجية. جميع المشاريع تقريبًا مُنجزة، وقد أكدنا لأشقائنا في مصر جاهزيتنا بالاستثمارات والمشاريع والتبادل السياحي.

● هل هناك تقديرات لعدد السياح الإيرانيين المتوقع تدفقهم إلى مصر بعد إزالة العقبات؟

أولاً، لا بدّ من توضيح أن السبب الرئيسي لتدفق السياح الإيرانيين إلى مصر ليس وجود مراقد أهل البيت عليهم السلام في مصر، مع أن هذا يُعدّ بلا شك من مزايا السياحة المصرية، بل هو بالنسبة للسياح الإيرانيين السياحة الثقافية والحضارة الفرعونية. وفيما يتعلق بعدد السياح المحتملين، أشار وزير الآثار الإيراني خلال زيارته الأخيرة لمصر إلى أننا مستعدون لإرسال مليون سائح إيراني إلى مصر سنويا.

● هل هناك محادثات مصرية إيرانية بشأن التعاون في قطاع النفط؟

– بالطبع، نعم، وهذا ليس بجديد. خلال زيارة وزير النفط الإيراني قبل نحو عام ونصف لحضور اجتماع للدول المصدرة للغاز، أبلغنا مصر أن إيران مستعدة دائمًا لتزويد مصر بالنفط والمشاركة في مشاريع الغاز إذا رغبت مصر في ذلك.

● هل يمكن أن تشكل العقوبات الأميركية المفروضة عليكم عائقاً أمام التعاون في قطاع النفط والغاز؟

– لا، وكان وزير البترول المصري قد اقترح في وقت سابق أن يتم التعاون على أساس التبادل أو المقايضة، مع إمكانية حصول إيران على مقابل مقابل النفط الذي تورده القاهرة، وهو البضائع التي نحتاجها من مصر.

● هل أدت حرب إسرائيل الأخيرة ضدكم إلى تغيير عقيدة إيران لإعادة النظر في فتوى المرشد الأعلى علي خامنئي ضد امتلاك الأسلحة النووية؟

نعتقد أن هذا مشروعٌ خطير. كانت إيران ومصر من أوائل الدول التي أكدت على ضرورة إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، وخاصةً الأسلحة النووية، والآن تعمل مصر وإيران على إحياء هذا المشروع. إضافةً إلى فتوى الإمام الخامنئي، فإننا نحترم جيراننا المسلمين والعرب ونخشى عليهم، إذ إن امتلاك الأسلحة النووية لا يصب في مصلحة إخواننا وجيراننا. نحن لا ننوي امتلاك أسلحة نووية، وقناعتنا راسخة في هذا الشأن.

خلال الحرب الأخيرة، قيل إن إسرائيل أخفت إلى حد كبير أهداف الصواريخ الإيرانية والخسائر الناجمة عنها. هل هناك أي تقديرات ملموسة لعواقب الهجمات على الأراضي المحتلة؟

منذ بداية الحرب الصهيونية علينا، قلنا: “العين بالعين، والسن بالسن”. هاجموا مراكز عسكرية، فهاجمنا مراكز عسكرية مماثلة. هاجموا مراكز أبحاث، فهاجمنا مركز وايزمان. هاجموا مراكز استخبارات، فهاجمنا مراكز استخبارات. وأود أن أؤكد أننا هاجمنا أهدافاً حساسة في إسرائيل بأنواع من الصواريخ التي لا يمكن اعتراضها، وقد حققت جميعها أهدافها.

● هل كان مفاعل ديمونا في صحراء النقب من بين الأهداف التي هاجمتها إيران؟

لقد أرسلنا رسالةً بهجومنا على منطقة قريبة لنقول إننا نستطيع الوصول إليها. إلا أننا أخذنا في الاعتبار عاملًا آخر منعنا من مهاجمتها: وجود إخواننا الفلسطينيين بالقرب، وكذلك مصر، ولن نؤذي إخواننا وأصدقائنا. في نهاية المطاف فإن مساحة الكيان الصهيوني لا تزيد عن مساحة مقاطعة إيرانية واحدة، ولو لم تتدخل أميركا في الحرب لكنا دمرنا إسرائيل كلها.

لا تزال عواقب الهجوم الأمريكي على مفاعل فوردو الإيراني تشغل العالم، وتُثير جدلاً حاداً. فما هي الحقيقة برأيك؟ هل توقف البرنامج النووي الإيراني؟

البرنامج النووي الإيراني ليس منشأةً، بل هو علمٌ وتكنولوجيا، ويمكننا دائمًا تطوير هذه التكنولوجيا لأنها تكنولوجيا محلية. صحيحٌ أن خسائرَ جسيمة قد تكبدناها، لكن هذا لا يُهمنا. ما يهم الآن هو أن أمريكا وإسرائيل تنتهكان القواعد والقوانين والأعراف الدولية. لم يحدث قط في العالم أو في التاريخ أن جلسنا للتفاوض ثم فوجئنا بأمرٍ آخر. لكن المؤكد أن إيران ستخرج من هذه الحرب أقوى من ذي قبل. ونحن الآن نتعاون ونتشاور مع الدول العربية والإسلامية. كما فتحنا صفحة جديدة في تحسين وتطوير وتنسيق علاقاتنا مع دول المنطقة، وخاصةً مجلس التعاون الخليجي. الظروف في المنطقة متغيرة.

لطالما استخدمت الولايات المتحدة وإسرائيل إيران كتهديد لدول المنطقة، وخاصةً دول الخليج. إلى أي مدى ساهمت سياسة حسن الجوار التي أعلنتها إيران مؤخرًا في تحقيق تقدم؟

ليس لإيران أي نوايا أو أهداف فيما يتعلق بأراضي الدول المجاورة والمنطقة، وخاصة الخليج.

• ما هو وضع المفاوضات مع الحكومة الأميركية بشأن البرنامج النووي وما هي الشروط التي تضعها طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات؟

تفاوضنا مع أمريكا والدول الأوروبية قرابة ثلاثة عشر عامًا حتى تم توقيع اتفاق نووي بين أمريكا وخمس دول أخرى في مجلس الأمن. ثم جاء أحدهم وقال: “سأنسحب من الاتفاق كما انسحب فرعون”. كيف لنا أن نطمئن في وجه هذا الشخص؟ من يضمن لإيران التزامها بالاتفاق الذي تم التوصل إليه؟ وقلنا إنه يجب البحث عن ضمانات بأن أميركا لن تنسحب مرة أخرى من الاتفاق الذي تم التوصل إليه ولن تهاجم إيران مرة أخرى.

● هل النزاع الإيراني الحالي هو نزاع مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أم مع مديرها غروسي؟

خلافنا الأكبر يتعلق بالمنظمة ومبادئها. نتساءل عن التناقض الذي تعمل به الوكالة. لماذا لا تكون المنظمة الصهيونية عضوًا فيها، ولماذا لا تطلب الوكالة تفتيش منشآتها، بينما تُجرى 22% من عمليات التفتيش العالمية في إيران وحدها؟ هل هذا معقول؟

● هل من الممكن أن تقبل إيران بنقل اليورانيوم المخصب إلى طرف آخر في إطار اتفاق دولي شامل؟

كل شيء ممكن في إطار المفاوضات. نؤكد باستمرار سلامة برنامجنا النووي، وحاجتنا إلى اليورانيوم المخصب للأغراض الطبية وتوليد الكهرباء. في نهاية المطاف، نتصرف بمسؤولية، ونؤكد أن أمن المنطقة هو أمننا أيضًا.

أثار هجوم إيران على قاعدة العديد الجوية في قطر غضبًا في العالم العربي. لماذا حدث هذا؟

– قاعدة العديد قاعدة أمريكية بحتة ولا يوجد فيها جندي قطري واحد.

● هل تم التنسيق مع قطر قبل الهجوم على قاعدة العديد؟

وبطبيعة الحال، كان لزاماً على الحكومة القطرية أن تعلم بهذا الأمر حتى تتمكن من اتخاذ التدابير اللازمة لمنع إلحاق الضرر بمواطنيها.


شارك