وزارة العدل الفلسطينية تطلق قاعدة بيانات للإبلاغ عن المفقودين جراء العدوان على قطاع غزة

أعلنت وزارة العدل الفلسطينية، اليوم الأربعاء، عن إنشاء قاعدة بيانات لتسجيل المفقودين نتيجة حرب الإبادة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
جاء ذلك خلال مؤتمر وطني بعنوان “نحو استراتيجية وطنية وقضائية شاملة للتعامل مع المفقودين في حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة”، عُقد في مقر الهلال الأحمر بالبيرة. ونظم المؤتمرَ جمعيةُ استقلال المحاماة والقضاء وسيادة القانون (استقلال)، بالتعاون مع وزارة العدل واللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني.
وسلط المؤتمر الضوء على الثغرات القانونية والعملية التي تعيق الوصول إلى العدالة في قضية الأشخاص المفقودين في قطاع غزة.
قال وزير العدل شرحبيل الزعيم إن مشكلة المفقودين جراء حرب الإبادة في قطاع غزة ليست مأساة إنسانية فحسب، بل هي مشكلة قانونية وحقوقية بامتياز، وتتطلب استجابة عاجلة وشاملة تستند إلى القواعد القانونية والقانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقيات جنيف التي تلزم الدول الأطراف باتخاذ كافة التدابير اللازمة للكشف عن مصير الأشخاص المفقودين في النزاع المسلح وضمان حق أسرهم في الحصول على المعلومات.
وأضاف أن العدوان الغاشم غير المسبوق في عنفه وتدميره خلف مئات الآلاف من القتلى والجرحى والسجناء والجوعى والمرضى والنازحين والمفقودين وألقى بظلال ثقيلة على المنظومة القضائية والقانونية ما أدى إلى انهيار القدرات المؤسسية لتوضيح مصير المفقودين.
وأشار إلى أن حالات الاختفاء القسري تُشكل انتهاكًا مزدوجًا، إذ لا تقتصر على انتهاك حقوق الشخص المختفي فحسب، بل تُسبب أيضًا معاناةً طويلة الأمد لأسرته، وهو ما يُمثل معاملةً لاإنسانيةً محظورةً بموجب القانون الدولي. وأشار إلى أن حالات الاختفاء القسري وفقدان الأشخاص في النزاعات المسلحة (حروب الإبادة) تُشكل انتهاكًا جسيمًا للقانون الإنساني الدولي، الذي يُولي اهتمامًا خاصًا لحماية المدنيين وحقوق أسر المفقودين.
أكد الرئيس أن اتفاقية جنيف الرابعة لعام ١٩٤٩ وبروتوكولها الأول لعام ١٩٧٧ يُلزمان أطراف النزاع باتخاذ جميع التدابير الممكنة لمعرفة مصير المفقودين وإبلاغ عائلاتهم. وينص البروتوكول الأول على ضرورة احترام حق العائلات في معرفة مصير أحبائها. كما تُلزم الدول بإنشاء مراكز للإبلاغ عن المفقودين وتنسيق جمع المعلومات وتبادلها.
وأكد أن “ملف المفقودين يقع في صميم أولوياتنا الوطنية، وأن معالجته تتطلب تكامل العمليات القانونية والتشريعية والمؤسسية، وضمان المراجعة الشاملة للتشريعات ذات الصلة، واعتماد بروتوكولات موحدة للتوثيق والتحقيق والإفصاح، ودعم الطب الشرعي وحفظ الأدلة”.
أكد ماجد العاروري، المدير التنفيذي لحزب الاستقلال، على ضرورة اتخاذ إجراءات مؤسسية وقانونية لمتابعة قضايا المفقودين جراء الإبادة الجماعية. وشدد على أهمية إنشاء لجنة وطنية دائمة وقاعدة بيانات حكومية مركزية للمفقودين.
وأشار إلى أن الأسباب الرئيسية لتنظيم هذا المؤتمر هي وجود آلاف المفقودين منذ بدء حرب الإبادة في قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وعدم وجود استراتيجية قانونية وإدارية فلسطينية لمعالجة مشكلة المفقودين وحقوق ذويهم، فضلاً عن التفاوت بين الأطر القانونية (بين قانون الأسرة لعام 1954 ومشروع قانون الأحوال الشخصية لعام 2025) وعدم قدرتها على الاستجابة للوضع الكارثي.
وذكر أن التقديرات تشير إلى أن أكثر من 11,200 شخص في عداد المفقودين، من بينهم 4,700 طفل وامرأة. وأضاف أنه لا يوجد إحصاء رسمي دقيق بسبب إتلاف السجلات، ومحدودية الوصول إلى المعلومات، وانعدام الشفافية من جانب إسرائيل بشأن عدد الأسرى والجثث المحتجزة.
أشاد العاروري بتعاون وزارة العدل واهتمامها، وبالسرعة التي استجابت بها لمقترح حزب الاستقلال بإنشاء بوابة إلكترونية لسجل جنائي رسمي ومعترف به، تُمكّن من إصدار شهادات المفقودين. وتُعد هذه خطوة مهمة قابلة للتطوير مع إنشاء اللجنة الوطنية للمفقودين.
تحدث أمجد الشوا، من شبكة المنظمات غير الحكومية في غزة، عبر تطبيق زووم، إلى جانب أجيث سونغاي، المفوض السامي لحقوق الإنسان في فلسطين. كما عُرض خلال المؤتمر تقرير وشهادات حول معاناة عائلات المفقودين في قطاع غزة. وقدم عبد القادر صابر جرادة، المؤلف الرئيسي للدراسة، تقرير “حقوق المفقودين وعائلاتهم – نحو استراتيجية عدالة وطنية شاملة للتعامل مع المفقودين في حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة”.
تضمن المؤتمر الوطني كلمات رئيسية وتعليقات لكل من يوسف عبد الصمد، المستشار القانوني بوزارة العدل؛ وماهر خضر، ممثل مجلس القضاء الشرعي؛ ورامز جمهور، ممثل مجلس القضاء الأعلى؛ ورائد طه، ممثل الإدارة القضائية لقوى الأمن؛ وأنس الكسواني، ممثل نقابة المحامين. وأُجريت مقابلات إضافية عبر تطبيق زووم من قِبل زينب الغنيمي، ممثلة مركز الأبحاث والاستشارات القانونية في قطاع غزة؛ وبكر التركماني من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في قطاع غزة.
أطلق وكيل وزارة العدل، أحمد الدبالة، قاعدة بيانات على موقع الوزارة الإلكتروني لتسجيل المفقودين في قطاع غزة. وستكون القاعدة متاحة خلال الأيام المقبلة، بما يتوافق مع التزامات دولة فلسطين بموجب القانون الدولي الإنساني.
11111