الاستيطان في فلسطين.. كيف تحوّل حلم موشيه زار إلى كابوس ابتلع الأرض وحاصر السكان؟

منذ 8 ساعات
الاستيطان في فلسطين.. كيف تحوّل حلم موشيه زار إلى كابوس ابتلع الأرض وحاصر السكان؟

ومع وفاة موشيه زار، عاد الحديث مرة أخرى عن إحدى أخطر أدوات الاحتلال الإسرائيلي: المستوطنات. لقد أدت سياسة التوسع الاستيطاني إلى ابتلاع الأرض الفلسطينية تدريجيا وتحويلها إلى جيوب محاصرة تجعل الحياة مستحيلة.

 

وفاة موشي زار، وجه حركة الاستيطان المتطرفة.

توفي المستوطن المتطرف موشيه زار عن عمر ناهز 88 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا من التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية. كان من أبرز الفاعلين في تحويل مشروع الاستيطان الإسرائيلي إلى واقع يومي، مُبتلعًا الأراضي الفلسطينية تحت ستار القانون والدولة.

بدأت رحلته في القدس، حيث وُلد عام ١٩٣٧. فقد إحدى عينيه خلال عدوان الدول الثلاث على مصر عام ١٩٥٦، وشارك في حرب ١٩٧٣. تفرغ لاحقًا للعمل الاستيطاني، وارتبط اسمه بمحاولة اغتيال رئيس بلدية نابلس، بسام الشكعة، عام ١٩٨٠.

اشتهر زار بعبارته العنصرية: “لقد بنيت بيتًا، وكان الأمر كما لو أنني قتلت عشرة آلاف فلسطيني”، مما جعله رمزًا لسرقة الأراضي والتوسع الاستيطاني بين الفلسطينيين.

ما هي المستوطنات؟ أدوات الاستعمار على الأرض الفلسطينية.

وبحسب معهد دراسات فلسطين، فإن المستوطنات هي تجمعات سكنية أنشأتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

تعود الفكرة إلى المشروع الصهيوني، لكنها تصاعدت بعد احتلال عام 1967 بهدف تغيير الواقع الديمغرافي ومنع قيام الدولة الفلسطينية.

الوسائل الأكثر شهرة لإنشاء المستوطنات:

مصادرة الأراضي بحجة “أملاك الغائبين” عمليات الشراء من خلال وسطاء مشبوهين. مصادرة بذرائع أمنية الدعم الحكومي المباشر، سواء المالي أو القانوني.

وتعتبر المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

جمعيات الاستيطان… قطاع العقارات الإسرائيلي

وقد لعبت جمعيات مثل “عطيرت كوهانيم” و”عطارة ليوشنا” دوراً حاسماً في توسيع المستوطنات من خلال تحديد قطع الأراضي اليهودية التي يعود تاريخها إلى ما قبل عام 1948 في قلب الأحياء الفلسطينية مثل طريق الواد وحارة السعدية.

وتلقت هذه الجمعيات الدعم من الوزارات الإسرائيلية واستخدمت المعاهد الدينية وميزانيات الدولة لتمويل مصادرة ممتلكاتها.

كما استخدمت وسائل ضغط عديدة ضد الشعب الفلسطيني:

حوافز مالية ضخمة لإخلاء العقارات. الإهمال المتعمد في الصيانة. تغيير مداخل المباني لعزل السكان.

مراحل تطوير المستوطنات: خطة طويلة المدى

لقد مر مشروع الاستيطان بثلاث مراحل رئيسية:

1. مرحلة السيطرة القانونية والرمزية (بعد عام 1967)

ضم القدس الشرقية. تطبيق قوانين مصادرة الأراضي.

2. مرحلة الاستقرار المكثف (ثمانينيات القرن العشرين)

تصعيد البناء الاستيطاني. تسهيل التمويل الحكومي. ظهور شخصيات مثل موسى زار.

3. مرحلة التوسع الاستراتيجي (منذ التسعينيات)

محاطة بالقدس الشرقية بحزام استيطاني. إنشاء الطرق الالتفافية.

إنشاء بؤر استيطانية حول التجمعات السكنية الفلسطينية.

تأثير الاستيطان على الفلسطينيين: الخنق الجغرافي وتقليص سبل العيش.

وكان لتوسيع المستوطنات عواقب مدمرة على الفلسطينيين:

تقسيم الضفة الغربية إلى كانتونات معزولة. مصادرة الأراضي الزراعية والموارد الطبيعية. نزوح السكان ونقاط التفتيش العسكرية. الحصار الديمغرافي للمجتمعات الفلسطينية.

وتؤدي هذه الإجراءات إلى تحويل الحياة اليومية للفلسطينيين إلى صراع دائم وسط اعتداءات المستوطنين وأسلحتهم، وبدعم كامل من القانون الإسرائيلي.

الاستيطان مستمر… ضم فعلي تحت غطاء الحكومة.

ورغم الإدانات الدولية، تواصل المستوطنات التوسع بوتيرة غير مسبوقة. وبحسب تقرير القناة 12 الذي نشر في الرابع من يوليو/تموز:

في عهد حكومة بنيامين نتنياهو الحالية، ارتفع عدد البؤر الاستيطانية بنسبة 40%.

وتم الإعلان عن بناء 50 مستوطنة جديدة على أربع مراحل.

تصاعد اعتداءات المستوطنين وتدمير منازل الفلسطينيين.

وتنظر الأمم المتحدة إلى الأحداث الجارية باعتبارها “تسريعاً للضم الفعلي” وتحذر من أن المزيد من التوسع الاستيطاني من شأنه أن يقوض حل الدولتين بشكل كامل ويؤسس لواقع استعماري دائم على الأرض الفلسطينية.

بوفاة موشيه زار، انتهت حياة أحد أبرز رموز الاستيطان. إلا أن مشروعه لم ينتهِ، بل ما زال يتقدم بدعم مؤسسي ورسمي، في وضع لا يهدد الفلسطينيين فحسب، بل يُقوّض آفاق السلام، ويفرض واقعًا استعماريًا يزداد ترسخًا مع كل دونم يُحتل.


شارك