استياء دولي واسع وتساؤلات قانونية حول مدينة كاتس الإنسانية في غزة

وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية “معا” أن خطة إسرائيل “الشريرة” لبناء ما يسمى “مدينة إنسانية” على أنقاض مدينة رفح المدمرة بالكامل في جنوب قطاع غزة تثير جدلا واسع النطاق في الشرق الأوسط.
وقد قوبلت الخطة، التي أعلن عنها وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس في وقت سابق من هذا الأسبوع، بمعارضة دولية وأثارت أسئلة عملية وقانونية معقدة.
* ما يسمى بـ “المدينة الإنسانية”
قال كاتس إنه سيتم بناء “مدينة إنسانية” لإيواء مئات الآلاف من الفلسطينيين. وذكرت وكالة أسوشيتد برس أن العملية ستبدأ بنقل 600 ألف فلسطيني من مجمع المواصي الإنساني. والهدف هو نقل جميع سكان غزة إلى هناك.
صرّح كاتس بأنه لن يُسمح لأي شخص يدخل المدينة بمغادرتها. وبحسب كاتس، سيتمكن الجيش الإسرائيلي من بناء المدينة الإنسانية خلال فترة وقف إطلاق النار التي تستمر 60 يومًا مع حماس.
في هذه الأثناء، تخطط إسرائيل لاستخدام المدينة الإنسانية لتشجيع سكان غزة على الهجرة من قطاع غزة.
ستُبنى المدينة على أنقاض رفح، التي دُمرت مبانيها بالكامل تقريبًا. وستقع بين محوري فيلادلفيا وموراج، وكلاهما تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، مما يسمح لإسرائيل بالسيطرة العملياتية. وستضم المدينة نفسها عددًا كبيرًا من الخيام والمباني الدائمة، وستُبنى فيها البنية التحتية.
ستركز إسرائيل الجزء الأكبر من المساعدات الإنسانية التي يتم نقلها جواً إلى قطاع غزة على مدينة غزة، بهدف إدخال سكان غزة إلى المنطقة.
* السخط الدولي
وتفاعل العالم بسرعة مع الخطة الإسرائيلية الجديدة، حيث أعربت عدة دول كبرى عن انزعاجها.
أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي معارضة بريطانيا للمبادرة. وقال: “فوجئتُ بتصريحات كاتس. إنها تتناقض مع توجهنا واقترابنا من وقف إطلاق النار”. وأضاف أنه لا يعتبر الخطة “جدية” في سياقها الإنساني.
وأعلنت قطر أيضا رفضها للخطة هذا الأسبوع، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية القطرية: “لقد أوضحنا أننا ضد طرد الفلسطينيين أو نقلهم خارج بلادهم”.
أوضح مسؤول إماراتي رفيع المستوى رفضه لأي محاولة لطرد الفلسطينيين. كما أدانت حماس الخطة.
* القضايا القانونية الحساسة
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن الخطة الجديدة، بالإضافة إلى الصعوبات العملية والضغوط الدبلوماسية، تثير أيضا قضايا قانونية حساسة وقد تتعارض مع القانون الدولي.
وتكمن الصعوبات القانونية في عدة جوانب من الخطة، بدءاً من نقل السكان إلى المدينة، إلى حظر مغادرة المدينة، إلى تشجيع الهجرة من غزة.
قال البروفيسور يوفال شاني، رئيس قسم القانون الدولي في الجامعة العبرية: “هذه الخطة غير قانونية بوضوح بموجب القانون الدولي. تكمن المشكلة أساسًا في التهجير القسري للسكان داخل منطقة حرب خالية جزئيًا من نظام الاحتلال. وهذا محظور قانونًا بشكل أساسي، إلا في حالات استثنائية محددة للغاية، مثل الضرورة التشغيلية العاجلة”.
أكد شاني أن “تشجيع” سكان غزة على الانتقال إلى المدينة بعد ضخ المساعدات الإنسانية إليها يُعد إكراهًا بموجب القانون الدولي. وأضاف أن النزوح المتكرر لسكان غزة من مكان إلى آخر خلال الحرب يُعقّد الوضع القانوني.
وأشار إلى أن النقطة الثانية التي أثارت صعوبات قانونية هي حظر السفر الذي ذكره كاتس.
حتى لو كانت هناك إمكانية لإجلاء السكان أثناء القتال، يجب أن يكون الإجلاء مؤقتًا وأن يتيح إمكانية العودة. إن منع خطة التهريب من المدينة غير قانوني. لا يجوز احتجاز الناس؛ فهذا انتهاك للقانون الدولي، كما قال شاني.
وأشار إلى أن تشجيع السكان الفلسطينيين على الهجرة من غزة يُمثل إشكالية من منظور القانون الدولي، وقال شاني: “لا يجوز إجبار الناس أو تشجيعهم بشكل نشط على مغادرة البلاد. إن خلق حوافز إيجابية للهجرة يُمثل إشكالية بالغة، بينما تُشكل الحوافز السلبية إكراهًا غير قانوني”.
حذّر شاني من العواقب المحتملة لتنفيذ الخطة. وقال إن بعض جوانبها تندرج ضمن القانون الجنائي الدولي، ويمكن اعتبارها جرائم حرب. وأضاف: “قد يُنشئ هذا جبهة قانونية جديدة لإسرائيل”.