من رمسيس إلى جوجل.. كيف تعبر بياناتك العالم كي تتصفح الإنترنت؟

منذ 6 ساعات

في يوم الاثنين، 7 يوليو، شهد سنترال رمسيس أسوأ حريق منذ إنشائه عام 1927. اندلع حريق هائل في الطابق السابع، ثم امتد إلى الطوابق الأخرى من المبنى المكون من عشرة طوابق. أرسل الدفاع المدني العشرات من سيارات الإطفاء، واستمرت جهود السيطرة على الحريق قرابة 24 ساعة.

– توقف مركز حيوي

لم يكن الحريق مجرد حادث في مبنى إداري، بل مثّل أزمة وطنية، إذ تُعدّ بورصة رمسيس المركز الرئيسي لخدمات الاتصالات والإنترنت في مصر. فهي بمثابة بوابة للاتصالات الهاتفية الأرضية والإنترنت، وتربط شبكات الهاتف المحمول الثلاث عبر شبكة تحويل داخلية، تستخدمها البورصة كمركز عمليات مشترك.

انقطاعات الشبكة: الهاتف المحمول والخط الأرضي…انقطاعات الاتصال

رغم أن شبكات الهاتف المحمول توفر خدمات الإنترنت اللاسلكي، إلا أن بنيتها التحتية لا تزال متصلة بشبكة مقر شركة رمسيس. وقد أدى الحريق إلى تعطل هذه الشبكة، مما أدى إلى ضعف أو انقطاع الاتصالات في العديد من المناطق.

– إيقاف المكالمات والخطوط الأرضية

يُعدّ السنترال مركزًا رئيسيًا لاتصالات الخطوط الأرضية بين القاهرة والمحافظات. ووفقًا لتقديرات غير رسمية، يمرّ عبره 40% من إجمالي المكالمات. وقد تسبب الحريق في انقطاع خدمات الطوارئ وشبكة الإنترنت الأرضية في أجزاء كبيرة من القاهرة والمناطق المحيطة بها.

– تأثير واسع النطاق على البنوك والحكومة…اضطرابات في الخدمات المالية والرقمية.

تتجاوز أهمية لوحة التوزيع الاتصالات الشخصية، فهي تضم شبكات الاتصال الداخلية بين المؤسسات الحكومية، بما فيها الوزارات والبنوك. وتمر عبرها جميع الخدمات التي تتطلب نقل البيانات، من تحويل الأموال إلى المكالمات إلى الأنظمة الإلكترونية. ونتيجةً لذلك، تعطلت معاملات الدفع الإلكتروني، وتأثرت البطاقات المصرفية، وتعرضت بعض البنوك والهيئات الحكومية لتوقف رقمي. كما تعطلت حركة البورصة والطيران جزئيًا.

من الجهاز إلى لوحة المفاتيح… كيف تبدأ رحلتك عبر الإنترنت؟

لفهم التداعيات العميقة، تخيّل استخدام محرك بحث مثل جوجل. تُحوّل الكلمات التي تكتبها إلى إشارات رقمية تنتقل عبر كابلات الألياف الضوئية. تصل أولًا إلى نقاط تجميع مزودي خدمة الإنترنت، ثم تمر عبر بورصة رمسيس، وهي نقطة العبور المركزية لجميع البيانات الداخلة إلى مصر والخارجة منها.

– الكابلات البحرية: شرايين الحياة للإنترنت العالمي

بعد مرورها عبر التبادل، تُرسل البيانات إلى محطات الإنزال في الإسكندرية أو رأس غارب، ومنها إلى الكابلات البحرية الممتدة عبر البحار والمحيطات. يوجد 428 كابلًا بحريًا حول العالم، بطول إجمالي يزيد عن 1.2 مليون كيلومتر، تحمل أكثر من 99% من بيانات الإنترنت العالمية. يمر حوالي 17 كابلًا عبر مصر وحدها، ما يُمثل 17% من الشبكة العالمية.

تتيح هذه الكابلات نقل البيانات بسرعات تصل إلى 640 جيجابت في الثانية، وهو ما يعادل 7.5 مليون مكالمة هاتفية متزامنة.

من مركز البيانات إلى الشاشة

بمجرد وصول البيانات إلى الضفة الأخرى، تُربط بخوادم ضخمة في مراكز بيانات عالمية، مثل مركز بيانات جوجل. هناك، تُعالج المعلومات وتُرسل في الاتجاه المعاكس. تنتقل البيانات إلى الكابلات البحرية، ثم إلى محطات الإنزال، ثم إلى الكابلات الأرضية، ثم إلى مقسم رمسيس، ثم إلى مزود الخدمة، وأخيراً إلى جهاز المستخدم المنزلي أو هاتفه.

مبنى صغير… قلب شبكة ضخمة

ما قد لا يعرفه الكثيرون هو أن الشبكة بأكملها تعمل في مبنى مساحته ألف متر مربع فقط. ومع ذلك، يربط هذا المبنى ملايين المصريين بالإنترنت العالمي. لذلك، كان الحريق صادمًا وخطيرًا، إذ أدى إلى انقطاع جزئي للشبكات والخدمات الحيوية في جميع أنحاء البلاد.

على الرغم من أن مركز رمسيس المركزي شُيّد قبل قرن تقريبًا، إلا أنه لا يزال أحد أهم مراكز الاتصالات في المنطقة. وهذا دليل على كيفية انتقال البيانات من جهازك إلى قاع المحيط، ثم إلى العالم، ثم تعود إليك في أقل من ثانية.


شارك