خشية تهدئة محتملة.. إسرائيل تسرع تهجير وتدمير شمال غزة

منذ 8 ساعات
خشية تهدئة محتملة.. إسرائيل تسرع تهجير وتدمير شمال غزة

وتنفذ إسرائيل عملية “جدعون أرموري” بهدف تطهير الشمال من الفلسطينيين وتوسيع المنطقة العازلة.

وقال مصدر مقرب من الفصائل الفلسطينية لوكالة الأناضول: • تكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية يؤدي إلى نجاحات جديدة على المستويات الميدانية والتفاوضية والإستراتيجية. • تحاول إسرائيل استغلال هذا الوقت لتوسيع نطاق الدمار وتدمير المدن. • تستهدف عمليات الهدم الإسرائيلية المباني السكنية والملاجئ بهدف القضاء على أي فرصة مستقبلية لعودة الفلسطينيين إلى شمال غزة.

تُسابق إسرائيل الزمن لإتمام عملية “جدعون”، وهي العملية التي تهدف إلى تطهير شمال قطاع غزة من الفلسطينيين وتوسيع المنطقة العازلة. يأتي هذا قبل اتفاق وقف إطلاق نار مؤقت محتمل، قد يُنهي العمليات العسكرية المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كجزء من حرب إبادة جماعية.

وقال مصدر مقرب من الفصائل الفلسطينية لوكالة الأناضول إن “إسرائيل تنوي استغلال الأيام القليلة المتبقية حتى وقف إطلاق النار المتوقع في توسيع نطاق تدميرها وهدم البلدات، خاصة في شمال وشرق محافظة الشمال، وشرق مدينة غزة، وشرق خان يونس جنوب قطاع غزة”.

وأضاف: “تحاول إسرائيل تدمير آخر مصادر الرزق في هذه المناطق من أجل استنفاد أي فرصة للعودة الفلسطينية، كما حدث في مخيم جباليا” الذي دمرته بشكل شبه كامل في النصف الثاني من عام 2024.

– تغير التوزيع الديموغرافي

لقد أدت عملية “مدرعات جدعون” التي أطلقها الجيش في منتصف شهر مايو/أيار الماضي إلى تغيير جذري في التوزيع الديموغرافي لقطاع غزة، حيث ركزت الكثافة السكانية في ثلاث مناطق ساحلية ضيقة: غرب مدينة غزة، وغرب المحافظة الوسطى، وغرب خان يونس.

وبحسب وكالة الأناضول، فإن هذه المناطق الثلاث منفصلة إلى حد كبير عن بعضها البعض، ويتعرض الفلسطينيون لنيران المدفعية الإسرائيلية وإطلاق النار أثناء التنقل بينها.

الجزء الغربي من مدينة غزة محاصر بالكامل. يحدها شمالاً محافظة الشمال، التي حوّلتها إسرائيل إلى مدينة أشباح بعد تدميرها وتهجير سكانها. وشرقاً، تحدها أحياء الشجاعية والزيتون والتفاح والدرج والبلدة القديمة، حيث يكثف جيش الاحتلال عملياته حالياً.

في حين تفصل مدينة غزة وغربها عن مناطق جنوب قطاع غزة محور نتساريم “المركزي” الذي يسيطر عليه جيش الاحتلال من الشرق، ومن الغرب بنيران آلياته وطائراته المسيرة.

ويفصل الجزء الغربي من المحافظة الوسطى عن مدينة خانيونس التي تعتبر بداية المحافظة الجنوبية، ما يسمى بمحور “كيسوفيم” من قبل جيش الاحتلال، والذي يمتد مئات الأمتار من الجزء الشرقي من المحافظة.

ويسيطر جيش الاحتلال الإسرائيلي أيضاً على المناطق الشرقية لمدينة خانيونس، ويحاول تعزيز تواجده في وسط المدينة بالتقدم غرباً قرب منطقة “المواصي” المكتظة بالسكان.

غربي خانيونس، يفصلها عن رفح جنوب قطاع غزة محور موراج الذي يسيطر عليه جيش الاحتلال، والذي يطلق النار على أي تحرك بالقرب منه.

أصبحت مدينة رفح شبه خالية من الفلسطينيين بعد أن حرر جيش الاحتلال المدينة من سكانها تحت تهديد الرصاص والقصف والمجازر.

وتسمى المناطق الممتدة على طول الساحل الفلسطيني، من جنوب خانيونس إلى شمال دير البلح (وسط)، بـ”المواسي”، وهي مناطق قاحلة خالية من أي حياة حضرية أو بنية تحتية.

ويزعم جيش الاحتلال أن القطاع “منطقة إنسانية آمنة”، لكنه أيضاً لم يسلم من الغارات الجوية الإسرائيلية التي قتلت وجرحت مدنيين.

وبحسب تقديرات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان فإن المساحة التي يتركز فيها النازحون حالياً لا تتجاوز 15% من إجمالي مساحة قطاع غزة.

وبحسب هيئة الإذاعة الإسرائيلية، من المتوقع أن تستمر عملية “مركبات جدعون” عدة أشهر، وستشمل “الإجلاء الكامل لسكان قطاع غزة بالكامل من مناطق القتال، بما في ذلك شمال قطاع غزة، إلى مناطق في جنوب قطاع غزة”، حيث “سيبقى الجيش في جميع المناطق التي يحتلها”.

-إكمال العملية

كثفت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال الأسبوع الماضي من قصفها وهدمها للمباني السكنية، وخاصة المباني متعددة الطوابق التي تطل على إطلالات استراتيجية على الأحياء المحيطة شمال وشرق قطاع غزة.

كما تعرضت عدة مدارس في شمال وشرق قطاع غزة، حيث يعيش آلاف النازحين، للهجوم بعد أن نُصحت بإخلائها. ووصف المصدر الفلسطيني هذا بأنه “خطوة تهدف إلى منع الفلسطينيين من العودة إلى هذه المدارس مستقبلاً، في إطار جهود الجيش لإخلاء المنطقة من سكانها”.

في 30 يونيو/حزيران، شنّ الجيش الإسرائيلي غارات جوية على أربع مدارس تؤوي نازحين بعد أن أُمروا بإخلائها. ثلاث من هذه المدارس كانت متجاورة في حي الزيتون، والرابعة في حي التفاح. في 3 يوليو/تموز، تعرّضت مدرسة مصطفى حافظ لهجوم مفاجئ، ما أسفر عن مقتل 17 مدنيًا، بينهم أطفال ونساء. كما قُصفت مدرسة الشافعي في حي الزيتون فجر السبت، ما أسفر عن مقتل سبعة فلسطينيين من عائلة واحدة.

أدت الهجمات المتكررة على ملاجئ الطوارئ إلى تقليص مساحة المعيشة المتاحة، وأجبرت الفلسطينيين على نصب خيام على طول الشريط الساحلي. وهذا يتماشى مع خطط إسرائيل لإجبارهم على الانتقال إلى مناطق مكشوفة تفتقر حتى إلى أبسط الضروريات.

وبحسب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، نقلاً عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن 85% من قطاع غزة يقع داخل الأراضي العسكرية الإسرائيلية، ويخضع لأوامر الإخلاء، أو كليهما.

– الدمار في المناطق الحمراء

في هذا السياق، أوضح المصدر الفلسطيني أن جيش الاحتلال يُجري عمليات هدم واسعة النطاق وممنهجة في المناطق المُصنفة “حمراء” على خرائط الإخلاء التي نشرها. ويصعب على الفلسطينيين الوصول إلى هذه المناطق وتقييم حجم الدمار.

وأوضح أن سكان المنطقة يسمعون يومياً ما بين 20 إلى 30 انفجاراً قوياً، ناجماً عن تدمير المنازل في تلك المناطق، وخاصة شمال وشرق غزة، فيما يتردد صداها في أنحاء وسط قطاع غزة.

وأشار إلى فيديو نشره أحد المتعاقدين الإسرائيليين في شمال قطاع غزة. يُظهر الفيديو دمارًا هائلًا في حي تل الزعتر ومدينة الشيخ زايد شمال قطاع غزة، و”يؤكد حجم عمليات الهدم الممنهجة في قطاع غزة”.

– تحقيق الأرباح

يعتقد مصدر مقرب من الفصائل الفلسطينية أن العمليات العسكرية المكثفة التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة تهدف إلى تحقيق نجاحات جديدة، سواء على الأرض من خلال تعزيز السيطرة على المناطق العازلة المخطط لها أو من خلال التقدم إلى مناطق جديدة في قطاع غزة.

وعلى المستوى التفاوضي، من خلال الضغط العسكري لتعزيز موقفها بشأن مقترح وقف إطلاق النار، وكذلك على المستوى الاستراتيجي فيما يتعلق بتهجير السكان والتغييرات الديموغرافية والترتيبات طويلة الأمد لما بعد الحرب في غزة، حسب المصدر.

ونقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية، الأربعاء، عن مصادر أمنية قولها إن الجيش “جاد في نيته زيادة أنشطته في قطاع غزة، ويستخدم كل قواته لتحقيق نصر حاسم على حماس خلال أيام أو أسابيع”، ما يشير إلى نجاحات جديدة على الأرض.

أفادت القناة 12 الإسرائيلية يوم الخميس أن الجيش يستعد للسيطرة الكاملة على قطاع غزة بمساعدة الفرق الخمس المتمركزة هناك. ووصفت القناة هذا بأنه “عملية ضخمة لم نشهد لها مثيلاً منذ أكثر من عام”.

وتابعت: “تضم هذه الفرق جنودا من الفرقة 143 العاملة في منطقة رفح، والفرقة 36 في خان يونس، والفرقة 99 العاملة في منطقتي جباليا وبيت لاهيا (شمال) ونتساريم (وسط)”.

وقالت الإذاعة إن “القتال يتركز حاليا في حي الشجاعية (شرق مدينة غزة)، حيث وسع الجيش الإسرائيلي نطاق عملياته خلال الأسبوع الماضي”.

وأفادت بأن “الجيش يستعد لتطويق مدينة غزة ومخيماتها المركزية ومنطقة المواصي التي فر إليها معظم الفلسطينيين”.

ويأتي ذلك في ظل تقارير عن تحقيق تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزة.

يتوجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفقًا لهيئة الإذاعة الإسرائيلية. ووفقًا لصحيفة يديعوت أحرونوت، من المتوقع أن يعلن ترامب عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة يوم الاثنين المقبل.

تُقدّر تل أبيب وجود 50 سجينًا إسرائيليًا في غزة، 20 منهم ما زالوا على قيد الحياة. في غضون ذلك، يقبع أكثر من 10,400 فلسطيني في السجون، يعانون من التعذيب والجوع والإهمال الطبي. وقد لقي العديد منهم حتفهم، وفقًا لتقارير حقوق الإنسان ووسائل الإعلام الفلسطينية والإسرائيلية.

منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل، بدعم أمريكي، إبادة جماعية في قطاع غزة. قُتل وجُرح ما يقرب من 193 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وفُقد أكثر من 10 آلاف. كما شُرّد مئات الآلاف، وأودت المجاعة بحياة الكثيرين، بمن فيهم عشرات الأطفال.


شارك