حلقة نقاشية تبحث دور وكالات الأمم المتحدة في تعزيز القدرة على التكيف في القطاعات الحيوية

في إطار إطلاق الحوار المجتمعي الوطني حول تغير المناخ والاحتفال باليوم العالمي للبيئة 2025، نظمت وزارة البيئة حلقة نقاشية بعنوان “كيف تعمل وكالات الأمم المتحدة على تعزيز التكيف مع تغير المناخ في المناطق الحدودية في مصر”.
وشارك في اللقاء، الذي أدارته الإعلامية داليا عبد السلام، ممثلون عن وكالات الأمم المتحدة في مصر، وعدد من خبراء البيئة وشركاء التنمية.
وناقشت الجلسة سبل تكامل جهود وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات الوطنية لدعم خطط التكيف مع تغير المناخ، وخاصة في مجالات الزراعة والمياه والتخطيط الحضري وتمكين المرأة وحماية الطفل والحفاظ على التنوع البيولوجي.
في كلمته، أكد الدكتور عبد الحكيم الواعر، نائب المدير العام والممثل الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على أهمية الحوار المجتمعي الشامل والمنهجي لإثراء صياغة السياسات الوطنية. وسلط الضوء على جهود الفاو في تعزيز الممارسات الزراعية الذكية مناخيًا، مثل زيادة إنتاجية قصب السكر في صعيد مصر، وتعديل أصناف المحاصيل في شمال الدلتا للحد من ملوحة التربة، ومكافحة انتشار الآفات الناجمة عن تغير المناخ.
وأضاف الواعر أن منظمة الفاو بالتعاون مع وزارة البيئة والزراعة وضعت خطة شاملة للمشاركة في الحوار المجتمعي على مستوى المحافظات، مؤكداً أن إدارة المياه عنصر أساسي في خلق بيئة مستدامة.
أكد الدكتور جان بيير دي مارجري، ممثل برنامج الأغذية العالمي في مصر، أن آثار تغير المناخ تؤدي إلى تفاقم أزمة الغذاء العالمية، حيث يعاني 18 مليون شخص من الجوع، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وأشار إلى أن البرنامج ينفذ نموذجًا تنمويًا متكاملًا في صعيد مصر، يشمل تعزيز الطاقة المتجددة، وأنظمة الري الموفرة للمياه كالري بالتنقيط، والتدريب المهني للنساء والشباب. ويستهدف هذا النموذج 100 قرية و100 ألف مستفيد، بهدف تعزيز قدرة المجتمعات الريفية على الصمود في مواجهة تغير المناخ.
أكد الدكتور أحمد رزق مدير برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل) أن تغير المناخ يشكل تحدياً للتخطيط الحضري في ظل تزايد السكان والتركيز الاقتصادي في المدن، والتي من المتوقع أن تستضيف 70% من سكان العالم بحلول عام 2050.
وأشار إلى تعاون البرنامج مع مصر لتحديث المخططات العمرانية للمدن ذات الخصائص المميزة، مثل دهب ومرسى علم، وللعمل مع المجتمعات المحلية لتحويل التحديات إلى فرص استثمارية. وأكد رزق على أهمية إعطاء الأولوية للسياحة المستدامة والحفاظ على التراث الثقافي، مؤكدًا أن “الإنسان هو أساس الصمود في مواجهة تغير المناخ”.
وأكدت الدكتورة مروة علم الدين، ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مصر، على الدور المحوري للمرأة في العمل المناخي، مشيرة إلى إطلاق مبادرة المرأة الأفريقية والتكيف مع المناخ خلال مؤتمر المناخ (COP27) ودعمها للمرأة في تنفيذ المشاريع الخضراء الذكية.
وأكدت أن الوكالة تعمل على تعزيز قدرات المؤسسات والكوادر على ربط قضايا المرأة بتغير المناخ. ويشمل ذلك دعم رائدات الأعمال وتمكين المرأة من المشاركة في صياغة استراتيجيات التكيف.
وأشار الدكتور بشر إمام، رئيس قسم العلوم الطبيعية والهيدرولوجيا في المكتب الإقليمي لليونسكو، إلى أن قضية المياه تشكل أولوية قصوى للمنظمة، خاصة في ظل الأهمية المتزايدة لأمن المياه كمكون أساسي في استراتيجيات التكيف مع تغير المناخ.
صرح بأن مؤتمر الأطراف السابع والعشرين للمناخ كان نقطة تحول، إذ أصبحت المياه الآن عنصرًا أساسيًا في جدول أعمال تغير المناخ العالمي. وسلط الضوء على التعاون مع الوزارات المصرية لوضع مؤشرات لقياس التقدم المحرز في مجال التكيف مع تغير المناخ. كما أشار إلى جهود اليونسكو لحماية النظم البيئية المرتبطة بالمياه الجوفية ودمج مفاهيم الحد من المخاطر البيئية في المناهج الدراسية. وأكد أن التكيف مع تغير المناخ مسؤولية مشتركة بين الحكومات والأفراد.
وسلطت الدكتورة ناتاليا ويندر روسي، ممثلة اليونيسف في مصر، الضوء على مدى الضعف الشديد الذي يتعرض له الأطفال في مواجهة آثار تغير المناخ، مشيرة إلى أن 5.4 مليون طفل في مصر يتعرضون لموجات حارة تؤثر على نموهم وقدرتهم على التعلم.
دعت إلى دمج تغير المناخ في المناهج الدراسية، وإتاحة الفرصة للأطفال للتعبير عن آرائهم. وأكدت أن اليونيسف تعمل مع وزارة البيئة على دمج نتائج الدراسات المتعلقة بالأطفال والمناخ في خطط التكيف الوطنية، وتعزيز قدرة المجتمعات على الصمود في مجالات المياه والطاقة والصحة.
واختتم الدكتور محمد بيومي نائب الممثل الدائم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ورئيس فريق تغير المناخ الجلسة بالتأكيد على التزام البرنامج بدعم جهود وزارة البيئة منذ أكثر من 25 عاماً، بدءاً من إعداد التقارير الوطنية للمناخ وحتى تنفيذ مشاريع ملموسة.
وتحدث بيومي أيضًا عن مشروع الجسور الطبيعية الممول من صندوق المناخ الأخضر لمكافحة ارتفاع منسوب مياه البحر في الدلتا، فضلاً عن مبادرة تطوير خطة إدارة متكاملة للمناطق الساحلية لأول مرة في مصر.
وكشف أيضاً عن تعاون البرنامج مع مركز دعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء في إنشاء نظام إنذار مبكر لحالات الطوارئ المناخية، وخطط لإجراء حوارات مجتمعية في المحافظات الساحلية والريفية، بما في ذلك دعم صغار المزارعين والصيادين.
في ختام الاجتماع، أكد بيومي أن نتائج الحوار المجتمعي ستُسهم في إعداد الخطة الوطنية للتكيف. وأوضح أن الحوار سيستمر ويتوسع ليشمل المواطنين في مختلف المناطق، تجسيدًا لمبدأ المشاركة في بناء مستقبل أكثر مرونة واستدامة.