مخرجة ومؤلف المسلسل الوثائقي يا غايب يكشفان لـ الشروق كواليس رحلة فضل شاكر من النجومية للعزلة

منذ 5 ساعات
مخرجة ومؤلف المسلسل الوثائقي يا غايب يكشفان لـ الشروق كواليس رحلة فضل شاكر من النجومية للعزلة

• فاطمة رشا شهادة: حررنا العمل من السياسة والدين… وتعاملنا مع القصة كدراما إنسانية. • فضل شاكر صوّر مشاهده بمساعدة ابنه.. وشارك في السرد والتفاصيل عن بعد. • كان اختيار الممثلين والتصوير في تركيا بدلاً من لبنان من أكبر الصعوبات التي واجهتنا أثناء الإنتاج.

وسط الجدل الدائر حول شخصيته ومسيرته الفنية، يعود مسلسل “يا غايب” إلى قضية الفنان اللبناني فضل شاكر، ولكن هذه المرة من منظور إنساني وفني، وليس من منظور سياسي أو ديني. الفيلم الوثائقي المكون من تسعة أجزاء من إخراج فاطمة رشا شحادة، والذي يعتبر أول تجربة لها في مجال الدراما الوثائقية، وبتكليف من جورج حازم، يقدم صورة مؤثرة للتاريخ. يروي فضل شاكر بنفسه التغيرات والقرارات والآراء التي حولت حياته من قمة الشهرة إلى العزلة خلف الكواليس.

وفي حوار مع الشروق، كشفت المخرجة فاطمة رشا شحادة عن خلفيات عملها ودوافعها والتحديات التي واجهتها في صناعة دراما وثائقية تعكس الواقع دون الوقوع في فخ الأحكام المسبقة.

عن نص الحوار:

< ما الذي دفعك لتقديم مسلسل وثائقي عن فضل شاكر؟

في الواقع، لم يكن هذا قراري الشخصي. وجاءت المبادرة من شركة الإنتاج، التي اتصلت بي لإخراج الفيلم. أنتجت الشركة في السابق أفلامًا وثائقية مهمة مثل فيلم “رحلتي” لجورج وسوف وفيلم “الهدف” لسعيد العويران.

– كيف جاءت فكرة المسلسل؟ هل ترددت بسبب حساسية الموضوع؟

جاءت الفكرة من شركة الإنتاج، حيث التقى ثلاثة كتاب بأسرة فضل شاكر، واتصلوا به وجمعوا معلومات تفصيلية عن السيناريو. في الواقع، لم يكن القرار سهلاً لأن الموضوع حساس، لكننا أردنا أن نروي القصة من منظور إنساني حصراً.

< كم من الوقت استغرق إكمال العمل؟

استغرق تطوير السيناريو حوالي عام، تلاه 24 يومًا من التصوير المكثف في تركيا وأخيرًا عام كامل من مرحلة ما بعد الإنتاج. ونظراً لتعدد خطوط القصة في المسلسل، كان من المطلوب التنسيق الدقيق لربط الأحداث معاً بطريقة تجعل المشاهد مفتوناً ويتابع كل حلقة بحماس.

< لماذا تم اختيار أغنية “يا غايب” عنواناً للفيلم الوثائقي؟

كانت أغنية “يا غايب” نقطة تحول في مسيرة فضل شاكر الفنية. وقد شكل هذا الإنجاز انطلاقته الحقيقية في العالم العربي، كما يعكس مكانته الحالية كفنان اختفى عن الساحة لسنوات ولكنه لا يزال حاضراً في الذاكرة.

< كيف حاولت الموازنة بين الجانب الفني والإنساني في تجسيد شخصية فضل شاكر؟

من غير الممكن تقديم فنان أو شخصية عامة دون التطرق إلى بعدها الإنساني. كان من المهم بالنسبة لنا أن نفهم شخصية الفنان واكتشاف سبب التحول الكبير في حياته من نجم مشهور إلى شخصية مثيرة للجدل.

< كيف تعاملت مع الأبعاد السياسية والدينية المرتبطة بقصته؟

لقد حررنا العمل من أي بعد سياسي أو ديني. لقد تعاملنا مع القصة كدراما وتركنا لفضل شاكر أن يروي قصته من وجهة نظره.

< ما هو أسلوب الإخراج الذي اخترته لسرد الأحداث؟

– اعتمدت على السرد الزمني المتداخل. من غير الممكن أن نفكر في قرار اتخذه فضل شاكر دون أن ننظر إلى ماضيه. إن التعقيد الزمني يسمح لنا بفهم الدوافع والخلفية التي قادته إلى مواقفه الحالية.

< ماذا عن الصعوبات التي واجهتك في العمل؟

في البداية، كان اختيار الممثلين الذين يملكون الشجاعة والمهارات اللازمة لخوض هذه المغامرة تحديًا صعبًا. ولحسن الحظ، كان جميع المشاركين في العمل فنانين موهوبين، وكانوا قادرين على إعطاء الشخصيات أبعادها الحقيقية.

ثانياً، قرار التصوير في تركيا بدلاً من لبنان. وبسبب اندلاع الحرب في غزة والتوترات الأمنية مع إسرائيل، كان من الأفضل لنا العمل في بيئة آمنة لأسباب لوجستية. ورغم أن الأمر كان جديداً علينا، إلا أننا، بمساعدة مصمم الديكور نصر طوق، الذي بذل جهداً كبيراً في البحث واتخاذ القرارات النهائية، تمكنا من العثور على مجموعات ومواقع تحاكي البيئة اللبنانية.

ثالثا، لم يكن من السهل الحصول على المواد الأرشيفية وكنا نعاني من نقص فيها. ويرجع ذلك إلى ضعف ثقافة التوثيق الدقيق في العالم العربي.

< هل تعرضت لأي ضغط أثناء التصوير؟

لا، لم أتعرض لأي ضغط من أي جهة، وتعاملت مع الموضوع بمنطق درامي وفني بحت، وبعيداً عن أي اعتبارات خارجية.

< ما هي ردود الفعل على العمل بعد نشره؟

وكانت ردود الفعل إيجابية للغاية. أعجب الجمهور بالطريقة التي روينا بها القصة واستكشفنا البعد الإنساني فيها. شعرنا بأننا قد أشبعنا فضول الناس وأضفنا الوضوح إلى غموض حياة فضل شاكر.

< ما رأيك بعرضه على منصة إلكترونية؟

ومن خلال عرض العمل على منصة إلكترونية، استطاعت الوصول إلى جمهور واسع، ليس فقط في العالم العربي، بل أيضاً في أوروبا وأميركا، وهو ما لم يكن ممكناً من خلال التلفزيون المحلي.

< هل تعتقد أن الفيلم الوثائقي ساهم في تغيير الرأي العام حول فضل شاكر؟

الهدف من هذه السلسلة ليس تغيير وجهات النظر، بل فتح باب الحوار. قد يغير البعض آراءهم، وقد لا يغيرها آخرون، ولكن على الأقل يسمعون القصة من الشخص المناسب.

< يرى البعض أن العمل محاولة لإرجاع فضل شاكر إلى مكانته السابقة. ماذا تقول في ذلك؟

هذا ليس صحيحا. المسلسل لا يبرئ فضل شاكر، بل يظهره معترفاً بأخطائه وقراراته المتسرعة التي أضرت به وبمن حوله. لقد أعطيناه ببساطة منصة ليحكي قصته وتركنا الحكم للجمهور.

وتزامن توقيت بث المسلسل مع تجدد انتشار خبر تبرئته من التهم السياسية. هل كان ذلك مقصودًا؟

ومن باب الصدفة البحتة أن يتزامن عرض المسلسل مع تجدد الحديث عن تبرئة فضل شاكر من تهمة القتال ضد الجيش اللبناني. برأته المحكمة العسكرية عام 2018، لكن وسائل الإعلام لم تتحدث عن ذلك في ذلك الوقت.

< كيف كان التواصل مع فضل شاكر خلال فترة التحضير؟

من خلال ابنه محمد الذي كان يرغب بشدة في التواجد هناك أثناء التصوير في تركيا. وكان وسيطًا بيننا وبين والده. ليزودنا بكل المعلومات الدقيقة التي نحتاجها، سواء عن طفولته أو حياته العائلية. وكان فضل متعاونًا للغاية وشارك في تصوير مشاهده بمساعدة ابنه. لقد تابعنا عمله عن بعد وكان الأمر أسهل مما توقعنا.

< هل لديك أي تأثير على اختيار الممثلين؟

ولم يتدخل في الاختيار، بل كان يراجع الأسماء بعد الترشيح. ولم يبدِ هو أو عائلته أي اعتراض، خاصة وأن جميع الشخصيات حقيقية، باستثناء الصحافية “مايا” التي أضفناها كعنصر خيالي.

< ظهور فضل شاكر خلال الأحداث فاجأ البعض. كيف حدث هذا؟

في البداية ظننا أن ظهوره سيكون محدوداً، لكن بعد التصوير شعرنا أن حضوره مهم لتعزيز مصداقية السرد، خاصة أنه يمتلك القدرة على سرد القصص بمشاعر وشفافية تأسر المشاهد.

< ما هي الرسالة التي تريد إيصالها من خلال “يا غايب”؟

إن التحدث عن المواضيع الحساسة هو الخطوة الأولى لفهمها. لقد أدان الكثيرون فضل شاكر دون أن يعرفوا تفاصيل تجربته. المسلسل يمنحه هذه الفرصة والقرار النهائي يعود للمشاهد.

< كيف أثر هذا العمل على مسيرتك المهنية؟

أعتبرها تجربة ثرية ومهمة للغاية، خاصة أنها أول دراما وثائقية لي. إن التحدي المتمثل في التبديل بين فترات زمنية مختلفة والتعامل مع شخصيات واقعية أعطاني دفعة قوية كمخرج.

• جورج حازم: هدف المسلسل ليس إثارة التعاطف، بل كشف الحقيقة دون تحريف أو تحيز.

من جانبه، أعرب الكاتب جورج حازم عن سعادته بالمشاركة في كتابة مسلسل “يا غايب” مع نور مجبر وناي عازار، وقال في حواره مع “الشروق” إنه يتطلع للعمل على هذا الفيلم الوثائقي. نظراً لإعجابه بالفنان فضل شاكر واهتمامه الخاص بالأفلام الوثائقية حول الشخصيات المثيرة للجدل وما تحتويه من أبعاد إنسانية معقدة تستحق البحث المعمق. وأضاف أن هذا المشروع يمثل أيضاً فرصة لتجديد تعاونه مع شركة الإنتاج التي عمل معها سابقاً في مسلسل “الهدف” الذي تناول المسيرة الرياضية للنجم السعودي السابق سعيد العويران.

< هل كنت تتوقع في البداية أن الفيلم الوثائقي سيثير جدلاً كبيراً قبل عرضه؟

كنا ندرك جيداً حساسية هذه القضية، خاصة في لبنان، لكننا لم نتوقع حجم العراقيل والضغوط التي واجهناها خلال التصوير والإنتاج. إن التحدي الحقيقي لم يكن القصة نفسها، بل المثابرة في رؤيتها حتى النهاية. وتستحق شركة الإنتاج كل الثناء، فهي رغم كل العوائق أخذت على عاتقها مسؤولية إيجاد بدائل قابلة للتطبيق لتنفيذ المشروع.

< إلى أي مدى تأثرت بدعوات المقاطعة التي سبقت إصدار الفيلم؟

لم يؤثر علينا. لقد علمنا أن هناك انفصالًا طبيعيًا. لدى فضل شاكر جمهور واسع، وقد وجهنا العمل إلى من يريد سماع القصة، وليس إلى من يرفضها بشكل قاطع.

< تم اكتشاف أن أسماء الأغاني الشهيرة لفضل شاكر كانت تستخدم كعناوين للحلقات. ما هو الهدف من هذا؟

كان هذا نهجًا مقصودًا ضمن الرؤية الفنية للفيلم الوثائقي. كل أغنية تم اختيارها كعنوان للحلقة كانت تعكس جانباً من حالة فضل شاكر في تلك الفترة. لم تكن هذه الأغاني جزءًا من أرشيفه فحسب، بل كانت أيضًا جزءًا من سيرته الذاتية.

< ما هي أكبر التحديات التي واجهتك أثناء الكتابة؟

وكان التحدي الأكبر هو فهم التحول الجذري الذي حدث في شخصية فضل شاكر. لم يكن قرارًا عفويًا، بل كان نتيجة سلسلة من الأحداث التي تنبع من طفولته المؤلمة، وإحساسه الدائم بالظلم، وبحثه الدائم عن الانتماء، وافتقاره إلى أبسط الحقوق الإنسانية. وقد ساعدتنا هذه الخلفيات في تفسير العديد من التناقضات التي نشأت في حياته المهنية.

< كيف تعاملت مع الأمر؟

منذ البداية، اخترنا الشجاعة. لم نكتب لإرضاء أحد أو لكسب تعاطف أحد. لقد روينا القصة كما هي، من منظور إنساني، ومن دون أي تحيز.

< ماذا عن المشاهد الأكثر صعوبة؟

القصة كلها مليئة بالألم، لكن المشهد الأصعب بالنسبة لي هو المشهد الذي تخيلنا فيه أن والديه اختاراه من بين إخوته ليرسلاه إلى دار الأيتام. لحظة صعبة عبرت عن شعور عميق بالنقص وخيبة الأمل التي ظلت معه طوال حياته.

< كيف قمت بجمع المواد الأرشيفية؟

ورفضت جهات كثيرة التعاون معنا لأن الأمر يتعلق بفضل شاكر. لقد حاولنا التعويض عن ذلك باستخدام أرشيف بديل، ولكن كان من الممكن إثراء العمل بشكل أكبر من خلال الحصول على دعم أو ردود فعل أكبر.

< هل تم التواصل مع فضل شاكر أو أي فرد من أفراد عائلته أثناء التحضيرات؟

لم نتمكن من مقابلة فضل شاكر شخصيًا، لكننا أجرينا مقابلات مع زوجته وأولاده، ووجدناهم منفتحين للغاية وعلى استعداد لمشاركة التفاصيل دون تحفظ. لقد أوكلوا إلينا مسؤولية مزدوجة تتمثل في سرد القصة كما عاشوها.

< يرى البعض أن المسلسل الوثائقي هو محاولة للدفاع عن فضل شاكر. ما هو تعليقك؟

-بالتأكيد لا. ولم يكن الهدف من العمل تبرئة أحد أو الدفاع عن طرف. من خلال هذا الفيلم الوثائقي، أردنا أن نمنح فضل شاكر الفرصة ليروي قصته بصوته الخاص، حتى يتمكن الجمهور من فهم السياق الذي دفعه إلى اتخاذ قراراته المصيرية. ركزنا على استكشاف نقطة التحول التي غيرت مسار حياته جذريًا وطرحنا الأسئلة التي طالما أزعجت معجبيه: ماذا حدث؟ لماذا؟ أردنا أيضًا أن نظهر كيف يمكن للظروف السياسية والاجتماعية المعقدة أن تؤثر على قرارات الناس، وخاصة في مناطق الصراع المستمر.


شارك