بعد واشنطن.. الاتحاد الأوروبي يرفع العقوبات عن سوريا: آمال كبيرة تلوح في الأفق

منذ 2 شهور
بعد واشنطن.. الاتحاد الأوروبي يرفع العقوبات عن سوريا: آمال كبيرة تلوح في الأفق

وعلى غرار واشنطن، اتخذت دول الاتحاد الأوروبي خطوات لرفع العقوبات عن سوريا، رغم أنها كانت قد دعت بالفعل إلى الانفتاح تجاه دمشق قبل الولايات المتحدة. ويأتي ذلك بعد أن علقت دول الاتحاد الأوروبي بعض العقوبات التي فرضتها على دمشق فور سقوط نظام الأسد.

واليوم، وبعد القرار الأميركي برفع العقوبات، بادرت دول الاتحاد الأوروبي إلى الاستماع إلى شكاوى السياسيين السوريين. ووصفوا القرار الأميركي آنذاك بتعليق بعض العقوبات بأنه جيد، لكنه غير كاف. إن الاستجابة الأوروبية الحالية لرفع العقوبات عن سوريا تظهر العزم على وضع العلاقات الثنائية على المسار الصحيح. ولا شك أن دمشق ستستفيد من هذا، خاصة وأن العقوبات الأوروبية والأميركية ساهمت بشكل كبير في شلل الاقتصاد السوري بشكل شبه كامل. لقد كان في مرحلة تعافي منذ أن قررت واشنطن وأوروبا معاقبة حكومة الأسد على طريقتها، وهو ما سيؤدي بالتأكيد إلى موت بطيء. ولكي يتمكن الجانبان من الانطلاق إلى مرحلة جديدة، يفضل السوريون أن تبنى الأسس على أسس متينة من الانتعاش الاقتصادي الذي يعلقون عليه آمالاً كبيرة، خاصة وأن آفاق الاستثمار الأوروبي في سوريا تبدو واعدة الآن بعد أن تخلصت البلاد من عباءة الاشتراكية الموجهة واتجهت نحو اقتصاد السوق الحر المتوافق مع خطط الاستثمار الأوروبية المعروفة.

الأمور تسير في الاتجاه الصحيح ويرى الخبير الاقتصادي السوري علي عبد الله أن قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات عن سوريا يعكس توافقاً أوروبياً أميركياً حول شكل وآلية العلاقات مع دمشق. وهذا يبدد الانطباع بأن الولايات المتحدة كانت في البداية متخلفة عن أوروبا، التي يُنسب إليها الانفتاح على سوريا، حتى وإن كانت المفاجآت التي واجهها الرئيس ترامب تتكشف بطريقة تتفق مع شخصيته. وفي حديثه لقناة روسيا اليوم، أشار عبد الله إلى أن القرار الأوروبي كان له تأثير إيجابي، رغم أن هذا كان متوقعا بالفعل بعد قرار الرئيس الأميركي. وأشار إلى أن ذلك يأتي ضمن جهود دمشق لتحقيق التعافي الاقتصادي، الذي من شأنه أن يمهد لإعادة الإعمار أو يسير بالتوازي معه. وأشار إلى أن الأثر الاجتماعي والإنساني سيكون واضحا نظرا للظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها السوريون. على اعتبار أنها ستفتح الباب واسعاً أمام أوسع شبكة من المعاملات التجارية والمالية بين دمشق ودول الاتحاد الأوروبي، التي استجابت لرغبة الدول والمنظمات الإنسانية في المنطقة في رفع العقوبات التي أعاقت جهود الإغاثة وإعادة إعمار البنية التحتية المتهالكة في البلاد.

وأشار عبدالله إلى أن القرار الأوروبي يؤكد جدية الرهان على سورية واحتمال وجود رهانات دولية أخرى عليها تثق بالأوروبيين وقراراتهم وهو ما سيؤدي إلى حالة من التعاون الدولي بشأن سورية خلال الفترة المقبلة. وأكد الخبير الاقتصادي أن العملية الأوروبية لرفع العقوبات عن سوريا تختلف عن العملية الأميركية. وكان من المقرر تجديد العقوبات الأوروبية في نهاية الشهر الجاري، قبل أن يقرر الأوروبيون أن دمشق تستحق اغتنام الفرصة والبدء في العمل على التعافي الاقتصادي الضروري، خالياً من قيود العقوبات، سواء كانت جزئية أو كلية.

وعن الآلية المختارة لتطبيق القرار، أكد الخبير الاقتصادي أنه سيتم رفع العقوبات بشكل كامل عن بعض القطاعات، فيما ستبقى سارية على مؤسسات وشركات أخرى لا تزال مرتبطة بالنظام السابق.

وأشار إلى أن العقوبات التي لم يتم تمديدها هي رفع الحظر على استيراد النفط الخام السوري والحظر على المصارف السورية وخاصة المصرف المركزي السوري بعد السماح مجددا بالتعاملات المالية بين المصارف في الجانبين. وبالإضافة إلى ذلك، سيتم رفع حظر الاستثمار عن الشركات الأوروبية، مما يسمح لها بالاستثمار في قطاعات الغاز والكهرباء والبنية التحتية للطاقة. وسيتم أيضاً رفع الحظر على تصدير السلع الكمالية إلى سوريا، وخاصة السيارات والمجوهرات وغيرها من السلع الكمالية. وسيتم أيضاً رفع الحظر في كثير من النواحي المتعلقة بالنقل في سوريا. على سبيل المثال، سيتم السماح لشركات الطيران السورية باستخدام المعدات التكنولوجية الأوروبية. وسيتم أيضاً رفع الحظر على النقل البري والبحري، مما سيسمح للسوريين بوصول أفضل للمساعدات الإنسانية في الفترة المقبلة.

وأشار عبد الله إلى أنه سيتم فرض عقوبات أوروبية إضافية على الأفراد والمنظمات التي دعمت نظام الأسد، بما في ذلك حظر السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي. في حين أن الحظر الأوروبي على مبيعات الأسلحة إلى سوريا لا يزال قائما، فإن الحظر المفروض على بيع الممتلكات الثقافية السورية، بما في ذلك التحف وغيرها من الأشياء، لا يزال قائما أيضا.

واختتم الخبير الاقتصادي السوري تصريحاته على موقعنا بالإشارة إلى أن الخطوة الأوروبية والأمريكية ستعزز الرؤية الدولية حول الرغبة في إعادة بناء الدولة السورية على أسس سياسية واقتصادية قوية. وهذا من شأنه أن يساعد على إعادة بناء مؤسسات البلاد، ودعم مفهوم العدالة الانتقالية، وتعزيز السلم الاجتماعي، وخلق دورة اقتصادية سورية حقيقية لا طفيلية ولا ريعية، في بلد يمتلك كل المقومات اللازمة ليكون في مصاف الدول المتقدمة.

الاستثمارات المبكرة ويرى المحلل السياسي فهد العمري أن رفع العقوبات الأوروبية عن سوريا إثر العقوبات الأميركية، سيعيد للبلاد دورها المهم كشريان اقتصادي يربط الخليج بتركيا وأوروبا عبر الموانئ وأنابيب الطاقة. وفي حديثه لقناة روسيا اليوم، أشار العمري إلى أن هذا من شأنه أن يدفع دول الخليج إلى الاستثمار بكثافة في بناء مشاريع كبرى في سوريا، وخاصة تلك المتعلقة بالطاقة وإعادة الإعمار. وأشار إلى أن التمويل من دول الخليج سيأتي من الحكومات والشركات الخاصة. وأكد المحلل السياسي أن مصلحة أوروبا في تحقيق الاستقرار المنشود في سورية لا ترتبط فقط بالفوائد الاقتصادية المرجوة، بل أيضاً بكبح موجات الهجرة غير الشرعية والقضاء على البيئة المتطرفة التي وصلت نيرانها أيضاً إلى الديار الأوروبية. وأشار العمري إلى أن معلومات ظهرت تفيد بأن عدداً كبيراً من المستثمرين من دول الخليج وسوريا يتفاوضون مع الجانب السوري على مشاريع اقتصادية متكاملة وواسعة النطاق فور رفع العقوبات الأميركية عن سوريا. وأشار إلى أن رفع العقوبات الأوروبية سيؤدي إلى نمو اقتصادي أقوى من ذي قبل، وأن دخول الشركات الأوروبية إلى السوق السورية مسألة وقت فقط.

وأضاف أن المشاريع الضخمة المخطط لها، والتي تقدر تكلفتها بمليارات الدولارات، ستوفر فرص عمل لعشرات الآلاف من العمال السوريين، في حين ستساهم في تحويل المشهد الحضري القديم لدمشق والمدن السورية الأخرى.


شارك