لانا طفلة فلسطينية شيبتها الإبادة الإسرائيلية: ظهرت البقع البيضاء على جسمي بعد خوفي من القصف المستمر

منذ 4 ساعات
لانا طفلة فلسطينية شيبتها الإبادة الإسرائيلية: ظهرت البقع البيضاء على جسمي بعد خوفي من القصف المستمر

تعاني الطفلة لانا الشريف من انتشار البقع البيضاء في جسدها منذ أكثر من عام ونصف. وتأتي هذه الأحداث نتيجة نوبة هلع إثر قصف إسرائيلي قريب. يشتبه الأطباء في أنها تعاني من البهاق.

وقال والد الطفلة خليل الشريف: “لانا تمر بمحنة شديدة بسبب مرضها، وتأثيره النفسي عليها، وانتقادات الآخرين لمظهرها، وسوء التغذية الذي تعاني منه نتيجة المجاعة”.

في خيمة متداعية على حافة مخيم للاجئين في خان يونس، جنوب قطاع غزة، تجلس الطفلة الفلسطينية لانا الشريف، متشبثةً بما تبقى من طفولتها بعد 19 شهراً من المعاناة من الحرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية، والتي عانت خلالها من صدمة شديدة وفقدت معظم حقوقها.

كان قميص ميكي ماوس الوردي الذي كانت ترتديه الشريف لا يضيء وجهها إلا قليلاً. بدت حزينة بعد أن غطت جسدها ندوب بيضاء تذكرنا بالبهاق، كما يقول الأطباء من غزة.

من خلال مرآة صغيرة تنظر الطفلة الشريف إلى مظهرها الذي تغير بفعل حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة. رغم أنها في العاشرة من عمرها فقط، إلا أن شعرها تحول إلى اللون الأبيض بسبب الخوف الشديد.

“كنت جميلة قبل الحرب”، تقول لانا لوكالة الأناضول بصوت حزين، في إشارة إلى الآثار النفسية للمرض الذي لا يستجيب للعلاج في غزة. وأعربت عن أملها في أن تساعدها رحلة إلى الخارج في استعادة مظهرها الطفولي، وهي الحاجة التي أكد الأطباء أنها ملحة.

وفي الأسبوع الماضي، قالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس في بيان صادر عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا)، إن أكثر من 10500 مريض في قطاع غزة يحتاجون إلى إجلاء طبي عاجل، بما في ذلك 4000 طفل، حيث لم يتمكنوا من مغادرة قطاع غزة بسبب الهجوم الإسرائيلي المستمر.

منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تواصل إسرائيل حربها الشاملة للإبادة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، بما في ذلك القتل والتدمير والتجويع والتهجير القسري، متجاهلة كل النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية لإنهاء هذه الحرب.

وفي هذه الحرب المدعومة من الولايات المتحدة، قُتل أو جُرح أكثر من 172 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، كما فُقد أكثر من 11 ألف شخص.

إصابة تدريجية

وتقول الشريف إن هذه البقع بدأت تظهر على جسدها تدريجيا قبل عام ونصف عندما قصفت طائرات الاحتلال منزلا مجاورا لمنزلها في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

وأضافت أن البقعتين البيضاوين الأوليين ظهرتا على وجهها بعد يومين من القصف، وذلك بعد أن تعرضت لخوف شديد نتيجة القصف الإسرائيلي.

وفي وقت لاحق، أصيبت الطفلة الشريف بنوبة هلع أخرى، ما أدى إلى اتساع وانتشار البقع البيضاء على جسدها، رغم أن حالتها لم تستجب للأدوية التي وصفها لها الأطباء.

-الحالة النفسية

ولم تترك هذه الحرب ندوباً على جسد الطفلة ووجهها فحسب، بل أجبرتها أيضاً على العيش في خيمة في ظروف إنسانية مروعة، حيث كانت تفتقر حتى إلى أبسط مقومات الحياة.

وتقول الشريف، وهي تجلس في الخيمة، إنها جميلة، وأنها تحب الرسم “رسم الأشجار والزهور على الورق”، رغم الظروف الصعبة التي يمرون بها.

وبالرسم تهرب الشريف من الحالة النفسية الصعبة التي يسببها هذا المرض والبقع الفارغة التي تصيبها، حيث تتعرض لسخرية زملائها في الخارج.

وأضافت: “بسبب هذه الأجزاء، كان زملائي في المخيم يسخرون مني، لذلك بدأت أشعر بالحزن والبكاء كثيرًا”.

وأعربت عن أملها في العودة إلى الوطن، وفي انتهاء حرب الإبادة بسرعة، وكذلك في الشفاء من المرض الذي غيّر مظهرها الجميل.

وأعربت عن رغبتها في السفر إلى هناك لتلقي العلاج المناسب الذي حرمت منه في غزة بسبب تدمير إسرائيل للمستشفيات وإغلاق المعابر ومنع دخول الأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية.

البهاق

ويقول خليل الشريف والد الطفلة إن مرض ابنتها لانا بدأ نتيجة نوبات الهلع التي أصيبت بها عقب قصف إسرائيلي قرب منزلها في رفح قبل عام ونصف.

وتابع لوكالة الأناضول: “بعد يومين من القصف ظهرت بقعتان بيضاوان، وبعدها انتشر المرض”.

وأوضح أن الأطباء اعتقدوا أن البقع سببها البهاق الذي أصيب به الشريف أثناء طفولته، إلا أن الأعراض لم تكن متطابقة. ولكن لم يتم ذكر أي أعراض صحية أخرى.

وأوضح أن الطفل لم يستجب للعلاج والأدوية في غزة، مشيرا إلى أنه بحسب الأطباء يعاني من “مرض نادر” يتطلب السفر إلى الخارج لتلقي العلاج.

المعاناة المركبة

وفيما يتعلق بصحة الطفلة يقول الشريف إن لانا تعاني من مجموعة عوامل، منها وضعها الصحي النفسي الصعب نتيجة مرضها، وعدم توفر العلاج، وخطر إصابتها بسوء التغذية بسبب المجاعة المنتشرة في قطاع غزة.

ويضيف أن لانا التي كانت مليئة بالحيوية والطاقة قبل الحرب أصبحت الآن طفلة انطوائية ترفض الحديث مع الآخرين. وتشير إلى أنها تتعرض لانتقادات من الآخرين بسبب التغيرات المرضية في مظهرها وتزايد عدد الشعر الرمادي فيها.

وبالإضافة إلى ذلك، تتأثر الطفلة الشريف بالحياة الصعبة في مخيمات اللاجئين، حيث أصبحت تقضي معظم وقتها في طوابير للحصول على المياه المجانية أو الوجبات من الجمعيات الخيرية، على حد قوله.

وأضافت أنها تقضي وقتها يوميا في جمع المياه والطعام، وهو ما لا تستطيع الأسرة توفيره بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه نتيجة الإبادة الإسرائيلية المستمرة.

وأكد أن هذه الظروف القاسية، إلى جانب سوء التغذية الذي تعاني منه كبقية سكان قطاع غزة، يزيد من هزالها، إضافة إلى حالتها النفسية نتيجة المرض والحرب.

حذر تقرير دولي من أن كافة الفلسطينيين في قطاع غزة يواجهون مجاعة شديدة. ويواجه ما يقرب من نصف مليون شخص “الجوع الكارثي”، وهو الشكل الخامس والأسوأ من أشكال انعدام الأمن الغذائي.

وأرجع تقرير التصنيف المتكامل للأمن الغذائي، الذي أعدته بشكل مشترك 17 وكالة إنسانية تابعة للأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية دولية، هذا إلى تصعيد الإبادة الجماعية الإسرائيلية، واستمرار إغلاق المعابر الحدودية، ومنع استيراد الغذاء والدواء إلى قطاع غزة.

منذ الثاني من مارس/آذار، أغلقت إسرائيل المعابر الحدودية مع قطاع غزة أمام دخول المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية والبضائع. وبحسب التقارير الحكومية والحقوقية والدولية فإن ذلك أدى إلى تدهور كبير في الوضع الإنساني للفلسطينيين.

ويعتمد 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة بشكل كامل على هذه المساعدات بعد أن أصبحوا فقراء على مدى الأشهر التسعة عشر الماضية بسبب الإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها إسرائيل، وفقاً لبيانات البنك الدولي.

وتأتي هذه الأزمة الإنسانية على خلفية نزوح أكثر من 90% من الفلسطينيين في قطاع غزة من منازلهم؛ بعضهم قد تعرضوا لهذا الوضع أكثر من مرة. ويعيشون الآن في أماكن مكتظة أو في الهواء الطلق، مما يسهل انتشار الأمراض والأوبئة.


شارك