من بوابة السعودية.. ماذا يريد ترامب في زيارته للشرق الأوسط؟

في أول رحلة خارجية له في ولايته الثانية، اختار الرئيس الأميركي دونالد ترامب المملكة العربية السعودية كأولى وجهات جولته التي تشمل أيضاً زيارة الإمارات العربية المتحدة وقطر. ووصف البيت الأبيض الرحلة بأنها “تاريخية”. وتأتي الزيارة في إطار الجهود التي يبذلها الرئيس الأميركي لتحقيق التكامل بين الأهداف الاقتصادية والإستراتيجية والشخصية.
وبحسب تقرير لمجلة فورين أفيرز الأميركية، يأمل ترامب في إبرام صفقة أسلحة ضخمة بقيمة 100 مليار دولار مع السعودية خلال زيارته، كما يأمل في تشجيع الاستثمار من دول الخليج في الاقتصاد الأميركي. ويأمل ترامب أيضا في الاستفادة من جهود الرياض للظهور كشريك اقتصادي موثوق، خاصة بعد أن أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن استثمارات ضخمة بقيمة 600 مليار دولار في المملكة العربية السعودية بعد انتخاب ترامب.
النفط والضغط في الخليج
ويحاول ترامب استغلال الزيارة لإقناع دول الخليج بالحفاظ على أسعار النفط المنخفضة، خاصة بعد أن رفضت السعودية دعم السوق الأميركية خلال إدارة بايدن، ما أضر بها سياسيا وعزز إيرادات روسيا في مواجهة العقوبات الأميركية. لكن التقرير أشار أيضاً إلى أن انخفاض أسعار النفط يشكل تهديداً لميزانية المملكة العربية السعودية وخطط التنمية، مما يجعل القضية موضوع تفاوضي حساس ودقيق.
الغموض في السياسة الإقليمية
وفيما يتعلق بالوضع في إيران، لا يزال موقف إدارة ترامب تجاه طهران غامضا. إن الإقالة الرمزية لمستشار الأمن القومي مايكل والتز، الذي نسق الاستعدادات للعمل العسكري ضد إيران مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، تثير العديد من التساؤلات في منطقة الخليج حول ما إذا كان هذا يعكس تغييراً في السياسة أم أنه نتيجة لفوضى داخل الحكومة. ويثير هذا الغموض قلق دول الخليج، التي ليست على يقين ما إذا كانت واشنطن تسعى إلى الحرب أم السلام.
وتظل القضية الأكثر أهمية في المنطقة هي إيران. خلال زيارة ترامب الأخيرة إلى الرياض في عام 2017، كانت دول الخليج حريصة على تمكين المواجهة مع إيران. لكن بعد الهجمات الإيرانية المباشرة أو غير المباشرة على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في السنوات الأخيرة دون رد حاسم من الولايات المتحدة، بدأت هذه الدول بتغيير خططها. لتجنب التصعيد، تسعى الرياض إلى التقارب الهادئ مع طهران بوساطة الصين. إذا قررت إدارة ترامب الدخول في مواجهة عسكرية مع إيران، فإن دول الخليج ستطالب برد قد يشمل، من بين أمور أخرى، معاهدة دفاعية مشتركة رسمية، ومبيعات الأسلحة، وضمانات أمنية.
ورغم خطابه العدواني، أظهر ترامب ترددا في الدخول في حروب جديدة خلال ولايته الأولى، وعين مبعوثا للتفاوض على اتفاق نووي جديد مع طهران. لكن احتمالات نجاح هذه الجهود ضئيلة في ضوء الشروط التي فرضتها إدارته، مثل الوقف الكامل لتخصيب اليورانيوم. وإذا فشلوا، فقد يؤدي ذلك إلى الصراع الذي يريد ترامب في الواقع تجنبه. ومع ذلك، فإن الاتفاق النووي الجديد قد يساعد في تهدئة التوترات الإقليمية.
زيارة ذات أهداف كثيرة ونجاحات قليلة؟
وبحسب تقرير المجلة الأميركية، فإن زيارة ترامب، رغم طموحاته المعلنة، لن تؤدي إلا إلى مزيد من صفقات الأسلحة. لكن فرصته الحقيقية تكمن في الإعلان عن اتفاق نووي جديد مع إيران يستغل تراجع إيران، ويعيد تشكيل النظام الإقليمي، وبالتالي يقلل من خطر الحرب الشاملة. ومن الممكن أن يؤدي هذا الاتفاق أيضاً إلى إعادة ربط إيران بدول الخليج والحد من نفوذ حلفائها مثل حزب الله والحوثيين والمتمردين في سوريا.
وفي نهاية المطاف، تهدف زيارة ترامب، التي تبدأ رسميا في الرياض صباح الثلاثاء، إلى تحقيق أهداف سياسية وأمنية، وقبل كل شيء اقتصادية. يبدو وكأنه ليس لديه هدف واحد في ذهنه، بل سلسلة من الطموحات التي من الصعب أن تجمع في زيارة واحدة.