دراسة نفسية حديثة: الحلم مسكن قوي للذكريات المؤلمة

“إن الأحلام أثناء نومك تشبه يدًا لطيفة تلمس ذاكرتك أثناء نومك لتمحو بعض الألم الناتج عن تذكر تجربة مؤلمة سابقة!” هكذا وصف أحد أساتذة علم النفس وعلم الأعصاب نتائج دراسة مهمة نشرت هذا الشهر (نوفمبر) في مجلة Current Biology المرموقة.يصف الدكتور البروفيسور ماثيو ووكر من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، الذي أشرف على العمل التجريبي، مرحلة الحلم أثناء النوم كعملية تتعاون فيها الاستجابات العصبية والهرمونية المختلفة لمساعدة الشخص على نسيان الذكريات المؤلمة والأحداث التي عاشها.توصل فريق البحث في كلية الطب في بيركلي إلى فكرة إجراء هذه الدراسة بالصدفة البحتة عندما أخبر طبيب يعمل في مركز طبي للمحاربين القدامى زملاءه أنه قدم ملاحظة مهمة حول عقار يستخدم للسيطرة على ارتفاع ضغط الدم كأثر جانبي: هذا الدواء يخفف أيضًا من الكوابيس والأحلام المزعجة التي غالبًا ما تصيب المحاربين القدامى، المثقلين بالذكريات القاسية والمصابين بالألم والاكتئاب.أظهرت دراسة حول فعالية هذا الدواء أنه يقلل من إفراز هرمون النورادرينالين في الدماغ، مما يسمح بتخفيف التوتر والحصول على فترة من النوم العميق دون كوابيس وأحلام قلق.ومن المعروف أن الإنسان يقضي حوالي ثلث حياته في النوم. بين النوم المريح والنوم المتقطع تتغير الظروف وتختلف مراحل الحياة. ينقسم النوم عند الإنسان والثدييات والطيور إلى مرحلتين أساسيتين: الأولى تسمى مرحلة حركة العين السريعة، وخلالها يرى الإنسان أحلامه، والثانية تسمى العكس، وهي المرحلة التي تكون فيها العيون ثابتة أو لا تتحرك بسرعة. ركزت الدراسة على المرحلة التي يحلم فيها الشخص لتحديد تأثير الحلم على تفاصيل ذكرياته.تم إجراء الدراسة على 35 شخصًا سليمًا تم تقسيمهم إلى مجموعتين وعرض عليهم 150 صورة ذات معانٍ عاطفية عالية. تم عرض الصور على النصف الأول في الصباح وقبل النوم بقليل (على مدى فترة 12 ساعة)، في حين أكملت المجموعة الثانية التجربة وتم عرض الصور عليها مرة أخرى قبل النوم.تم تسجيل نشاط الدماغ في كلتا المجموعتين باستخدام تخطيط كهربية الدماغ والتصوير بالرنين المغناطيسي.أظهرت مقارنة بين الظواهر العصبية والهرمونية المسجلة في مناطق معينة من الدماغ المرتبطة بالنشاط العاطفي أن هذه الأنشطة تقل أثناء الأحلام وتظهر مراكز الدماغ علامات التوتر. يمكن تفسير ذلك بحقيقة أن الأحلام تعمل كمسكنات للألم وبالتالي يمكنها أن تجعل الذكريات المؤلمة تتلاشى.